المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَنَادَىٰٓ أَصۡحَٰبُ ٱلۡجَنَّةِ أَصۡحَٰبَ ٱلنَّارِ أَن قَدۡ وَجَدۡنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقّٗا فَهَلۡ وَجَدتُّم مَّا وَعَدَ رَبُّكُمۡ حَقّٗاۖ قَالُواْ نَعَمۡۚ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنُۢ بَيۡنَهُمۡ أَن لَّعۡنَةُ ٱللَّهِ عَلَى ٱلظَّـٰلِمِينَ} (44)

44- ونادى أهل الجنة أهل النار قائلين : قد وجدنا ما وعدنا ربنا من الثواب حقا ، فهل وجدتم ما وعد ربكم من العذاب حقا ؟ فأجابوهم : نعم ، فنادى مناد بين أهل الجنة وأهل النار : إن الحرمان أو الطرد من رحمة اللَّه جزاء الظالمين لأنفسهم بالكفر والضلال .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَنَادَىٰٓ أَصۡحَٰبُ ٱلۡجَنَّةِ أَصۡحَٰبَ ٱلنَّارِ أَن قَدۡ وَجَدۡنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقّٗا فَهَلۡ وَجَدتُّم مَّا وَعَدَ رَبُّكُمۡ حَقّٗاۖ قَالُواْ نَعَمۡۚ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنُۢ بَيۡنَهُمۡ أَن لَّعۡنَةُ ٱللَّهِ عَلَى ٱلظَّـٰلِمِينَ} (44)

37

ثم يستمر العرض ، فإذا نحن أمام مشهد لاحق للمشهد السابق . . لقد اطمأن أصحاب الجنة إلى دارهم ؛ واستيقن أصحاب النار من مصيرهم . وإذا الأولون ينادون الآخرين ، يسألونهم عما وجدوه من وعد الله القديم :

( ونادى أصحاب الجنة أصحاب النار : أن قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقاً ، فهل وجدتم ما وعد ربكم حقاً ؟ قالوا : نعم ! فأذن مؤذن بينهم : أن لعنة الله على الظالمين . الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجاً وهم بالآخرة كافرون ) . .

وفي هذا السؤال من السخرية المرة ما فيه . . إن المؤمنين على ثقة من تحقق وعيد الله كثقتهم من تحقق وعده . ولكنهم يسألون !

ويجيء الجواب في كلمة واحدة . . نعم . . !

وعندئذ ينتهي الجواب ، ويقطع الحوار :

( فأذن مؤذن بينهم : أن لعنة الله على الظالمين ) .

فيتحدد معنى ( الظالمين ) المقصود . وهو مرادف لمعنى ( الكافرين ) .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَنَادَىٰٓ أَصۡحَٰبُ ٱلۡجَنَّةِ أَصۡحَٰبَ ٱلنَّارِ أَن قَدۡ وَجَدۡنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقّٗا فَهَلۡ وَجَدتُّم مَّا وَعَدَ رَبُّكُمۡ حَقّٗاۖ قَالُواْ نَعَمۡۚ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنُۢ بَيۡنَهُمۡ أَن لَّعۡنَةُ ٱللَّهِ عَلَى ٱلظَّـٰلِمِينَ} (44)

يخبر تعالى بما يخاطب أهل الجنة أهل النار إذا استقروا في منازلهم ، وذلك على وجه التقريع والتوبيخ : { أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا [ فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا ] }{[11748]} أن " هاهنا مفسِّرة للقول المحذوف ، و " قد " للتحقيق ، أي : قالوا لهم : { قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قَالُوا نَعَمْ } كما أخبر تعالى في سورة " الصافات " عن الذي كان له قرين من الكفار : { فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ * قَالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ * وَلَوْلا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ * أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ * إِلا مَوْتَتَنَا الأولَى وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ } [ الآيات : 55 - 59 ]

أي : ينكر عليه مقالته التي يقولها في الدنيا ، ويقرعه بما صار إليه من العذاب والنكال ، وكذا{[11749]} تقرعهم الملائكة يقولون لهم : { هَذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ * أَفَسِحْرٌ هَذَا أَمْ أَنْتُمْ لا تُبْصِرُونَ * اصْلَوْهَا فَاصْبِرُوا أَوْ لا تَصْبِرُوا سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } [ الطور : 14 - 16 ] وكذلك قرع رسولُ الله صلى الله عليه وسلم قتلى القليب يوم بدر ، فنادى : " يا أبا جهل بن هشام ، ويا عتبة بن ربيعة ، ويا شيبة بن ربيعة - وسمى رءوسهم - : هل وجدتم ما وعد ربكم حقًا ؟ فإني وجدت ما وعدني ربي حقًا " . وقال{[11750]} عمر : يا رسول الله ، تخاطب قومًا قد جَيفوا ؟ فقال : " والذي نفسي بيده ، ما أنتم بأسمع لما أقول منهم ، ولكن لا يستطيعون أن يجيبوا " . {[11751]}

وقوله : { فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ } أي : أعلم معلم ونادى مُنَاد : { أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ } أي : مستقرة عليهم .


[11748]:زيادة من ك، م.
[11749]:في م: "وكذلك".
[11750]:في ك، م: "فقال".
[11751]:رواه البخاري في صحيحه برقم (3980) ومسلم في صحيحه برقم (932) من حديث عبد الله بن عمر، رضي الله عنهما.
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَنَادَىٰٓ أَصۡحَٰبُ ٱلۡجَنَّةِ أَصۡحَٰبَ ٱلنَّارِ أَن قَدۡ وَجَدۡنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقّٗا فَهَلۡ وَجَدتُّم مَّا وَعَدَ رَبُّكُمۡ حَقّٗاۖ قَالُواْ نَعَمۡۚ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنُۢ بَيۡنَهُمۡ أَن لَّعۡنَةُ ٱللَّهِ عَلَى ٱلظَّـٰلِمِينَ} (44)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَنَادَىَ أَصْحَابُ الْجَنّةِ أَصْحَابَ النّارِ أَن قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبّنَا حَقّاً فَهَلْ وَجَدتّم مّا وَعَدَ رَبّكُمْ حَقّاً قَالُواْ نَعَمْ فَأَذّنَ مُؤَذّنٌ بَيْنَهُمْ أَن لّعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظّالِمِينَ } .

يقول تعالى ذكره : ونادى أهل الجنة أهل النار بعد دخولهموها : يا أهل النار قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقّا في الدنيا على ألسن رسله من الثواب على الإيمان به وبهم وعلى طاعته ، فهل وجدتم ما وعدكم ربكم على ألسنتهم على الكفر به وعلى معاصيه من العقاب ؟ فأجابهم أهل النار بأن نعم ، قد وجدنا ما وعد ربنا حقّا . كالذي :

حدثني محمد بن الحسين ، قال : حدثنا أحمد بن مفضل ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ : وَنادَى أصحَابُ الجَنّةِ أصحَابَ النّارِ أنْ قَدْ وَجَدْنا ما وَعَدَنَا رَبّنا حَقّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ ما وَعَدَ رَبّكُمْ حَقّا قالُوا نَعَمْ قال : وجد أهل الجنة ما وعدوا من ثواب ، وأهل النار ما وعدوا من عقاب .

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : وَنادَى أصحَابُ الجَنّةِ أصحَابَ النّارِ أنْ قَدْ وَجَدْنا ما وَعَدَنا رَبّنا حَقّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ ما وعَدَ رَبّكُمْ حَقّا وذلك أن الله وعد أهل الجنة النعيم والكرامة وكلّ خير علمه الناس أو لم يعلموه ، ووعد أهل النار كلّ خزي وعذاب علمه الناس أو لم يعلموه فذلك قوله : وآخَرُ مِنْ شَكْلِهٍ أزْوَاجٌ قال : فنادى أصحاب الجنة أصحاب النار أنْ قَدْ وَجَدْنا ما وَعَدَنا رَبّنا حَقّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ ما وَعَدَ رَبّكُمْ حَقّا قالُوا نَعَمْ يقول : من الخزي والهوان والعذاب ، قال أهل الجنة : فإنا قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقّا من النعيم والكرامة . فأذّنَ مُؤَذّنٌ بَيْنَهُمْ أنْ لَعْنَةُ اللّهِ على الظّالِمينَ .

واختلف القرّاء في قراءة قوله : قالُوا نَعَمْ فقرأ ذلك عامة قرّاء أهل المدينة والكوفة والبصرة : قالُوا نَعَمْ بفتح العين من «نعم » . ورُوي عن بعض الكوفيين أنه قرأ : «قالُوا نَعِمْ » بكسر العين ، وقد أنشد بيتا لبني كلب :

«نَعِمْ » إذَا قالَهَا مِنْهُ مُحَقّقَةٌ ***وَلا تجيءُ «عَسَى » مِنْهُ وَلا «قَمَنُ »

بكسر «نَعِم » .

قال أبو جعفر : والصواب من القراءة عندنا : نَعَمْ بفتح العين ، لأنها القراءة المستفيضة في قرّاء الأمصار واللغة المشهورة في العرب .

وأما قوله : فَأذّنَ مُؤَذّنٌ بَيْنَهُمْ يقول : فنادى منادٍ ، وأعلم معلم بينهم ، أنْ لَعَنَةُ اللّهِ على الظّالِمِينَ يقول : غضب الله وسخطه وعقوبته على من كفر به . وقد بيّنا القول في «أن » إذا صحبت من الكلام ما ضارع الحكاية وليس بصريح الحكاية ، بأنها تشدّدها العرب أحيانا وتوقع الفعل عليها فتفتحها وتخففها أحيانا ، وتعمل الفعل فيها فتنصبها به وتبطل عملها عن الاسم الذي يليها فيما مضى ، بما أغني عن إعادته في هذا الموضع . وإذ كان ذلك كذلك ، فسواء شُدّدت «أن » أو خففت في القراءة ، إذ كان معنى الكلام بأيّ ذلك قرأ القارىء واحدا ، وكانتا قراءتين مشهورتين في قراءة الأمصار .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَنَادَىٰٓ أَصۡحَٰبُ ٱلۡجَنَّةِ أَصۡحَٰبَ ٱلنَّارِ أَن قَدۡ وَجَدۡنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقّٗا فَهَلۡ وَجَدتُّم مَّا وَعَدَ رَبُّكُمۡ حَقّٗاۖ قَالُواْ نَعَمۡۚ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنُۢ بَيۡنَهُمۡ أَن لَّعۡنَةُ ٱللَّهِ عَلَى ٱلظَّـٰلِمِينَ} (44)

{ ونادى أصحاب الجنة أصحاب النار أن قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا } إنما قالوه تبجحا بحالهم وشماتة بأصحاب النار وتحسيرا لهم ، وإنما لم يقل ما وعدكم كما قال { ما وعدنا } لان ما ساءهم من الموعود لم يكن بأسره مخصوصا وعده بهم ، كالبعث والحساب ونعيم أهل الجنة . { قالوا نعم } وقرأ الكسائي بكسر العين وهما لغتان . { فأذن مؤذّن } قيل هو صاحب الصور . { بينهم } بين الفريقين . { أن لعنة الله على الظالمين } وقرأ ابن كثير في رواية للبزي وابن عامر وحمزة والكسائي { أن لعنة الله } بالتشديد والنصب . قرئ { إن } بالكسر على إرادة القول أو إجراء أذن مجرى قال .