المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{تَبَٰرَكَ ٱسۡمُ رَبِّكَ ذِي ٱلۡجَلَٰلِ وَٱلۡإِكۡرَامِ} (78)

78- تعالى وتنزَّه اسم ربك صاحب العظمة والإنعام .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{تَبَٰرَكَ ٱسۡمُ رَبِّكَ ذِي ٱلۡجَلَٰلِ وَٱلۡإِكۡرَامِ} (78)

وفي ختام السورة التي استعرضت آلاء الله في الكون ، وآلاءه في الخلق ، وآلاءه في الآخرة . يجيء الإيقاع الأخير ، تسبيحا باسم الجليل الكريم ، الذي يفني كل حي ، ويبقى وجهه الكريم .

( تبارك اسم ربك ذي الجلال والإكرام ) . .

أنسب ختام لسورة الرحمن . .

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{تَبَٰرَكَ ٱسۡمُ رَبِّكَ ذِي ٱلۡجَلَٰلِ وَٱلۡإِكۡرَامِ} (78)

62

المفردات :

تبارك اسم ربك : تعالى ، أو كثر خيره وإحسانه وتنزه ربنا .

ذي الجلال : العظمة والاستغناء المطلق .

الإكرام : الفضل التام والإحسان .

التفسير :

78- { تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ } .

تنزَّه وتقدس الله العظيم ، وكثرت خيراته ، وفاضت بركاته .

{ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَام }

صاحب العظمة والكبرياء ، والفضل والإنعام .

روى الترمذي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ألِظّوا بيا ذا الجلال والإكرام " xiv .

أي : الزموا ذكره ، والإلحاح عليه .

وفي صحيح مسلم ، عن عائشة قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلّم لا يقعد – تعني بعد الصلاة – إلا بقدر ما يقول : " اللهم أنت السلام ، ومنك السلام ، تباركت يا ذا الجلال والإكرام " xv .

ختام السورة:

في ختام سورة الرحمن

قال في التسهيل لعلوم التنزيل ما يأتي :

الجنتان المذكورتان أولا للسابقين ، والجنتان المذكورتان ثانيا لأصحاب اليمين .

وانظر كيف جعل أوصاف الجنتين الأوليين أعلى من أوصاف الجنتين اللتين بعدهما ، فقال هناك : فِيهِمَا عَيْنَانِ تجريان .

وقال هنا : فيهما عينان نضاختان . والجري أشد من النضخ .

وقال هناك : فِيهِمَا مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ .

وقال هنا : فيهما فاكهة ونخل ورمان . والأول أعم وأشمل .

وقال في وصف الحور هناك : كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ .

وقال هنا : فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ . وليس كل حسن كحسن الياقوت والمرجان ، فالوصف هناك أبلغ إلخ .

***

خلاصة ما اشتملت عليه سورة الرحمن

الله تعالى صاحب المنن العظام ، وكل ما نراه في الكون من آثار رحمته ، فهو قد خلق السماء والأرض ، والجنة والنار ، وعذب العاصين ، وأثاب المطيعين ، وآتاهم من فضله ، ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر .

دعاء

اللهم إنا نسألك الجنة وما قرّب إليها من قول وعمل ، ونعوذ بك من النار وما قرّب إليها من قول وعمل ، اللهم حبِّب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا ، وكرّه إلينا الكفر والفسوق والعصيان ، واجعلنا من الراشدين ، اللهم احفظ علينا سمعنا وبصرنا وسائر جوارحنا واجعله الوارث منّا ، واجعل ثأرنا على من ظلمنا وانصرنا على من عادانا ، ولا تجعل مصيبتنا في ديننا ، ولا تجعل الدنيا أكبر همّنا ولا مبلغ علمنا .

اللهم أكرمنا بالقرآن العظيم ، وارزقنا تلاوته على النحو الذي يرضيك عنا ، اللهم اجعله لنا دليلا وإماما ، وفي القبر مؤنسا ، وعلى الصراط نورا ، وإلى الجنة هاديا ورفيقا ، اللهم اختم لنا بالإيمان والإسلام ، وصل اللهم على سيدنا محمد النبي الأمي ، وعلى آله وصحبه وسلم .

***

i تفسير النسفي 4/159 ، والمعنى : يظهرها أمام أعين الناس ولا يبتكرها اليوم بل يقضي بوقوعها ، ومن أصول الإيمان أن نؤمن بالقضاء والقدر ، والقضاء : ما وقع أمام الناس ، والقدر : ما قدر الله وقوعه في الأزل .

ii تفسير النسفي 4/159 .

iii تفسير الجلالين ص 494 .

iv يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي :

رواه مسلم في البر والصلة والآداب ( 2577 ) ، والترمذي في صفة القيامة ( 2459 ) وابن ماجة ( 4275 ) وأحمد ( 5/154 ، 160 ، 177 ) وعبد الرزاق ( 20272 ) من حديث أبي ذر .

v إن لربك عليك حقا :

رواه البخاري في الصوم ( 1968 ) وفي الأدب ( 6139 ) والترمذي في الزهد ( 2413 ) من حديث أبي جحيفة قال : آخى النبي صلى الله عليه وسلم بين سلمان وأبي الدرداء فزار سلمان أبا الدرداء فرأى أم الدرداء متبذلة فقال لها : ما شأنك ؟ قالت : أخوك أبو الدرداء ليس له حاجة في الدنيا ، فجاء أبو الدرداء فصنع له طعاما فقال : كل ، قال : فإني صائم قال : ما أنا بآكل حتى تأكل فأكل فلما كان الليل ذهب أبو الدرداء يقوم قال : نم ، فنام ثم ذهب يقوم فقال : نم ، فلما كان من آخر الليل قال سلمان : قم الآن فقال له سلمان : إن لربك عليك حقا ولنفسك عليك حقا ولأهلك عليك حقا فأعط كل ذي حق حقه ، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " صدق سلمان " . ورواه البخاري في الصوم ( 1974 ، 1975 ) وفي النكاح ( 5199 ) وفي الأدب ( 6134 ) ومسلم في الصيام ( 1159 ) والنسائي في الصيام ( 2391 ) وأحمد في مسنده ( 6828 ) من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص قال : دخل عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث ، يعني : " إن لزورك عليك حقا وإن لزوجك عليك حقا " ، فقلت : وما صوم داود ؟ قال : " نصف الدهر " . ورواه أبو داود في الصلاة ( 1369 ) وأحمد في مسنده ( 25776 ) من حديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث إلى عثمان بن مظعون فجاءه فقال : " يا عثمان ، أرغبت عن سنتي " ؟ قال : لا والله ولكن سنتك أطلب ، قال : " فإني أنام وأصلي ، وأصوم وأفطر وأنكح النساء فاتق الله يا عثمان ، فإن لأهلك عليك حقا وإن لضيفك عليك حقا وإن لنفسك عليك حقا ، فصم وأفطر ، وصل ونم " .

vi خلقت الملائكة من نور وخلق الجان :

رواه مسلم في الزهد ( 2996 ) وعبد بن حميد في مسنده ( 1477 ) وأحمد في مسنده ( 6/153 ، 168 ) .

vii انظر المنتخب في تفسير القرآن الكريم ، الطبعة العاشرة ، مطابع الأهرام التجارية ص 645 .

viii ألظوا بيا ذا الجلال والإكرام :

رواه الترمذي في الدعوات ( 3525 ) من حديث أنس ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ألظوا بيا ذا الجلال والإكرام " . وقال : هذا حديث غريب وليس بمحفوظ .

ix يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث :

ذكره الهيثمي في المجمع ( 10/183 ) وعزاه الطبراني في الصغير والأوسط من طريق سلمة بن حرب بن زياد عن أبي مدرك ، عن أنس ، وسلمة بن حرب مجهول كشيخه أبي مدرك وقد وثقه ابن حبان وذكر له هذا الحديث في ترجمته ، وفي الميزان : أبو مدرك قال الدارقطني : متروك فلا أدري هو أبو مدرك هذا أو غيره ، وبقية رجاله ثقات . وانظر : ابن حبان في الثقات ( 6/398 ) ، من حديث أبي هريرة قال : " . . وإذا اجتهد في الدعاء قال يا حي يا قيوم " . أه . وقال : حديث غريب ، وذكره في نفس الباب برقم ( 3446 ) ، من حديث أنس بن مالك قال : كان إذا كربه أمر قال : " يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث " . أه .

x جنتان من فضة آنيتهما :

رواه البخاري في تفسير القرآن ( 4878-4880 ) وفي التوحيد ( 7444 ) ومسلم في الإيمان ( 180 ) وفي الجنة ( 2838 ) والترمذي في صفة الجنة ( 2527 ) وابن ماجة في المقدمة ( 186 ) والدارمي في الرقاق ( 2833 ) وأحمد في مسنده ( 19183 ) من حديث عبد الله بن قيس ( أبي موسى الأشعري ) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن في الجنة خيمة من لؤلؤة مجوفة عرضها ستون ميلا ، من كل زاوية منها أهل ما يرون الآخرين ، يطوف عليهم المؤمنون ، جنتان من فضة آنيتهما وما فيهما ، وجنتان من كذا آنيتهما وما فيهما ، وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم إلا رداء الكبر على وجهه في جنة عدن " .

xi إن المرأة من نساء أهل الجنة :

رواه الترمذي في صفة آهل الجنة ( 2532 ) من حديث عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن المرأة من نساء أهل الجنة ليرى بياض ساقها من وراء سبعين حلة حتى يرى مخها وذلك بأن الله يقول : { كأنهن الياقوت والمرجان } فأما الياقوت فإنه حجر لو أدخلت فيه سلكا ثم استصفيته لأريته من ورائه " .

xii مختصر تفسير ابن كثير ، المجلد الثالث ص 425 ، تحقيق محمد علي الصابوني .

xiii إن للمؤمن في الجنة لخيمة من لؤلوة :

رواه مسلم في الجنة ( 2838 ) من حديث عبد الله بن قيس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إن للمؤمن في الجنة لخيمة من لؤلؤة واحدة مجوفة طولها ستون ميلا ، للمؤمن فيها أهلون يطوف عليهم المؤمن فلا يرى بعضهم بعضا " .

xiv ألظو بيا ذا الجلال :

تقدم تخريجه ، انظر هامش ( 82 ) .

xv اللهم أنت السلام ومنك السلام :

رواه مسلم في المساجد ( 592 ) من حديث عائشة قالت : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سلم لم يقعد إلا مقدار ما يقول : " اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام " .

 
صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{تَبَٰرَكَ ٱسۡمُ رَبِّكَ ذِي ٱلۡجَلَٰلِ وَٱلۡإِكۡرَامِ} (78)

{ تبارك اسم ربك } تعالى اسمه الجليل ، وارتفع عما لا يليق بشأنه العظيم ! أو تعالت صفته . أو كثرت خيراته [ آية 54 الأعراف ص 264 ] . { ذي الجلال والإكرام } [ آية 27 من هذه السورة ] والله أعلم .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{تَبَٰرَكَ ٱسۡمُ رَبِّكَ ذِي ٱلۡجَلَٰلِ وَٱلۡإِكۡرَامِ} (78)

ثم يأتي ختام هذه السورة الجليلة بالتنزيه والتسبيح باسم الله الجليل الكريم الذي يبقى وجهه الكريم ويفنى كل شيء في هذا الكون .

قراءات : قرأ ابن عامر : { تَبَارَكَ اسم رَبِّكَ ذِي الجلال والإكرام } برفع ذو ، والباقون : ذي الجلال بالجر . .

 
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{تَبَٰرَكَ ٱسۡمُ رَبِّكَ ذِي ٱلۡجَلَٰلِ وَٱلۡإِكۡرَامِ} (78)

شرح الكلمات :

{ تبارك اسم ربك } : أي تقدس وكثرت بركة اسم ربك الرحمن .

{ ذي الجلال والإِكرام } : أي ذي العظمة الإِكرام لأوليائه والإِحسان إلى عباده .

المعنى :

وقوله تعالى { تبارك اسم ربك ذي الجلال والإِكرام } أي تبارك اسم ربك أي تقدس وكثرت بركات اسم ربك الرحمن ذي الجلال أي العظمة والإِكرام لأوليائه وصالحي عباده .

الهداية

من الهداية :

- البركة تنال ببسم الله الرحمن الرحيم .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{تَبَٰرَكَ ٱسۡمُ رَبِّكَ ذِي ٱلۡجَلَٰلِ وَٱلۡإِكۡرَامِ} (78)

ولما ذكر سعة فضله وإحسانه ، قال : { تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ } أي : تعاظم وكثر خيره ، الذي له الجلال الباهر ، والمجد الكامل ، والإكرام لأوليائه .

تم تفسير سورة الرحمن ، ولله الحمد والشكر والثناء الحسن .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{تَبَٰرَكَ ٱسۡمُ رَبِّكَ ذِي ٱلۡجَلَٰلِ وَٱلۡإِكۡرَامِ} (78)

قوله تعالى : { فبأي آلاء ربكما تكذبان تبارك اسم ربك ذي الجلال والإكرام } قرأ أهل الشام { ذو الجلال } بالواو وكذلك هو في مصاحفهم إجراءً على الاسم .

أخبرنا أبو الحسن علي بن يوسف الجويني ، أنبأنا أبو محمد محمد بن علي بن محمد بن شريك الشافعي ، أنبأنا عبد الله بن محمد بن مسلم ، حدثنا أبو بكر الجوزي ، أنبأنا أحمد بن حرب ، أنبأنا أبو معاوية الضرير عن عاصم الأحول عن عبد الله بن الحارث عن عائشة قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلم من الصلاة لم يعقد إلا مقدار ما يقول : " اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام " .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{تَبَٰرَكَ ٱسۡمُ رَبِّكَ ذِي ٱلۡجَلَٰلِ وَٱلۡإِكۡرَامِ} (78)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{تبارك اسم ربك ذي الجلال} يعني بالجلال العظيم {والإكرام} يعني الكريم، فلا أكرم منه، يمدح الرب نفسه تبارك وتعالى...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

"تَبارَك اسْمُ رَبّكَ" يقول تعالى ذكره: تبارك ذكر ربك يا محمد "ذي الجَلالِ" يعني ذي العظمة "والإكْرَامِ" يعني: ومن له الإكرام من جميع خلقه.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

{تبارك اسم ربك ذي الجلال والإكرام} قال أبو بكر الأصم: تبارك اسم ربك من أن يستحق غيره اسمه. وقوله: {ذي الجلال} استحق على الخلق أن يجلّوه، ويعظموه من أن يسموا غيره باسمه {والإكرام} هو ألا يلحقوا به ما لا يليق به من الولد والشريك وغيره...

النكت و العيون للماوردي 450 هـ :

{تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ} فيه وجهان:

أحدهما: معناه ثبت اسم ربك ودام.

الثاني: أن ذكر اسمه يمن وبركة، ترغيباً في مداومة ذكره.

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

{تبارك اسم ربك ذي الجلال والإكرام}...

أصل التبارك من البركة وهي الدوام والثبات، ومنها بروك البعير وبركة الماء، فإن الماء يكون فيها دائما وفيه وجوه؛

(أحدها): دام اسمه وثبت.

(وثانيها): دام الخير عنده لأن البركة وإن كانت من الثبات لكنها تستعمل في الخير. (وثالثها): تبارك بمعنى علا وارتفع شأنا لا مكانا.

...

...

...

...

...

...

....

المسألة الثالثة: قال بعد ذكر نعم الدنيا: {ويبقى وجه ربك} وقال بعد ذكر نعم الآخرة: {تبارك اسم ربك} لأن الإشارة بعد عد نعم الدنيا وقعت إلى عدم كل شيء من الممكنات وفنائها في ذواتها، واسم الله تعالى ينفع الذاكرين ولا ذاكر هناك يوحد الله غاية التوحيد فقال: ويبقى وجه الله تعالى والإشارة هنا، وقعت إلى أن بقاء أهل الجنة بإبقاء الله ذاكرين اسم الله متلذذين به فقال: {تبارك اسم ربك} أي في ذلك اليوم لا يبقى اسم أحد إلا اسم الله تعالى به تدور الألسن ولا يكون لأحد عند أحد حاجة بذكره ولا من أحد خوف، فإن تذاكروا تذاكروا باسم الله. المسألة الرابعة: الاسم مقحم أو هو أصل مذكور له التبارك، نقول: فيه وجهان؛

(أحدهما): وهو المشهور أنه مقحم كالوجه في قوله تعالى: {ويبقى وجه ربك} يدل عليه قوله: {فتبارك الله أحسن الخالقين} و {تبارك الذي بيده الملك} وغيره من صور استعمال لفظ تبارك.

(وثانيهما): هو أن الاسم تبارك، وفيه إشارة إلى معنى بليغ، أما إذا قلنا: تبارك بمعنى علا فمن علا اسمه كيف يكون مسماه وذلك لأن الملك إذا عظم شأنه لا يذكر اسمه إلا بنوع تعظيم ثم إذا انتهى الذاكر إليه يكون تعظيمه له أكثر، فإن غاية التعظيم للاسم أن السامع إذا سمعه قام كما جرت عادة الملوك أنهم إذا سمعوا في الرسائل اسم سلطان عظيم يقومون عند سماع اسمه، ثم إن أتاهم السلطان بنفسه بدلا عن كتابه الذي فيه اسمه يستقبلونه ويضعون الجباه على الأرض بين يديه، وهذا من الدلائل الظاهرة على أن علو الاسم يدل على علو زائد في المسمى، أما إن قلنا: بمعنى دام الخير عنده فهو إشارة إلى أن ذكر اسم الله تعالى يزيل الشر ويهرب الشيطان ويزيد الخير ويقرب السعادات، وأما إن قلنا: بمعنى دام اسم الله، فهو إشارة إلى دوام الذاكرين في الجنة على ما قلنا من قبل. المسألة الخامسة: القراءة المشهورة هاهنا: {ذي الجلال}...

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{تبارك}...تفاعل من البركة، ولا يكاد يذكره جل ذكره إلا عند أمر معجب...ومعناه ثبت ثباتاً لا يسع العقول جمع وصفه لكونه على صيغه المفاعلة المفيدة لبذل الجهد إذا كانت ممن تمكن منازعته، وذلك مع اليمن والبركة والإحسان. {اسم ربك} أي المحسن إليك بإنزال هذا القرآن الذي جبلك على متابعته فصرت مظهراً له وصار خلقاً لك فصار إحسانه إليك فوق الوصف،... {ذي الجلال} أي العظمة الباهرة فهو المنتقم من الأعداء {والإكرام} أي الإحسان الذي لا يمكن الإحاطة به فهو المتصف بالجمال الأقدس المقتضي لفيض الرحمة على جميع الأولياء...

روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي 1270 هـ :

وزعم بعضهم إن الأنسب بما قصد من هذه السورة الكريمة وهو تعدد الآلاء والنعم تفسير {تبارك} بكثرت خيراته ثم إنه لا بعد في إسناده بهذا المعنى لاسمه تعالى إذ به يستمطر فيغاث ويستنصر فيعان.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

إيذان بانتهاء الكلام وفذلكة لما بنيت عليه السورة من التذكير بعظمة الله تعالى ونعمائه في الدنيا والآخرة. والكلام: إنشاء ثناء على الله تعالى مبالغ فيه بصيغة التفاعل التي إذا كان فعلها غير صادر من اثنين فالمقصود منها المبالغة. والمعنى: وصفه تعالى بكمال البركة، والبركة: الخير العظيم والنفع، وقد تطلق البركة على علو الشأن...

وأسند {تبارك} إلى {اسم} وهو ما يُعرف به المسمى دون أن يقول: تبارك ربك، كما قال: {تبارك الذي نزل الفرقان} [الفرقان: 1] وكما قال: {فتبارك الله أحسن الخالقين} [المؤمنون: 14] لقصد المبالغة في وصفه تعالى بصفة البركة على طريقة الكناية لأنها أبلغ من التصريح كما هو مقرر في علم المعاني، وأطبق عليه البلغاء لأنه إذا كان اسمه قد تبارك فإن ذاته تباركت لا محالة لأن الاسم دال على المسمى، وهذا على طريقة قوله تعالى: {سبح اسم ربك الأعلى} [الأعلى: 1] فإنه إذا كان التنزيه متعلقاً باسمه فتعلق التنزيه بذاته أَولى ومنه قوله تعالى: {وثيابك فطهر} [المدثر: 4] على التأويل الشَّامل.فذكر {اسم} في قوله: {تبارك اسم ربك} مراعىً فيه أن ما عُدّد من شؤون الله تعالى ونعمه وإفضاله لا تحيط به العبارة، فعبّر عنه بهذه المبالغة إذ هي أقصى ما تسمح به اللغة في التعبير، ليعلم الناس أنهم محقوقون لله تعالى بشكرٍ يوازي عظم نعمه عليهم.وفي استحضار الجلالة بعنوان (رب) مضافاً إلى ضمير المخاطب وهو النبي صلى الله عليه وسلم إشارة إلى ما في معنى الرب من السيادة المشوبة بالرأفة والتنمية، وإلى ما في الإضافة من التنويه بشأن المضاف إليه وإلى كون النبي صلى الله عليه وسلم هو الواسطة في حصول تلك الخيرات للذين خافوا مقام ربهم بما بلغهم النبي صلى الله عليه وسلم من الهدى. والجلال: العظمة، وهو جامع لصفات الكمال اللائقة به تعالى.

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :

يختم السورة سبحانه بهذه الآية الكريمة: (تبارك اسم ربّك ذي الجلال والإكرام). «تبارك» من أصل (برك) على وزن (درك) بمعنى صدر البعير، وذلك لأنّ الجمال حينما تبرك تضع صدرها على الأرض أوّلا، ومن هنا استعمل هذا المصطلح بمعنى الثبات والدوام والاستقامة، لذا فإنّ كلمة (مبارك) تقال للموجودات الكثيرة الفائدة، وأكرم من تطلق عليه هذه الكلمة هي الذات الإلهيّة المقدّسة باعتبارها مصدراً لجميع الخيرات والبركات. واستعملت هذه المفردة هنا لأنّ جميع النعم الإلهيّة سواء كانت في الأرض والسماء في الدنيا والآخرة والكون والخلق فهي من فيض الوجود الإلهي المبارك، لذا فإنّ هذا التعبير من أنسب التعابير المذكورة في الآية لهذا المعنى. والمقصود من (اسم) هنا هو صفات الله تعالى خصوصاً الرحمانية التي هي منشأ البركات، وبتعبير آخر فإنّ أفعال الله تعالى مصدرها من صفاته، وإذا خلق عالم الوجود فذلك من إبداعه ونظام خلقه، وإذا وضع كلّ شيء في ميزان فذلك ما أوجبته حكمته، وإذا وضع قانون العدالة حاكماً على كلّ شيء فإنّ علمه وعدالته توجبان ذلك. وإذا عاقب المجرمين بأنواع العذاب الذي مرّ بنا في هذه السورة فإنّ انتقامه يقضي ذلك، وإذا شمل المؤمنين الصالحين بأنواع الهبات والنعم العظيمة الماديّة والمعنوية في هذا العالم وفي الآخرة فإنّ رحمته الواسعة أوجبت ذلك، وبناءً على هذا فإنّ اسمه يشير إلى صفاته، وصفاته هي نفس ذاته المقدّسة. والتعبير ب (ذي الجلال والإكرام) إشارة إلى كلّ صفات جماله وجلاله.

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{تَبَٰرَكَ ٱسۡمُ رَبِّكَ ذِي ٱلۡجَلَٰلِ وَٱلۡإِكۡرَامِ} (78)

ثم ختم السورة بما ينبغي أن يمجد به ويعظم فقال { تبارك اسم ربك ذي الجلال والإكرام }

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{تَبَٰرَكَ ٱسۡمُ رَبِّكَ ذِي ٱلۡجَلَٰلِ وَٱلۡإِكۡرَامِ} (78)

قوله تعالى : " تبارك اسم ربك ذي الجلال والإكرام " " تبارك " تفاعل من البركة وقد تقدم{[14605]} . " ذي الجلال " أي العظمة . وقد تقدم " والإكرام{[14606]} " وقرأ عامر " ذو الجلال " بالواو وجعله وصفا للاسم ، وذلك تقوية لكون الاسم هو المسمى . الباقون " ذي الجلال " جعلوا " ذي " صفة ل " ربك " . وكأنه يربد الاسم الذي افتتح به السورة ، فقال : " الرحمن " [ الرحمن : 1 ] فافتتح بهذا الاسم ، فوصف خلق الإنسان والجن{[14607]} ، وخلق السماوات والأرض وصنعه ، وأنه " كل يوم هو في شأن " [ الرحمن : 29 ] ووصف تدبيره فيهم ، ثم وصف يوم القيامة وأهوالها ، وصفة النار ثم ختمها بصفة الجنان . ثم قال في آخر السورة : " تبارك اسم ربك ذي الجلال والإكرام " أي هذا الاسم الذي افتتح به هذه السورة ، كأنه يعلمهم أن هذا كله خرج لكم من رحمتي ، فمن رحمتي خلقتكم وخلقت لكم السماء والأرض والخلق والخليقة والجنة والنار ، فهذا كله لكم من اسم الرحمن فمدح اسمه ثم قال : " ذي الجلال والإكرام " جليل في ذاته ، كريم في أفعال . ولم يختلف القراء في إجراء النعت على الوجه بالرفع في أول السورة ، وهو يدل على أن المراد به وجه الله الذي يلقى المؤمنون عندما ينظرون إليه ، فيستبشرون بحسن الجزاء ، وجميل اللقاء ، وحسن العطاء . والله أعلم .


[14605]:راجع جـ 13 ص 1.
[14606]:راجع ص 165 من هذا الجزء.
[14607]:في ب: "والشياطين".
 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{تَبَٰرَكَ ٱسۡمُ رَبِّكَ ذِي ٱلۡجَلَٰلِ وَٱلۡإِكۡرَامِ} (78)

{ تبارك اسم ربك } ذكر تبارك في الفرقان وغيرها والاسم هنا يراد به المسمى على الأظهر ، وقرأ الجمهور ذي الجلال بالياء صفة لربك ، وقرأ ابن عامر بالواو صفة للاسم وقد ذكر معنى ذي الجلال والإكرام .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{تَبَٰرَكَ ٱسۡمُ رَبِّكَ ذِي ٱلۡجَلَٰلِ وَٱلۡإِكۡرَامِ} (78)

ولما دل ما ذكر في هذه السورة من النعم على إحاطة مبدعها بأوصاف الكمال ، ودل بالإشارة بالنعمة الأخيرة على أن نعمه لا نهاية لها لأنه مع أن له الكمال كله متعال عن شائبة نقص ، فكانت ترجمة ذلك قوله في ختام نعم الآخرة مناظرة لما تقدم من ختام نعم الدنيا معبراً هناك بالبقاء لما ذكر قبله ، من الفناء ، وهذا بما{[62047]} من البركة{[62048]} إشارة إلى أن نعمه لا انقضاء لها{[62049]} : { تبارك } قال ابن برجان : تفاعل من البركة ، ولا يكاد يذكره جل ذكره إلا عند أمر معجب - انتهى ، ومعناه ثبت ثباتاً لا يسع العقول جمع وصفه لكونه على صيغه المفاعلة المفيدة لبذل الجهد إذا كانت ممن تمكن منازعته ، وذلك مع اليمن والبركة والإحسان . ولما كان تعظيم الاسم أقعد وأبلغ في تعظيم المسمى قال : { اسم ربك } أي المحسن إليك بإنزال هذا القرآن الذي جبلك على متابعته فصرت مظهراً له وصار خلقاً لك فصار إحسانه إليك فوق الوصف ، ولذلك قال واصفاً للرب في قراءة الجمهور : { ذي الجلال } أي العظمة الباهرة فهو المنتقم من الأعداء { والإكرام * } أي الإحسان الذي لا يمكن الإحاطة به فهو المتصف بالجمال الأقدس المقتضي لفيض الرحمة على جميع الأولياء ، وقراءة ابن عامر { ذو } صفة للاسم ، وكذا هو في مصاحف أهل الشام ، والوصفان الأخيران من شبه الاحتباك حذف من الأول متعلق الصفة وهو النقمة للأعداء ، ومن الثاني أثر الإكرام وهو الرحمة للأولياء ، فإثبات الصفة أولاً يدل على حذف ضدها ثانياً ، وإثبات الفعل ثانياً يدل على حذف ضده أولاً ، وقال الرازي {[62050]}في اللوامع{[62051]} : كأنه يريد بالاسم الذي افتتح به السورة وقد انعطف آخر السورة على أولها{[62052]} على وجه أعم ، فيشمل الإكرام بتعليم القرآن وغيره والانتقام بإدخال النيران وغيرها - الله سبحانه وتعالى هو الموفق للصواب .

ختام السورة:

وقد انعطف آخر السورة على أولها على وجه أعم ، فيشمل الإكرام بتعليم القرآن وغيره والانتقام بإدخال النيران وغيرها - الله سبحانه وتعالى هو الموفق للصواب .


[62047]:- زيد من ظ.
[62048]:- زيد في الأصل: ولا يكاد، ولم تكن الزيادة في ظ فحذفناها.
[62049]:- راجع نثر المرجان 7/ 161.
[62050]:- سقط ما بين الرقمين من ظ.
[62051]:- سقط ما بين الرقمين من ظ.
[62052]:- من ظ، وفي الأصل: أول السورة على آخرها.
 
تفسير الجلالين للمحلي والسيوطي - تفسير الجلالين [إخفاء]  
{تَبَٰرَكَ ٱسۡمُ رَبِّكَ ذِي ٱلۡجَلَٰلِ وَٱلۡإِكۡرَامِ} (78)

{ تبارك اسم ربك ذي الجلال والإكرام }

{ تبارك اسم ربك ذي الجلال والإكرام } تقدم ولفظ اسم زائد .

 
التفسير الميسر لمجموعة من العلماء - التفسير الميسر [إخفاء]  
{تَبَٰرَكَ ٱسۡمُ رَبِّكَ ذِي ٱلۡجَلَٰلِ وَٱلۡإِكۡرَامِ} (78)

{ تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ ( 78 ) }

تكاثرت بركة اسم ربك وكثر خيره ، ذي الجلال الباهر ، والمجد الكامل ، والإكرام لأوليائه .