المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَٱلۡفَجۡرِ} (1)

مقدمة السورة:

بدأت هذه السورة بأقسام تناولت ظواهر متعددة ، وتوجه النظر إلى آثار القدرة على أن المنكرين لله والبعث معذبون ، كما عذب الذين كذبوا من قبل ، وأخذت السورة تقرر سنن الله في ابتلاء عباده بالخير والشر ، وأن عطاءه وإمساكه ليس دليل رضاه أو سخطه ، وتوجه الحديث للمخاطبين بأن أحوالهم تكشف عن شدة حرصهم وشحهم ، ثم تختم بالإشارة إلى ما يكون من ندم المفرطين وتمنيهم أن لو قدموا من الصالحات ما ينجيهم ، مما يعاينونه من أهوال يوم القيامة ، وإلى ما يكون من إيناس النفس المطمئنة التي قدمت الصالحات ولم تفرط ، ودعوتها إلى الدخول مع المكرمين من عباد الله في جنة الله .

1- أقسم بضوء الصبح عند مطاردته الليل .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَٱلۡفَجۡرِ} (1)

مقدمة السورة:

سورة الفجر مكية . . وآياتها ثلاثون

هذه السورة في عمومها حلقة من حلقات هذا الجزء في الهتاف بالقلب البشري إلى الإيمان والتقوى واليقظة والتدبر . . ولكنها تتضمن ألوانا شتى من الجولات والإيقاعات والظلال . ألوانا متنوعة تؤلف من تفرقها وتناسقها لحنا واحدا متعدد النغمات موحد الإيقاع !

في بعض مشاهدها جمال هادئ رفيق ندي السمات والإيقاعات ، كهذا المطلع الندي بمشاهده الكونية الرقيقة ، وبظل العبادة والصلاة في ثنايا تلك المشاهد . . " والفجر . وليال عشر . والشفع والوتر . والليل إذا يسر " . . .

وفي بعض مشاهدها شد وقصف . سواء مناظرها أو موسيقاها كهذا المشهد العنيف المخيف : " كلا . إذا دكت الأرض دكا دكا . وجاء ربك والملك صفا صفا . وجيء يومئذ بجهنم . يومئذ يتذكر الإنسان وأنى له الذكرى . يقول : يا ليتني قدمت لحياتي . فيومئذ لا يعذب عذابه أحد ولا يوثق وثاقه أحد " . .

وفي بعض مشاهدها نداوة ورقة ورضى يفيض وطمأنينة . تتناسق فيها المناظر والأنغام ، كهذا الختام : " يا أيتها النفس المطمئنة ، ارجعي إلى ربك راضية مرضية . فادخلي في عبادي وادخلي جنتي " . .

وفيها إشارات سريعة لمصارع الغابرين المتجبرين ، وإيقاعها بين بين . بين إيقاع القصص الرخي وإيقاع المصرع القوي : " ألم تر كيف فعل ربك بعاد . إرم ذات العماد . التي لم يخلق مثلها في البلاد . وثمود الذين جابوا الصخر بالواد . وفرعون ذي الأوتاد الذين طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد . فصب عليهم ربك سوط عذاب . إن ربك لبالمرصاد " .

وفيها بيان لتصورات الإنسان غير الإيمانية وقيمه غير الإيمانية . وهي ذات لون خاص في السورة تعبيرا وإيقاعا : " فأما الإنسان إذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ونعمه فيقول : ربي أكرمن . وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول : ربي أهانن " . . .

ثم الرد على هذه التصورات ببيان حقيقة حالهم التي تنبع منها هذه التصورات . وهي تشمل لونين من ألوان العبارة والتنغيم : " كلا . بل لا تكرمون اليتيم . ولا تحاضون على طعام المسكين . وتأكلون التراث أكلا لما ، وتحبون المال حبا جما " . .

ويلاحظ أن هذا اللون الأخير هو قنطرة بين تقرير حالهم وما ينتظرهم في مآلهم . فقد جاء بعده : " كلا إذا دكت الأرض دكا دكا " . . الخ . . فهو وسط في شدة التنغيم بين التقرير الأول والتهديد الأخير !

ومن هذا الاستعراض السريع تبدو الألوان المتعددة في مشاهد السورة . وإيقاعاتها في تعبيرها وفي تنغيمها . . كما يبدو تعدد نظام الفواصل وتغير حروف القوافي . بحسب تنوع المعاني والمشاهد . فالسورة من هذا الجانب نموذج واف لهذا الأفق من التناسق الجمالي في التعبير القرآني . فوق ما فيها عموما من جمال ملحوظ مأنوس !

فأما أغراض السورة الموضوعية التي يحملها هذا التعبير المتناسق الجميل . فنعرضها فيما يلي بالتفصيل :

" والفجر وليال عشر . والشفع والوتر . والليل إذا يسر . هل في ذلك قسم لذي حجر ؟ " . .

هذا القسم في مطلع السورة يضم هذه المشاهد والخلائق . ذات الأرواح اللطيفة المأنوسة الشفيقة : " والفجر " . . ساعة تنفس الحياة في يسر ، وفرح ، وابتسام ، وإيناس ودود ندي ، والوجود الغافي يستيقظ رويدا رويدا ، وكأن أنفاسه مناجاة ، وكأن تفتحه ابتهال !

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَٱلۡفَجۡرِ} (1)

مقدمة السورة:

تفسير سورة الفجر

وهي مكية .

قال النسائي : أخبرنا عبد الوهاب بن الحكم ، أخبرني يحيى بن سعيد ، عن سليمان ، عن محارب بن دِثار وأبي صالح ، عن جابر قال : صلى معاذ صلاةً ، فجاء رجل فصلى معه فطَول ، فصلى في ناحية المسجد ثم انصرف ، فبلغ ذلك معاذا فقال : منافق . فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فسأل الفتى ، فقال : يا رسول الله ، جئت أصلي معه فَطَوّل عَلَيّ ، فانصرفت وصليتُ في ناحية المسجد ، فعلفت ناضحي . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أفَتَّان يا معاذ ؟ أين أنت مِن { سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعْلَى } { وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا } { وَالْفَجْرِ } { وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى }{[1]} .

أما الفجر فمعروف ، وهو : الصبح . قاله علي ، وابن عباس ، ومجاهد ، وعكرمة ، والسدي . وعن مسروق ، ومجاهد ، ومحمد بن كعب : المراد به فجر يوم النحر خاصة ، وهو خاتمة الليالي العشر .

وقيل : المراد بذلك الصلاة التي تفعل عنده ، كما قاله عكرمة .

وقيل : المراد به جميع النهار . وهو رواية عن ابن عباس .


[1]:زيادة من أ.
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَٱلۡفَجۡرِ} (1)

بسم الله الرحمَن الرحيم

القول في تأويل قوله تعالى : { وَالْفَجْرِ * وَلَيالٍ عَشْرٍ * وَالشّفْعِ وَالْوَتْرِ * وَاللّيْلِ إِذَا يَسْرِ * هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لّذِى حِجْرٍ } .

هذا قسم أقسم ربنا جلّ ثناؤه بالفجر ، وهو فجر الصبح .

واختلف أهل التأويل في الذي عُني بذلك ، فقال بعضهم : عُنِي به النهار . ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن الأغرّ المِنقريّ ، عن خليفة بن الحصين ، عن أبي نصر ، عن ابن عباس ، قوله : وَالْفَجْرِ قال : النهار .

وقال آخرون : عُنِي به صلاة الصبح . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن سعيد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : والْفَجْرِ يعني : صلاة الفجر .

وقال آخرون : هو فجر الصبح . ذكر من قال ذلك :

حدثني يعقوب ، قال : حدثنا ابن عُلَية ، قال : أخبرنا عاصم الأحول ، عن عكرِمة ، في قوله : والْفَجْرِ قال : الفجر : فجر الصبح .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرني عمر بن قيس ، عن محمد بن المرتفع ، عن عبد الله بن الزبير أنه قال : والْفَجْرِ قال : الفجر : قسم أقسم الله به .