المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{ٱلرَّحۡمَٰنُ} (1)

مقدمة السورة:

أخذت هذه السورة في تعداد آلاء الله ونعمه ، بادئة بعد ذكر الرحمن بذكر أشرف نعمة : وهي تعليم القرآن الكريم ، ثم سارت الآيات في عرض هذه الآلاء في صورة توضح عظمة خالقها جل شأنه ، وتبرز قدرته وسلطانه على الإنس والجن في السماوات والأرض .

وقد عرضت لعذاب المجرمين المكذبين في جهنم ، وأفاضت في نعيم المتقين في الجنة .

وختمت السورة بتنزيه الله تعالى والثناء عليه .

وقد ذكرت في السورة آية " فبأي آلاء ربكما تكذبان " إحدى وثلاثين مرة على طريقة القرآن الكريم في التكرير المستحسن الذي يقتضيه المقام ، كل واحدة منها تقرع المكذبين على تكذبيهم نعم الله في الآية قبلها .

1 - الرحمن . علَّم الإنسان القرآن ويسَّره له

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{ٱلرَّحۡمَٰنُ} (1)

مقدمة السورة:

سورة الرحمن مدنية وآياتها ثمان وسبعون

هذه السورة المكية ذات نسق خاص ملحوظ . إنها إعلان عام في ساحة الوجود الكبير ، وأعلام بآلاء الله الباهرة الظاهرة ، في جميل صنعه ، وإبداع خلقه ؛ وفي فيض نعمائه ؛ وفي تدبيره للوجود وما فيه ؛ وتوجه الخلائق كلها إلى وجهه الكريم . . وهي إشهاد عام للوجود كله على الثقلين : الإنس والجن المخاطبين بالسورة على السواء ، في ساحة الوجود ، على مشهد من كل موجود ، مع تحديهما إن كانا يملكان التكذيب بآلاء الله ، تحديا يتكرر عقب بيان كل نعمة من نعمه التي يعددها ويفصلها ، ويجعل الكون كله معرضا لها ، وساحة الآخرة كذلك .

ورنة الإعلان تتجلى في بناء السورة كله ، وفي إيقاع فواصلها . . تتجلى في إطلاق الصوت إلى أعلى ، وامتداد التصويت إلى بعيد ؛ كما تتجلى في المطلع الموقظ الذي يستثير الترقب والإنتظار لما يأتي بعد المطلع من أخبار . . الرحمن . . كلمة واحدة . مبتدأ مفردا . . الرحمن كلمة واحدة في معناها الرحمة ، وفي رنتها الإعلان ، والسورة بعد ذلك بيان للمسات الرحمة ومعرض لآلاء الرحمن .

ويبدأ معرض الآلاء بتعليم القرآن بوصفه المنة الكبرى على الإنسان . تسبق في الذكر خلق الإنسان ذاته وتعليمه البيان .

ثم يذكر خلق الإنسان ، ومنحه الصفة الإنسانية الكبرى . . البيان . .

ومن ثم يفتح صحائف الوجود الناطقة بآلاء الله . . الشمس والقمر والنجم والشجر والسماء المرفوعة . والميزان الموضوع . والأرض وما فيها من فاكهة ونخل وحب وريحان . والجن والإنس . والمشرقان والمغربان . والبحران بينهما برزخ لا يبغيان ، وما يخرج منهما وما يجري فيهما .

فإذا تم عرض هذه الصحائف الكبار . عرض مشهد فنائها جميعا . مشهد الفناء المطلق للخلائق ، في ظل الوجود المطلق لوجه الله الكريم الباقي . الذي إليه تتوجه الخلائق جميعا ، ليتصرف في أمرها بما يشاء .

وفي ظل الفناء المطلق والبقاء المطلق يجيء التهديد المروع والتحدي الكوني للجن والإنس : ( سنفرغ لكم أيها الثقلان . فبأي آلاء ربكما تكذبان . يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات والأرض فانفذوا . لا تنفذون إلا بسلطان . فبأي آلاء ربكما تكذبان ، يرسل عليكما شواظ من نار ونحاس فلا تنتصران . فبأي آلاء ربكما تكذبان ? ) . .

ومن ثم يعرض مشهد النهاية . مشهد القيامة . يعرض في صورة كونية . يرتسم فيها مشهد السماء حمراء سائلة ، ومشهد العذاب للمجرمين ، والثواب للمتقين في تطويل وتفصيل .

ثم يجيء الختام المناسب لمعرض الآلاء : ( تبارك اسم ربك ذي الجلال والإكرام ) . .

إن السورة كلها إعلان عام في ساحة الوجود الكبير . إعلان ينطلق من الملأ الأعلى ، فتتجاوب به أرجاء الوجود . ويشهده كل من في الوجود وكل ما في الوجود . .

( الرحمن ) . . . . . . . . . . .

هذا المطلع المقصود بلفظه ومعناه ، وإيقاعه وموسيقاه .

( الرحمن ) . . . . . . . . . . .

بهذا الرنين الذي تتجاوب أصداؤه الطليقة المديدة المدوية في أرجاء هذا الكون ، وفي جنبات هذا الوجود .

( الرحمن ) . . . . . . . . . . .

بهذا الإيقاع الصاعد الذاهب إلى بعيد ، يجلجل في طباق الوجود ، ويخاطب كل موجود ؛ ويتلفت على رنته كل كائن ، وهو يملأ فضاء السماوات والأرض ، ويبلغ إلى كل سمع وكل قلب . .

( الرحمن ) . . . . . . . . . . .

ويسكت . وتنتهي الآية . ويصمت الوجود كله وينصت ، في ارتقاب الخبر العظيم . بعد المطلع العظيم .

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{ٱلرَّحۡمَٰنُ} (1)

مقدمة السورة:

تفسير سورة الرحمن

أهداف سورة لرحمن

سورة الرحمن مدنية ، وآياتها 78 آية ، نزلت بعد سورة الرعد

وتتميز سورة الرحمن بجرسها وقصر آياتها وتعاقب الآيات : { الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآَنَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ* عَلَّمَهُ الْبَيَانَ } . فنسمع هذا الرنين الأخاذ ، والإيقاع الصاعد الذاهب إلى بعيد ، والنعم المتعددة بتعليم القرآن ، وخلق الإنسان ، وتعليم البيان . . وكل هذه النعم مصدرها رحمة الرحيم الرحمن ، صاحب الفضل والإنعام ، فإذا استرسلنا في قراءة السورة رأينا حشدا من مظاهر النعم ، وآلاء الله الباهرة الظاهرة في جميل صنعه ، وإبداع خلقه ، وفي فيض نعمائه ، وفي تدبيره للوجود وما فيه ، وتوجيه الخلائق كلها إلى وجهه الكريم .

وسورة الرحمن إشهاد عام للوجود كله على الثقلين : الإنس والجن ، إشهاد في ساحة الوجود ، على مشهد من كل موجود ، مع تحدٍّ للجن والإنس إن كانا يملكان التكذيب بآلاء الله ، تحديا يتكرر عقب بيان كل نعمة من نعمه التي يعددها ويفصِّّلها ، ويجعل الكون كله معرضا لها ، وساحة الآخرة كذلك .

فبأي آلاء ربكما تكذبان

تكررت هذه الآية في السورة إحدى وثلاثين مرة ، لتذكر الإنس والجن بنعم الله الجزيلة عليهم ، بأسلوب معجز يتحدى بلغاء العرب ، ولاشك أن هذه النعم الضافية التي أسبغها ربهم عليهم ، تستحق من العباد الشكر والإيمان ، لا الكفر والطغيان .

والآلاء جمع إلى وهي النعمة ، أي نعم الله عليكم وافرة ، ترونها أمامكم وخلفكم وفوقكم وتحتكم ، فبأي هذه النعم تكذبان ؟ والخطاب هنا للجن والإنس لتذكيرهما بالأفضال المتلاحقة من الله ، ولا يستطيعان أن يكذبا أو يجحدا أي نعمة من هذه النعم .

روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج على أصحابه فقرأ عليهم سورة الرحمن من أولها إلى آخرها فسكتوا ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " لقد قرأتها على الجن فكانوا أحسن ردًّا منكم ، كنت كلما أتيت على قوله : فَبِأَيِّ آَلاَءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَان . قالوا : لا بشيء من نعمك نكذب فلك الحمد " .

كما روي أن قيس بن عاصم المنقري جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له : يا محمد ، اتل عليّ شيئا مما أنزل عليك ، فتلا عليه سورة الرحمن ، فقال : أعدها ، فأعادها صلى الله عليه وسلم ، فقال : والله إن له لحلاوة ، وإن عليه لطلاوة ، وأسفله مغدق ، وأعلاه مثمر ، وما يقول هذا بشر ، وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله .

المعنى الإجمالي للسورة

المنة على الخلق بتعليم القرآن وتلقين البيان ، ولفت أنظارهم إلى صحائف الوجود الناطقة بآلاء الله . . الشمس والقمر ، والنجم والشجر ، والسماء المرفوعة ، والميزان الموضوع ، والأرض وما فيها من فاكهة ونخل وحب وريحان . والجن والإنس ، والمشرقين والمغربين ، والبحرين بينهما برزخ لا يبغيان وما يخرج منهما وما يجري فيهما .

فإذا تم عرض هذه الصحائف الكبار ، عرض مشهد فنائها جميعا ، مشهد الفناء المطلق للخلائق ، في ظل الوجود المطلق لوجه الله الكريم الباقي ، الذي إليه تتوجه الخلائق جميعا ليتصرف في أمرها بما يشاء ، قال تعالى : { كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ } . ( الرحمن : 26-27 )

وفي ظل الفناء المطلق للإنسان ، والبقاء المطلق للرحمن ، يجيء التهديد المروع والتحدي الكوني للجن والإنس ، ومن ثم يعرض مشهد النهاية ، مشهد القيامة يعرض في صورة كونية ، يرتسم فيها مشهد السماء حمراء سائلة ، ومشهد العذاب للمجرمين ، ثم يعرض ألوان الثواب للمتقين ، ويصف الجنة وما فيها من نعيم مقيم أعده الله للمتقين ، ويبين أن منازل الجنات مختلفة ، ونعيمها متفاوت ، والجزاء على قدر العمل .

كل يوم هو في شأن

قال المفسرون : شئون يبديها لا شئون يبتديهاi ، فهو سبحانه صاحب التدبير الذي لا يشغله شأن عن شأن ، ولا يند عن علمه ظاهر ولا خَافِ ، والخلق كلهم يسألونه ، فهو مناط السؤال ، وغيره لا يسأل ، وهو معقد الرجاء ومظنة الجواب .

وهذا الوجود الذي لا نعرف له حدودا كله منوط بقدره ، متعلق بمشيئته ، وهو سبحانه قائم بتدبيره .

هذا التدبير الذي يتبع ما ينبت ، وما يسقط من ورقة ، وما يكمن من حبة في ظلمات الأرض ، وكل رطب وكل يابس ، يتبع الأسماك في بحارها ، والديدان في مساربها ، والوحوش في أوكارها ، والطيور في أعشاشها ، وكل بيضة وكل فرخ ، وكل خلية في جسم حي .

تفسير النسفي للآية :

في تفسير قوله تعالى : { يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ } . ( الرحمن : 29 ) ، قال النسفي : يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ . . . كل من في السماوات والأرض مفتقرون إليه ، فيسأله أهل السماوات ما يتعلق بدينهم ، وأهل الأرض ما يتعلق بدينهم ودنياهم .

كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ : كلَّ وقت وحين يُحدث أمورا ويُجدد أحوالا ، كما روى أنه صلى الله عليه وسلم تلاها ، فقيل له : وما ذلك الشأن ؟ فقال : " من شأنه أن يغفر ذنبا ويفرّج كربا ، ويرفع قوما ويضع آخرين " .

وعن ابن عيينة : الدهر عند الله يومان ، أحدهما اليوم الذي هو مدة الدنيا فشأنه فيه الأمر والنهي ، والإحياء والإماتة ، والإعطاء والمنع . واليوم الآخر هو يوم القيامة فشأنه فيه الجزاء والحساب .

وقيل : نزلت في اليهود حين قالوا : إن الله لا يقضي يوم السبت شأنا .

وسأل بعض الملوك وزيره عن الآية ، فاستمهله إلى الغد ، وذهب كئيبا يفكر فيها ، فقال غلام له أسود : يا مولاي ، أخبرني ما أصابك ، فأخبره ، فقال الغلام : أنا أفسرها للملك فأعلمه ، فقال : أيها الملك ، شأن الله أنه يولج الليل في النهار ، ويولج النهار في الليل ، ويخرج الحي من الميت ، ويخرج الميت من الحي ، ويشفي سقيما ويسقم سليما ، ويبتلي معافى ويعافي مبتلى ، ويعزّ ذليلا ويذل عزيزا ، ويغني فقيرا . فقال الملك : أحسنت ، وأمر الوزير أن يخلع عليه ثياب الوزارة ، فقال : يا مولاي ، هذا من شأن الله .

وقيل : سوق المقادير إلى المواقيت .

وقيل : إن عبد الله بن طاهر دعا الحسين بن الفضل وقال له : أشكلت عليّ آيات دعوتك لتكشفها لي ، قوله تعالى : كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ . وقد صح أن القلم جف بما هو كائن إلى يوم القيامة ، فقال الحسين : كل يوم هو في شأن ، فإنها شئون يبديها لا شئون يبتديهاii ، أي يظهرها لعباده في واقع الناس على وفق ما قدره في الأزل من إحياء وإماتة ، وإعزاز وإذلال ، وإغناء وإعدام ، وإجابة داع وإعطاء سائل ، وغير ذلكiii .

فالناس يسألونه سبحانه بصفة مستمرة ، وهو سبحانه مجيب الدعاء ، بيده الخلق والأمر ، يغير ولا يتغير ، يجير ولا يجار عليه ، يقبض ويبسط ، يخفض ويرفع ، وهو بكل شيء عليم .

{ قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } . ( آل عمران 26 )

أنعم الله المتعددة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

{ الرَّحْمَنُ ( 1 ) عَلَّمَ الْقُرْآَنَ ( 2 ) خَلَقَ الْإِنْسَانَ ( 3 ) عَلَّمَهُ الْبَيَانَ ( 4 ) الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ ( 5 ) وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ ( 6 ) وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ ( 7 ) أَلاَّ تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ ( 8 ) وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلاَ تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ ( 9 ) وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ ( 10 ) فِيهَا فَاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذَاتُ الْأَكْمَامِ ( 11 ) وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ ( 12 ) فَبِأَيِّ آَلاَءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ( 13 ) }

1

المفردات :

الرحمن : هو الله تعالى ، المنعم بجلائل النعم الدنيوية والأخروية ، وهو اسم من أسماء الله الحسنى .

علَّم القرآن : قدم ذلك ، لأن أصل النعم الدينية وأجلّها هو إنعامه بالقرآن ، وتنزيله وتعليمه ، فإنه أساس الدين .

التفسير :

1 ، 2- { الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآَنَ } .

اسم الله الرَّحْمَنُ ، معناه أن الرحمة صفة وجودية قديمة ، قائمة بذاته سبحانه وتعالى ، فهو الرحمن ، ورحمته تنتقل إلى عباده فهو رحيم بهم ، وفي سورة الفاتحة : { الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ } . ( الفاتحة : 3 ) . فما أكثر رحمته بعباده ، ومن أجلّ هذه النعم إنزال القرآن على محمد صلى الله عليه وسلم ، بواسطة جبريل الروح الأمين .

قال تعالى : { عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى } . ( النجم : 5 ) .

وقال سبحانه : { نزل به الروح الأمين*على قلبك لتكون من المنذِرين } . ( الشعراء : 193-194 ) .

ومن أجلِّ النعم إنزال هذا الكتاب على الرسول الأمين محمد صلى الله عليه وسلم ، وقد علّمه الله إياه ، وتكفَّل بحفظه في قلبه ، وقراءته على لسانه .

قال تعالى : { لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ * إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآَنَهُ * فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآَنَهُ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ } . ( القيامة : 16-19 ) .

وقد ادَّعت قريش أن النبي يتعلم القرآن من حداد رومي كان يجلس عنده ، فردّ الله عليهم ، وبيَّن أن الله هو الذي علم محمدا هذا الكتاب ، حيث قال سبحانه : { الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآَنَ } .

وقال عز شأنه : { وإنّك لتُلقّى القرآن من لدن حكيم عليم } . ( النمل : 6 ) .

وقال عز شأنه : { وما ينطق عن الهوى*إنْ هو إلا وحي يوحى } . ( النجم : 3-4 ) .

فضل القرآن

جعل الله الثواب العظيم في تلاوة القرآن وحفظه ، وتعليمه وتعلّمه ، وقد اشتمل القرآن الكريم على التشريع والعبادات والمعاملات ، والآداب ، وأخبار السابقين ، وقصص المرسلين ، وأخبار القيامة ، وكل ما ينفع الناس في دينهم ودنياهم ، ولذلك كان أعظم المنن : عَلَّمَ الْقُرْآَنَ .

وللمفسرين هنا رأيان :

الأول : أن الله علم القرآن للبشر وللناس حتى يهتدوا بهدى الله ، ومكّن الإنسان من استيعاب هذا الكتاب ، وتلاوته وحفظه وفهم معانيه .

قال تعالى : { ولقد يَسَّرْنَا الْقُرْآَنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ } . ( القمر : 17 ) .

أي سهَّلنا تلاوة القرآن وقراءته وفهمه لمن رغب في ذلك ، فهل من متعظ راغب في هذا الخير ؟

الثاني : أن الله علم القرآن لمحمد صلى الله عليه وسلم ثم تعلّم منه الصحابة ، وتناقل الناس تعليم القرآن عن الصحابة .

 
صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{ٱلرَّحۡمَٰنُ} (1)

مقدمة السورة:

مدنية ، وآياتها ثمان وسبعون

بسم الله الرحمان الرحيم

وتسمى عروس القرآن

{ الرحمان علم القرآن } بدأ سبحانه في معرض الامتنان على عباده بجلائل النعم – بأعظمها شأنا ، وأرفعها مكانا ؛ وهو تعليم رسوله صلى الله عليه وسلم وأمته القرآن . وهو هدى وشفاء ، وحمة وعصمة ، وأمان ونور للناس في دينهم ودنياهم . وهو أعظم وحي الله إلى أنبيائه ، وأشرفه منزلة عند أوليائه ، وأكثره ذكرا ، وأحسنه في أبواب الدين أثرا . والرحمان : من أسمائه تعالى ؛ وتخصيصه بالذكر هنا للتنبيه إلى أن تعليم القرآن من آثار رحمته الواسعة .

 
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{ٱلرَّحۡمَٰنُ} (1)

شرح الكلمات :

{ الرحمن } : اسم من أسماء الله تعالى .

/د1

الهداية

من الهداية :

- الرحمن مثل اسم الله لا يصح أن يطلق على غير الرب تبارك وتعالى ، فقال فلان عزيز أو رحيم أو عليم أو حكيم ، ولكن لا يقال رحمان ، كما لا يقال إله أو الإِله أو الله .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{ٱلرَّحۡمَٰنُ} (1)

مقدمة السورة:

تفسير سورة الرحمن [ وهي ] مكية

{ 1-13 } { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ * عَلَّمَهُ الْبَيَانَ * الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ * وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ * وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ * أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ * وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ * وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ * فِيهَا فَاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذَاتُ الْأَكْمَامِ * وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ * فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ }

هذه السورة الكريمة الجليلة ، افتتحها باسمه " الرَّحْمَنُ " الدال على سعة رحمته ، وعموم إحسانه ، وجزيل بره ، وواسع فضله ، ثم ذكر ما يدل على رحمته وأثرها الذي أوصله الله إلى عباده من النعم الدينية والدنيوية [ والآخروية وبعد كل جنس ونوع من نعمه ، ينبه الثقلين لشكره ، ويقول : { فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } ] .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{ٱلرَّحۡمَٰنُ} (1)

مقدمة السورة:

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

سورة الرحمن، مكية.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

وقيل: مدنية...

النكت و العيون للماوردي 450 هـ :

مكية كلها في قول الحسن وعكرمة وجابر. وقال ابن عباس إلا آية وهي قوله تعالى: "يسأله من في السماوات والأرض". الآية...

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

وهي مكية فيما قال الجمهور من الصحابة والتابعين، وقال نافع بن أبي نعيم وعطاء وقتادة وكريب وعطاء الخراساني عن ابن عباس هي مدنية نزلت عند إباية سهيل بن عمرو وغيره أن يكتب في الصلح بسم الله الرحمن الرحيم. والأول أصح، وإنما نزلت حين قالت قريش بمكة" وما الرحمن أنسجد لما تأمرنا". وفي السيرة أن ابن مسعود جهر بقراءتها في المسجد حتى قامت إليه أندية قريش فضربوه، وذلك قبل الهجرة.

الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 671 هـ :

وصح أن النبي صلى الله عليه وسلم قام يصلي الصبح بنخلة، فقرأ سورة "الرحمن " ومر النفر من الجن فآمنوا به...

وروي أن قيس بن عاصم المنقري قال للنبي صلى الله عليه وسلم: اتل علي مما أنزل عليك، فقرأ عليه سورة " الرحمن " فقال: أعدها، فأعادها ثلاثا، فقال: والله إن له لطلاوة، وإن عليه لحلاوة، وأسفله لمغدق، وأعلاه مثمر، وما يقول هذا بشر، وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله.

تفسير القرآن العظيم لابن كثير 774 هـ :

وقال أبو جعفر بن جرير: حدثنا محمد بن عباد بن موسى، وعمرو بن مالك البصري قالا حدثنا يحيى بن سليم، عن إسماعيل بن أمية، عن نافع، عن ابن عمر؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ سورة "الرحمن " -أو: قُرِئَت عنده- فقال: " ما لي أسمع الجن أحسن جوابا لربها منكم؟ " قالوا: وما ذاك يا رسول الله؟ قال: " ما أتيت على قول الله: {فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} إلا قالت الجن: لا بشيء من نعمة ربنا نكذب". ورواه الحافظ البزار عن عمرو بن مالك، به. ثم قال: لا نعلمه يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

مقصودها: الدلالة على ما ختمت به سورة القمر من عظيم الملك وتمام الاقتدار بعموم رحمته وسبقها لغضبه، المدلول عليه بكمال علمه، اللازم عنه شمول قدرته، المدلول عليه بتفصيل عجائب مخلوقاته وبدائع مصنوعاته في أسلوب التذكير بنعمائه. والامتنان بجزيل آلائه، على وجه منتج للعلم بإحاطته بجميع أوصاف الكمال، فمقصودها بالذات إثبات الاتصاف بعموم الرحمة ترغيبا في إنعامه وإحسانه، وترهيبا من انتقامه بقطع مزيد امتنانه، وعلى ذلك دل اسمها الرحمن لأنه العام الامتنان واسمها عروس القرآن واضح البيان في ذلك، لأنها الحاوية لما فيه من حلي وحلل، وجواهر وكلل، والعروس بجميع النعم والجمال، والبهجة من نوعها والكمال...

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

هذه السورة المكية ذات نسق خاص ملحوظ. إنها إعلان عام في ساحة الوجود الكبير، وأعلام بآلاء الله الباهرة الظاهرة، في جميل صنعه، وإبداع خلقه؛ وفي فيض نعمائه؛ وفي تدبيره للوجود وما فيه؛ وتوجه الخلائق كلها إلى وجهه الكريم.. وهي إشهاد عام للوجود كله على الثقلين: الإنس والجن المخاطبين بالسورة على السواء، في ساحة الوجود، على مشهد من كل موجود، مع تحديهما إن كانا يملكان التكذيب بآلاء الله، تحديا يتكرر عقب بيان كل نعمة من نعمه التي يعددها ويفصلها، ويجعل الكون كله معرضا لها، وساحة الآخرة كذلك.

ورنة الإعلان تتجلى في بناء السورة كله، وفي إيقاع فواصلها.. تتجلى في إطلاق الصوت إلى أعلى، وامتداد التصويت إلى بعيد؛ كما تتجلى في المطلع الموقظ الذي يستثير الترقب والانتظار لما يأتي بعد المطلع من أخبار.. الرحمن.. كلمة واحدة. مبتدأ مفردا.. الرحمن كلمة واحدة في معناها الرحمة، وفي رنتها الإعلان، والسورة بعد ذلك بيان للمسات الرحمة ومعرض لآلاء الرحمن.

ويبدأ معرض الآلاء بتعليم القرآن بوصفه المنة الكبرى على الإنسان. تسبق في الذكر خلق الإنسان ذاته وتعليمه البيان.

ثم يذكر خلق الإنسان، ومنحه الصفة الإنسانية الكبرى.. البيان..

ومن ثم يفتح صحائف الوجود الناطقة بآلاء الله.. الشمس والقمر والنجم والشجر والسماء المرفوعة. والميزان الموضوع. والأرض وما فيها من فاكهة ونخل وحب وريحان. والجن والإنس. والمشرقان والمغربان. والبحران بينهما برزخ لا يبغيان، وما يخرج منهما وما يجري فيهما.

فإذا تم عرض هذه الصحائف الكبار. عرض مشهد فنائها جميعا. مشهد الفناء المطلق للخلائق، في ظل الوجود المطلق لوجه الله الكريم الباقي. الذي إليه تتوجه الخلائق جميعا، ليتصرف في أمرها بما يشاء.

وفي ظل الفناء المطلق والبقاء المطلق يجيء التهديد المروع والتحدي الكوني للجن والإنس: (سنفرغ لكم أيها الثقلان. فبأي آلاء ربكما تكذبان. يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات والأرض فانفذوا. لا تنفذون إلا بسلطان. فبأي آلاء ربكما تكذبان، يرسل عليكما شواظ من نار ونحاس فلا تنتصران. فبأي آلاء ربكما تكذبان؟)..

ومن ثم يعرض مشهد النهاية. مشهد القيامة. يعرض في صورة كونية. يرتسم فيها مشهد السماء حمراء سائلة، ومشهد العذاب للمجرمين، والثواب للمتقين في تطويل وتفصيل.

ثم يجيء الختام المناسب لمعرض الآلاء: (تبارك اسم ربك ذي الجلال والإكرام)..

إن السورة كلها إعلان عام في ساحة الوجود الكبير. إعلان ينطلق من الملأ الأعلى، فتتجاوب به أرجاء الوجود. ويشهده كل من في الوجود وكل ما في الوجود..

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

... ابتدئت بالتنويه بالقرآن، قال في الكشاف: أراد الله أن يقدم في عدد آلائه أول شيء ما هو أسبق قدما من ضروب آلائه وأصناف نعمائه وهي نعمة الدين فقدم من نعمة الدين ما هو أعلى مراتبها وأقصى مراقبها وهو إنعامه بالقرآن وتنزيله وتعليمه، وأخر ذكر خلق الإنسان عن ذكره ثم أتبعه إياه ثم ذكر ما تميز به من سائر الحيوان من البيان. اهـ.

وتبع ذلك من التنويه بالنبي صلى الله عليه وسلم بأن الله هو الذي علمه القرآن ردا على مزاعم المشركين الذين ويقولون {إنما يعلمه بشر}، وردا على مزاعمهم أن القرآن أساطير الأولين أو أنه سحر أو كلام كاهن أو شعر.

ثم التذكير بدلائل قدرة الله تعالى في ما أتقن صنعه مدمجا في ذلك التذكير بما في ذلك كله من نعم الله على الناس.

وخلق الجن وإثبات جزائهم.

والموعظة بالفناء وتخلص من ذلك إلى التذكير بيوم الحشر والجزاء. وختمت بتعظيم الله والثناء عليه.

وتخلل ذلك إدماج التنويه بشأن العدل، والأمر بتوفية أصحاب الحقوق حقوقهم، وحاجة الناس إلى رحمة الله فيما خلق لهم، ومن أهمها نعمة العلم ونعمة البيان، وما أعد من الجزاء للمجرمين ومن الثواب والكرامة للمتقين ووصف نعيم المتقين.

ومن بديع أسلوبها افتتاحها الباهر باسمه {الرحمن} وهي السورة الوحيدة المفتتحة باسم من أسماء الله لم يتقدمه غيره.

ومنه التعداد في مقام الامتنان والتعظيم بقوله {فبأي آلاء ربكما تكذبان} إذ تكرر فيها إحدى وثلاثين مرة وذلك أسلوب عربي جليل كما سنبينه.

التفسير الحديث لدروزة 1404 هـ :

السورة فريدة في أسلوبها النظمي، كما أنها عرض عام للدعوة مثل السور النازلة في وقت مبكّر كالأعلى والشمس والليل والقارعة والمرسلات. والطابع المكي قوي البروز عليها...

تفسير من و حي القرآن لحسين فضل الله 1431 هـ :

في أجواء السورة:

«الرحمن» هو اسم السورة وعنوان المضمون التفصيلي للآيات المتنوعة فيها، فقد أراد الله للإنسان أن يتصوّر رحمة الله في كل أموره الخاصة والعامة، بما يتعلق منها به بشكل مباشرٍ، أو ما يتعلق بالظواهر الكونية وتنظيمها الدقيق من حوله، أو بالنعم التي تتصل بحاجاته العامة والخاصة، كما أراد له أن يتصوّر عظمة الله في سيطرته على الكون وعلى حركة الخلق والتدبير فيه، ويتصور إلى جانب ذلك حجم الإنسان والجانّ أمام تلك العظمة...

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :

ولأنّ الأصل في هذه السورة أنّها مختّصة ببيان الرحمة الإلهيّة، لذا لم نلاحظ تفاصيل كثيرة حول مصيرهم، خلافاً لما نلاحظه في موضوع الحديث عن النعم الأخروية حيث التفصيل والشمول الذي يشرح قلوب المؤمنين ويغمرها بالسعادة والأمل، ويزيل عنها غبار الحزن والهمّ، ويغرس الشوق في نفوسهم... إنّ تكرار آية: (فبأي آلاء ربّكما تكذّبان) وفي مقاطع قصيرة أعطت وزناً متميّزاً للسورة، وخاصّة إذا قرئ بالمعنى المعبّر الذي يستوحي منها... فإنّ حالة من الشوق والانبهار تحصل لدى الإنسان المؤمن.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره: الرحمن أيها الناس برحمته إياكم علمكم القرآن، فأنعم بذلك عليكم، إذ بصّركم به ما فيه رضا ربكم، وعرّفكم ما فيه سخطه، لتطيعوه باتباعكم ما يرضيه عنكم، وعملكم بما أمركم به، وبتجنبكم ما يُسخطه عليكم، فتستوجبوا بذلك جزيل ثوابه، وتنجوا من أليم عقابه...

عن قتادة، أنه قال في تفسير" الرّحْمَنُ عَلّمَ القُرْآنَ "قال: نعمة والله عظيمة...

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

عرفت العرب، وعلمت أن الرحمان على ميزان فعلان، مشتق من الرحمة. لكن أحدا من الخلائق لا يبلغ في الرحمة مبلغا يستحق التسمية به... لذلك خص الله تعالى نفسه بتسمية رحمان، وإن كان مشتقا من الرحمة كالرحيم، وجاز تسمية غيره رحيما، والله أعلم...

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

ومعنى (الرحمن) هو الذي وسعت رحمته كل شيء...

لطائف الإشارات للقشيري 465 هـ :

{الرَّحْمَانُ عَلَّمَ الْقُرْآَنَ}. أي الرحمان الذي عَرَفَه الموحِّدون وجَحَدَه الكافرون هو الذي علَّم القرآن. ويقال: الرحمان الذي رحمهم، وعن الشِّرك عَصَمَهم، وبالإيمان أكرمهم، وكلمةَ التقوى ألزمهم -هو الذي عرَّفهم بالقرآن وعلَّمهم...

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

عدّد الله عز وعلا آلاءه، فأراد أن يقدّم أوّل شيء ما هو أسبق قدما من ضروب آلائه وأصناف نعمائه، وهي نعمة الدين، فقدّم من نعمة الدين ما هو في أعلى مراتبها وأقصى مراقيها: وهو إنعامه بالقرآن وتنزيله وتعليمه، لأنه أعظم وحي الله رتبة، وأعلاه منزلة، وأحسنه في أبواب الدين أثراً، وهو سنام الكتب السماوية ومصداقها والعيار عليها، وأخر ذكر خلق الإنسان عن ذكره، ثم أتبعه إياه: ليعلم أنه إنما خلقه للدين، وليحيط علماً بوحيه وكتبه وما خلق الإنسان من أجله، وكأن الغرض في إنشائه كان مقدّماً عليه وسابقاً له، ثم ذكر ما تميز به من سائر الحيوان من البيان، وهو المنطق الفصيح المعرب عما في الضمير. {الرحمن} مبتدأ، وهذه الأفعال مع ضمائرها أخبار مترادفة، وإخلاؤها من العاطف لمجيئها على نمط التعديد، كما تقول: زيد أغناك بعد فقر، أعزك بعد ذل، كثرك بعد قلة، فعل بك ما لم يفعل أحد بأحد، فما تنكر من إحسانه؟...

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

{الرحمن} بناء مبالغة من الرحمة.

تيسير التفسير لاطفيش 1332 هـ :

ولم يعد التعليم إِلى مفعول أول لعدم تعلق المقام به، لأَنه للامتنان بالتعليم لا لذكر من يعلمه القرآن، ولو ذكر لقيل الرحمن علم الإِنسان القرآن، أي صير الإِنسان عالما القرآن كقوله تعالى: {عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} [العلق: 5] والإِنسان يتصف بالعلم، فهو فاعل في المعنى فهو المفعول الأَول كما هو القاعدة في باب أعطى ولا مانع من تقديره كما ذكر في علم الإنسان وهو الإِنسان، وعقب ذكر الإِنسان بذكر تعليم البيان ليميزه عن سائر الحيوان. وقدره بعض: علم محمداً القرآن، وهو حسن، والأَول أولى لعمومه ولذكره في الآية الأُخرى...

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

« الرحمن»

وافتتح باسم {الرحمن} فكان فيه تشويق جميع السامعين إلى الخبر الذي يخبر به عنه إذ كان المشركون لا يألفون هذا الاسم قال تعالى: {قالوا وما الرحمن} [الفرقان: 60]، فهم إذا سمعوا هذه الفاتحة ترقبوا ما سيرد من الخبر عنه، والمؤمنون إذا طرق أسماعهم هذا الاسم استشرفوا لما سيرد من الخبر المناسب لوصفه هذا مما هم متشوقون إليه من آثار رحمته. على أنه قد قيل: إن هذه السورة نزلت بسبب قول المشركين في النبي صلى الله عليه وسلم {إنما يعلمه بشر} [النحل: 103]، أي يعلمه القرآن فكان الاهتمام بذكر الذي يعلم النبي صلى الله عليه وسلم القرآن أقوى من الاهتمام بالتعليم. وأوثر استحضار الجلالة باسم {الرحمن} دون غيره من الأسماء لأن المشركين يأبون ذكره فجمع في هذه الجملة بين ردَّين عليهم مع ما للجملة الاسمية من الدلالة على ثبات الخبر، ولأن معظم هذه السورة تعداد للنعم والآلاء فافتتاحها باسم {الرحمن} براعة استهلال. وقد أُخبر عن هذا الاسم بأربعة أخبار متتالية غير متعاطفة رابعها هو جملة {الشمس والقمر بحسبان} [الرحمن: 5] كما سيأتي لأنها جيء بها على نمط التعديد في مقام الامتنان والتوقيف على الحقائق والتبكيت للخصم في إنكارهم صريح بعضها، وإعراضهم عن لوازم بعضها كما سيأتي، ففصل جملتي {خلق الإنسان علمه البيان} [الرحمن: 3، 4] عن جملة {علم القرآن} خلاف مقتضى الظاهر لنكتة التعديد للتبكيت. وعطف عليها أربعة أُخر بحرف العطف من قوله: {والنجم والشجر يسجدان} إلى قوله: {والأرض وضعها للأنام} [الرحمن: 6 10] وكلها دالة على تصرفات الله ليعلمهم أن الاسم الذي استنكروه هو اسم الله وأن المسمى واحد. وجيء بالمسند فعلاً مؤخراً عن المسند إليه لإِفادة التخصيص، أي هو علَّم القرآن لا بشرٌ علمه وحذف المفعول الأول لفعل {علم القرآن} لظهوره، والتقدير: علّم محمداً صلى الله عليه وسلم لأنهم ادعوا أنه معلَّم وإنما أنكروا أن يكون معلِّمه القرآن هو الله تعالى وهذا تبكيت أول...

تفسير الشعراوي 1419 هـ :

الرحمن: اسم من أسماء الله الحسنى، وهي من صفة الرحمة، وتعني إسداء النعم وإن كان المنعم عليه لا يستحقها، لذلك علمنا أن نقول حينما نقبل على الأعمال، بسم الله الرحمن الرحيم، لأنك ربما كنت عاصيا وتستحي أن نقبل على العمل باسم من تعصاه، فيقول لك: قلها لأنني أنا الرحمن.

والمبالغة في الرحمة تأتي بمعنيين: مبالغة في ذات الصفة أي رحمة واسعة، ومبالغة تأتي من تعدد الرحمات بتعدد المرحومين، يعني: لا رحمة تغني عن رحمة.

وهذا هو معنى الرحمن أي الذي تعم رحمته المؤمن والكافر أيضا. حيث لم يصن عليه لو أخذ بالأسباب، كما قال سبحانه {من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وما له في الآخرة من نصيب (20)} [الشورى] فكأن العصاة والكفار ينعمون في الدنيا بحضانة كلمة (الرحمن).

إذن: فالحق سبحانه رحمان الدنيا. أما الرحيم ففي الآخرة. لذلك يقولون رحمان الدنيا رحيم الآخرة لأن رحمته تعالى في الآخرة لا ينالها إلا مؤمن وليس للكافر نصيب منها.

   
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{ٱلرَّحۡمَٰنُ} (1)

مقدمة السورة:

مكية كلها في قول الحسن وعروة بن الزبير وعكرمة وعطاء وجابر . وقال ابن عباس : إلا آية منها هي قوله تعالى : " يسأله من في السماوات والأرض " [ الرحمن : 29 ] الآية . وهي ست وسبعون آية . وقال ابن مسعود ومقاتل : هي مدنية كلها . والقول الأول أصح لما روى عروة بن الزبير قال : أول من جهر بالقرآن بمكة بعد النبي صلى الله عليه وسلم ابن مسعود ، وذلك أن الصحابة قالوا : ما سمعت قريش هذا القرآن يجهر به قط ، فمن رجل يسمعهموه ؟ فقال ابن مسعود : أنا ، فقالوا : إنا نخشى عليك ، وإنما نريد رجلا له عشيرة يمنعونه ، فأبى ثم قام عند المقام فقال : " بسم الله الرحمن الرحيم . الرحمن . علم القرآن " [ الرحمن :2 ] ثم تمادى رافعا بها صوته وقريش في أنديتها ، فتأملوا وقالوا : ما يقول ابن أم عبد ؟ قالوا : هو يقول الذي يزعم محمد أنه أنزل عليه ، ثم ضربوه حتى أثروا في وجهه . وصح أن النبي صلى الله عليه وسلم قام يصلي الصبح بنخلة ، فقرأ سورة " الرحمن " ومر النفر من الجن فأمنوا به . وفي الترمذي عن جابر قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على أصحابه فقرأ عليهم سورة " الرحمن " من أولها إلي آخرها فسكتوا ، فقال : ( لقد قرأتها على الجن ليلة الجن فكانوا أحسن مردودا منكم كنت كلما أتيت على قوله : " فبأي آلاء ربكما تكذبان " [ الرحمن : 13 ] قالوا لا بشيء من نعمك ربنا نكذب فلك الحمد ) قال : هذا حديث غريب . وفي هذا دليل على أنها مكية والله أعلم . وروي أن قيس بن عاصم المنقري قال للنبي صلى الله عليه وسلم : اتل علي مما أنزل عليك ، فقرأ عليه سورة " الرحمن " فقال : أعدها ، فأعادها ثلاثا ، فقال : والله إن له لطلاوة ، وإن عليه لحلاوة ، وأسفله لمغدق ، وأعلاه مثمر ، وما يقول هذا بشر ، وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله . وروي عن علي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( لكل شيء عروس وعروس القرآن سورة الرحمن ) .

قوله تعالى : " الرحمن ، علم القرآن " قال سعيد بن جبير وعامر الشعبي : " الرحمن " فاتحة ثلاث سور إذا جمعن كن اسما من أسماء الله تعالى " الر " و " حم " و " ن " فيكون مجموع هذه " الرحمن " .

 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{ٱلرَّحۡمَٰنُ} (1)

مقدمة السورة:

سورة الرحمن

مدنية وآياتها 78 نزلت بعد الرعد

{ الرحمن علم القرآن } هذا تعديد نعمة على من علمه الله القرآن وقيل : معنى علم القرآن جعله علامة وآية لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم والأول أظهر وارتفع الرحمن بالابتداء والأفعال التي بعده أخبار متوالية ويدل على ذلك مجيئها بدون حرف عطف .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{ٱلرَّحۡمَٰنُ} (1)

مقدمة السورة:

سورة الرحمان{[1]} {[2]}عز وجل وتسمى عروس القرآن{[3]} .

مقصودها الدلالة على ما ختمت به سورة{[4]} القمر من عظيم الملك وتمام الاقتدار بعموم رحمته وسبقها لغضبه ، المدلول عليه بكمال علمه ، اللازم عنه شمول قدرته ، المدلول عليه بتفصيل عجائب مخلوقاته وبدائع مصنوعاته في أسلوب التذكير بنعمائه . والامتنان بجزيل آلائه ، على وجه منتج للعلم بإحاطته بجميع أوصاف الكمال ، فمقصودها{[5]} بالذات إثبات الاتصاف بعموم الرحمة ترغيبا في إنعامه وإحسانه ، وترهيبا من انتقامه بقطع مزيد امتنانه ، وعلى ذلك دل اسمها الرحمن لأنه العام الامتنان واسمها عروس القرآن واضح البيان في ذلك ، لأنها الحاوية لما فيه من حلي وحلل ، وجواهر وكلل ، والعروس بجميع النعم والجمال ، والبهجة من نوعها والكمال ( بسم الله ) الذي ظهرت إحاطة كماله بما ظهر من عجائب مخلوقاته ( الرحمن ) الذي ظهر عموم رحمته بما بهر من بدائع مصنوعاته واشتهر من عظيم آياته وبيناته ( الرحيم ) الذي ظهر اختصاصه لأهل طاعته بما تحققوا به من الذل المفيد للعز بلزوم عباداته .

ولما ختم سبحانه القمر بعظيم الملك وبليغ القدرة ، وكان الملك القادر لا يكمل ملكه إلا بالرحمة ، وكانت رحمته لا تتم إلا بعمومها ، قصر هذه السورة على تعداد نعمه على خلقه في الدارين ، وذلك من{[61774]} آثار الملك ، وفصل فيها ما أجمل في آخر القمر من مقر{[61775]} الأولياء والأعداء في الآخرة ، وصدرها بالاسم الدال على عموم الرحمة براعة للاستهلال ، وموازنة لما حصل بالملك والاقتدار من غاية التبرك والظهور والهيبة والرعب باسم هو مع أنه في غاية الغيب دال على أعظم الرجاء مفتتحاً لها بأعظم النعم وهو تعليم الذكر الذي هز ذوي الهمم العالية في القمر إلى الإقبال عليه بقوله { ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر } لأنه لما كان للعظمة الدالة{[61776]} عليها نون { يسرنا } التي هي عماد الملك نظران : نظر الكبرياء والجبروت يقتضي أن يتكلم بما يعجز خلقه من كل جهة في الفهم والحفظ والإتيان بمثله وكل معنى من معانيه ، ونظر الإكرام والرحمة ، وكانت رحمته سابقة لغضبه نظر بها لخلقه لا سيما هذه الأمة المرحومة فيسر لها الذكر تحقيقاً للرحمة بعد أن أبقى من آثار الجبروت الإعجاز{[61777]} عن النظر ، ومن الإعجاز من الفهم الحروف المقطعة أوائل السور ، ومنع المتعنت من أن يقول : إنه لا معاني لها بأن فهم بعض{[61778]} الأصفياء بعض أسرارها ، فقال جواباً لمن كأنه قال : من هذا المليك المقتدر ، فقيل : { الرحمان * } أي العام الرحمة ، قال ابن برجان : وهو ظاهر اسمه الله ، وباطن اسمه الرب ، جعل هذه الأسماء الثلاثة في ظهورها مقام الذات يخبر بها عنه وحجاباً بينه وبين خلقه ، يوصل بها الخطاب منه إليهم ، ثم أسماؤه الظاهرة مبينة لهذه الأسماء الثلاثة - انتهى .

ومن مقتضى اسمه { الرحمن } انبثت جميع النعم ، ولذا ذكر في هذه السورة أمهات النعم في الدارين .


[1]:- هكذا ثبتت العبارة في النسخة المخزونة بالرباط – المراقش التي جعلناها أصلا وأساسا للمتن، وكذا في نسخة مكتبة المدينة ورمزها "مد" وموضعها في نسخة دار الكتب المصرية ورمزها "م": رب زدني علما يا فتاح.
[2]:- في م ومد: قال أفقر الخلائق إلى عفو الخالق؛ وفي الأصل: أبو إسحاق – مكان: أبو الحسن، والتصحيح من الأعلام للزركلي ج1 ص 50 وعكس المخطوطة أمام ص 56 وهامش الأنساب للسمعاني ج2 ص280.
[3]:- ضبطه في الأعلام بضم الراء وتخفيف الباء.
[4]:- ضبطه الشيخ عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني رحمه الله في تعليقه على الأنساب ج2 ص280 وقال: البقاعي يكسر الموحدة وفتح القاف مخففة وبعد الألف عين مهملة بلد معروف بالشام ينسب إليه جماعة أشهرهم الإمام المفسر إبراهيم بن عمر بن حسن الرباط بن علي بن أبي بكر البقاعي أبو الحسن برهان الدين من أجلة أهل القرن التاسع له عدة مؤلفات ولد سنة 809 وتوفي سنة 885 – اهـ.
[5]:- في م ومد: لطف الله بهم أجمعين، إلا أن لفظ "اجمعين" ليس في مد. والعبارة من "وآله" إلى هنا ليست في نسخة المكتبة الظاهرية ورمزها "ظ".
[61774]:- من ظ، وفي الأصل: في.
[61775]:- سقط من ظ.
[61776]:- من ظ، وفي الأصل: الدال.
[61777]:- من ظ، وفي الأصل: الإيجاز.
[61778]:- زيد من ظ.
   
التفسير الميسر لمجموعة من العلماء - التفسير الميسر [إخفاء]  
{ٱلرَّحۡمَٰنُ} (1)

{ الرَّحْمَنُ ( 1 ) عَلَّمَ الْقُرْآنَ ( 2 ) }

الرحمن علَّم الإنسان القرآن ؛ بتيسير تلاوته وحفظه وفهم معانيه .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{ٱلرَّحۡمَٰنُ} (1)

مقدمة السورة:

بيان إجمالي للسورة

هذه السورة مكية ، وآياتها ثماني وسبعون . وهي تتجلى فيها جملة من السمات التي تفيض عليها بسحائب كثاف من مباهج الجمال ، وروعة البناء والتركيب ، فضلا عن عجائب المضمون والمعنى الذي يتخلل السورة من أولها إلى آخرها .

وفي السورة من عجائب النظم وزاهر النغم والإيحاء ما يثير في نفس القارئ المتدبر أو السامع المتفكر فيضا من التّملي والبهجة مما يشده إلى معاودة التلاوة في تكرار مستديم ، لا تجد فيه النفس شيئا من ملال أو سأم كالذي يقع للمرء في تكرار أيما كتاب آخر . وهذه واحدة من ظواهر الإعجاز في هذا الكتاب الحكيم .

ويتجلى في السورة آية خاصة مميزة مكرورة يقرأها المتدبر باستمرار مستديم ، فلا يسأم أو يضجر أو يعاف ، بل يستأنس ويبهج ويتلذذ مما يجده في نفسه من إيحاء مثير .

على أن السورة مبدوءة باسم أعظم من أسماء الله وهو " الرحمان " وفي ذلك ما لا يخفى من الإشارة إلى رحمة الله الكبرى . الرحمة الواسعة الفضلى التي تتجلى وتتسع لتشمل الكون كله .

بسم الله الرحمان الرحيم

{ الرحمان 1 علم القرآن 2 خلق الإنسان3 علمه البيان 4 الشمس والقمر بحسبان 5 والنجم والشجر يسجدان 6 والسماء رفعها ووضع الميزان 7 ألا تطغوا في الميزان 8 وأقيموا الوزن بالقسط ولا تخسروا الميزان 9 والأرض وضعها للأنام 10 فيها فاكهة والنخل ذات الأكمام 11 والحب ذو العصف والريحان 12 فبأي آلاء ربكما تكذبان } .

يعدد الله نعمه على الخلق في السورة كلها . وهي نعم دنيوية وأخروية كثيرة مصدّرة بذكر الرحمان . فهو سبحانه رؤوف بعباده رحيم بالخلق جميعا . والرحمان ، مبتدأ ، وخبره ما بعده من الأفعال مع ضمائرها .

ثم ذكر الله ما هو أصل النعم وأكرمها وأعظمها ، وأشرف ما عرف الكون من حقائق وأشياء ، وذلكم هو القرآن ، وهو قوله : { علم القرآن } .