السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَنَادَىٰٓ أَصۡحَٰبُ ٱلۡجَنَّةِ أَصۡحَٰبَ ٱلنَّارِ أَن قَدۡ وَجَدۡنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقّٗا فَهَلۡ وَجَدتُّم مَّا وَعَدَ رَبُّكُمۡ حَقّٗاۖ قَالُواْ نَعَمۡۚ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنُۢ بَيۡنَهُمۡ أَن لَّعۡنَةُ ٱللَّهِ عَلَى ٱلظَّـٰلِمِينَ} (44)

{ ونادى أصحاب } أي : أهل { الجنة أصحاب } أي : أهل { النار } أي : يقول أهل الجنة يا أهل النار { أن قد وجدنا ما وعدنا ربنا } أي : في الدنيا على لسان الرسل من الثواب على الإيمان به وبرسله وطاعته { حقاً فهل وجدتم ما وعد ربكم } أي : من العذاب على الكفر { حقاً قالوا } أي : قال أهل النار مجيبين لأهل الجنة { نعم } وجدنا ذلك حقاً وهذا النداء إنما يكون بعد استقرار أهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار .

فإن قيل : الجنة في السماء والنار في الأرض فكيف يصح أن يقع هذا النداء ؟ أجيب : بأن الله قادر على أن يقوّي الأصوات والأسماع فيصير البعيد كالقريب .

فإن قيل : هذا النداء من كل أهل الجنة لكل أهل النار أو من البعض للبعض ؟ أجيب : بأن ظاهر الآية العموم ويحتمل في كل واحد من أهل الجنة ينادي من كان يعرف من الكفار في دار الدنيا والله أعلم بحقيقة ذلك ، وقرأ الكسائي بكسر العين والباقون بالفتح وهما لغتان { فأذن مؤذن } أي : وهو إسرافيل صاحب الصور كما قاله ابن عباس ، وقيل : واحد من الملائكة وأصل الأذان في اللغة الإعلام والمعنى نادى مناد { بينهم } أي : الفريقين أسمعهم { أن لعنت الله على الظالمين } وقرأ البزيّ وابن عامر وحمزة والكسائي بتشديد أنّ ونصب التاء والباقون بتخفيف أن ورفع التاء .