فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَنَادَىٰٓ أَصۡحَٰبُ ٱلۡجَنَّةِ أَصۡحَٰبَ ٱلنَّارِ أَن قَدۡ وَجَدۡنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقّٗا فَهَلۡ وَجَدتُّم مَّا وَعَدَ رَبُّكُمۡ حَقّٗاۖ قَالُواْ نَعَمۡۚ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنُۢ بَيۡنَهُمۡ أَن لَّعۡنَةُ ٱللَّهِ عَلَى ٱلظَّـٰلِمِينَ} (44)

مناداة أصحاب الجنة لأصحاب النار لم تكن لقصد الإخبار لهم بما نادوهم به ، بل لقصد تبكيتهم وإيقاع الحسرة في قلوبهم ، و{ أَن قَدْ وَجَدْنَا } هو نفس النداء : أي إنا قد وصلنا إلى ما وعدنا الله به من النعيم ، فهل وصلتم إلى ما وعدكم الله به من العذاب الأليم ، والاستفهام هو للتقريع والتوبيخ . وحذف مفعول وعد الثاني لكون الوعد لم يكن لهم بخصوصهم ، بل لكل الناس كالبعث والحساب والعقاب . وقيل : حذف لإسقاط الكفار عن رتبة التشريف بالخطاب عند الوعد { قَالُواْ نَعَمْ } أي وجدنا ما وعدنا ربنا حقاً . وقرأ الأعمش والكسائي «نعم » بكسر العين . قال مكي : من قال " نعم " بكسر العين فكأنه أراد أن يفرّق بين نعم التي جواب وبين نعم التي هي اسم للبقر والغنم والإبل . والمؤذن : المنادي ، أي فنادى مناد بينهم : أي بين الفريقين ؛ قيل : هو من الملائكة { أَن لَّعْنَةُ الله عَلَى الظالمين } قرأ ابن عامر ، وحمزة ، والكسائي ، والبزي ، بتشديد { أن } وهو الأصل . وقرأ الباقون بالتخفيف على أنها المخففة من الثقيلة أو المفسرة . وقرأ الأعمش بكسر همزة " إن " على إضمار القول .

/خ49