المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَلَئِن قُتِلۡتُمۡ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أَوۡ مُتُّمۡ لَمَغۡفِرَةٞ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَحۡمَةٌ خَيۡرٞ مِّمَّا يَجۡمَعُونَ} (157)

157- ولئن قتلتم في الجهاد أو متم في أثنائه ، لمغفرة من الله لذنوبكم ورحمة منه لكم ، خير مما تجمعونه من متاع الدنيا لو بقيتم .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَلَئِن قُتِلۡتُمۡ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أَوۡ مُتُّمۡ لَمَغۡفِرَةٞ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَحۡمَةٌ خَيۡرٞ مِّمَّا يَجۡمَعُونَ} (157)

121

على أن الأمر لا ينتهي بالموت أو القتل ؛ فهذه ليست نهاية المطاف . وعلى أن الحياة في الأرض ليست خير ما يمنحه الله للناس من عطاء . فهناك قيم أخرى ، واعتبارات أرقى في ميزان الله :

( ولئن قتلتم - في سبيل الله - أو متم لمغفرة من الله ورحمة خير مما يجمعون . ولئن متم أو قتلتم لإلى الله تحشرون ) . .

فالموت أو القتل في سبيل الله - بهذا القيد ، وبهذا الاعتبار - خير من الحياة ، وخير مما يجمعه الناس في الحياة من أعراضها الصغار : من مال ومن جاه ومن سلطان ومن متاع . خير بما يعقبه من مغفرة الله ورحمته ، وهي في ميزان الحقيقة خير مما يجمعون . وإلى هذه المغفرة وهذه الرحمة يكل الله المؤمنين . . إنه لا يكلهم - في هذا المقام - إلى أمجاد شخصية ، ولا إلى اعتبارات بشرية . إنما يكلهم إلى ما عند الله ، ويعلق قلوبهم برحمة الله . وهي خير مما يجمع الناس على الإطلاق ، وخير مما تتعلق به القلوب من أعراض . .

/خ179

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَلَئِن قُتِلۡتُمۡ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أَوۡ مُتُّمۡ لَمَغۡفِرَةٞ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَحۡمَةٌ خَيۡرٞ مِّمَّا يَجۡمَعُونَ} (157)

القول في تأويل قوله تعالى :

{ وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَوْ مُتّمْ لَمَغْفِرَةٌ مّنَ اللّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مّمّا يَجْمَعُونَ }

يخاطب جلّ ثناؤه عباده المؤمنين يقول لهم : لا تكونوا أيها المؤمنون في شكّ من أن الأمور كلها بيد الله ، وأن إليه الإحياء والإماتة ، كما شكّ المنافقون في ذلك ، ولكن جاهدوا في سبيل الله ، وقاتلوا أعداء الله على يقين منكم بأنه لا يقتل في حرب ، ولا يموت في سفر إلا من بلغ أجله وحانت وفاته . ثم وعدهم على جهادهم في سبيله المغفرة والرحمة ، وأخبرهم أن موتا في سبيل الله وقتلاً في الله خير لهم مما يجمعون في الدنيا من حطامها ورغيد عيشها الذي من أجله يتثاقلون عن الجهاد في سبيل الله ويتأخرون عن لقاء العدوّ . كما :

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق : { وَلَئِنْ قُتِلُتْم فِي سَبِيلِ اللّهِ أوْ مُتّمْ لمَغفِرَةٌ مِنَ اللّهِ وَرَحمَةٌ خَيرٌ مِمّا يَجمَعُونَ } : أي إن الموت كائن لا بد منه ، فموت في سبيل الله أو قتل خير لو علموا فأيقنوا مما يجمعون في الدنيا التي لها يتأخرون عن الجهاد ، تخوّفا من الموت والقتل لما جمعوا من زهيد الدنيا وزهادة في الاَخرة .

وإنما قال الله عزّ وجلّ : { لَمَغفِرَةٌ مِنَ اللّهِ وَرَحْمَةٌ خَيرٌ مِمّا يَجْمَعُونَ } وابتدأ الكلام : «ولئن متم أو قتلتم » بحذف جزاء «لئن » لأن في قوله : { لَمَغَفِرَةٌ مِنَ اللّهِ وَرَحْمَةٌ خَيرٌ مِمّا يَجْمَعُونَ } معنى جواز للجزاء ، وذلك أنه وعد خرج مخرج الخبر .

فتأويل الكلام : ولئن قتلتم في سبيل الله أو متم ، ليغفرنّ الله لكم وليرحمنكم ، فدلّ على ذلك بقوله : { لَمَغفِرَةٌ مِنَ اللّهِ وَرَحْمَةٌ خَيرٌ مِمّا يَجْمَعُونَ } وجمع مع الدلالة به عليه الخبر عن فضل ذلك على ما يؤثرونه من الدنيا ، وما يجمعون فيها .

وقد زعم بعض أهل العربية من أهل البصرة أنه إن قيل : كيف يكون : { لَمَغفِرَةٌ مِنَ اللّهِ وَرَحْمَةٌ } جوابا لقوله : { وَلَئِنَ قُتِلتُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أوْ مُتّمْ } فإن القول فيه أن يقال فيه : كأنه قال : ولئن متم أو قتلتم ، فذكر لهم رحمة من الله ومغفرة ، إذ كان ذلك في السبيل ، فقال : { لَمَغفِرَةٌ مِنَ اللّهِ وَرَحْمَةٌ } يقول : لذلك { خَيرٌ مِمّا تَجْمَعُونَ } يعني لتلك المغفرة والرحمة خير مما تجمعون . ودخلت اللام في قوله : { لَمَغفِرَةٌ مِنَ اللّهِ } لدخولها في قوله : «ولئن » ، كما قيل : { وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُولّنّ الأدْبارَ } .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَلَئِن قُتِلۡتُمۡ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أَوۡ مُتُّمۡ لَمَغۡفِرَةٞ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَحۡمَةٌ خَيۡرٞ مِّمَّا يَجۡمَعُونَ} (157)

ذكر ترغيباً وترهيباً ، فجعل الموت في سبيل الله والموت في غير سبيل الله ، إذا أعقبتهما المَغفرة خيراً من الحياة وما يجمعون فيها ، وجعل الموت والقتل في سبيل الله وسيلة للحشر والحساب فلْيَعْلَم أحد بماذَا يُلاقي ربّه . والواو للعطف على قوله : { لا تكذبوا كالذين كفروا } وعلى قوله : { والله يحي ويميت } [ آل عمران : 156 ]