فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَنَادَىٰٓ أَصۡحَٰبُ ٱلۡجَنَّةِ أَصۡحَٰبَ ٱلنَّارِ أَن قَدۡ وَجَدۡنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقّٗا فَهَلۡ وَجَدتُّم مَّا وَعَدَ رَبُّكُمۡ حَقّٗاۖ قَالُواْ نَعَمۡۚ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنُۢ بَيۡنَهُمۡ أَن لَّعۡنَةُ ٱللَّهِ عَلَى ٱلظَّـٰلِمِينَ} (44)

{ ونادى أصحاب الجنة أصحاب النار أن قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا قالوا نعم فأذن مؤذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين 44 الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا وهم بالآخرة كافرون 45 } .

{ ونادى أصحاب الجنة أصحاب النار } بعد استقرار أهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار ، ويقول أهل الجنة يا أهل النار ، وهذه المناداة لم تكن لقصد الأخبار لهم مما نادوهم به بل لقصد تبكيتهم وإيقاع الحسرة في قلوبهم { أن قد وجدنا } هو نفس النداء أي إنا قد وصلنا إلى { ما وعدنا ربنا حقا } أي ما وعدنا الله به من النعم على ألسنة رسله { فهل وجدتم } أي وصلتم إلى { ما وعد } به { ربكم حقا } أي من العذاب الأليم ، والاستفهام هو للتقريع والتوبيخ .

{ قالوا نعم } وجدنا ذلك حقا ، وظاهر الآية يفيد العموم ، والجمع إذا قابل الجمع يوزع الفرد على الفرد فكل فريق من أهل الجنة ينادي من كان يعرفه من الكفار في دار الدنيا { فأذن مؤذن } أي فنادى مناد { بينهم } أي بين الفريقين قيل المنادي هو من الملائكة ، وقيل إنه إسرافيل ذكره الواحدي ، وأخرج ابن أبي شيبة وأبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم لما وقف على قليب بدر تلا هذه الآية { أن لعنة الله على الظالمين } أي يقول المؤذن هذا القول .