المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{قُلۡ سِيرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَٱنظُرُواْ كَيۡفَ بَدَأَ ٱلۡخَلۡقَۚ ثُمَّ ٱللَّهُ يُنشِئُ ٱلنَّشۡأَةَ ٱلۡأٓخِرَةَۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ} (20)

20- قل - أيها الرسول - لهؤلاء المكذبين : امشوا في الأرض ، وتأملوا فيما أنشأ الله فيها من مختلف الكائنات ، وانظروا إلى آثار من كان فيها قبلكم بعد أن ماتوا وخلت منهم ديارهم ، واعلموا أن الله بقدرته سيعيد كل ذلك في الآخرة بالبعث وهو الإنشاء الآخر ، وكذلك شأنكم ، إن الله - سبحانه - تام القدرة على كل شيء{[170]} .


[170]:{قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق ثم الله ينشئ النشأة الآخرة إن الله على كل شيء قدير}: تحث هذه الآية الكريمة الباحثين على السير في الأرض ليكشفوا عن كيفية بدء خلق الأشياء من حيوان ونبات وجماد، فإن آثار الخليقة الأولى منطبعة بين طبقات الأرض وعلى ظهرها، وهي لذلك سجل بتاريخ الخليقة منذ بدئها حتى الآن.
 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{قُلۡ سِيرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَٱنظُرُواْ كَيۡفَ بَدَأَ ٱلۡخَلۡقَۚ ثُمَّ ٱللَّهُ يُنشِئُ ٱلنَّشۡأَةَ ٱلۡأٓخِرَةَۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ} (20)

{ قُلْ } لهم ، إن حصل معهم ريب وشك في الابتداء : { سِيرُوا فِي الْأَرْضِ } بأبدانكم وقلوبكم { فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ } فإنكم ستجدون أمما من الآدميين والحيوانات ، لا تزال توجد شيئا فشيئا ، وتجدون النبات والأشجار ، كيف تحدث وقتا بعد وقت ، وتجدون السحاب والرياح ونحوها ، مستمرة في تجددها ، بل الخلق دائما في بدء وإعادة ، فانظر إليهم وقت موتتهم الصغرى -النوم- وقد هجم عليهم الليل بظلامه ، فسكنت منهم الحركات ، وانقطعت منهم الأصوات ، وصاروا في فرشهم ومأواهم كالميتين ، ثم إنهم لم يزالوا على ذلك طول ليلهم ، حتى انفلق الإصباح ، فانتبهوا من رقدتهم ، وبعثوا من موتتهم ، قائلين : " الحمد للّه الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور "

ولهذا قال : { ثُمَّ اللَّهُ } بعد الإعادة { يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ } وهي النشأة التي لا تقبل موتا ولا نوما ، وإنما هو الخلود والدوام في إحدى الدارين . { إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } فقدرته تعالى لا يعجزها شيء وكما قدر بها على ابتداء الخلق ، فقدرته على الإعادة من باب أولى وأحرى .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{قُلۡ سِيرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَٱنظُرُواْ كَيۡفَ بَدَأَ ٱلۡخَلۡقَۚ ثُمَّ ٱللَّهُ يُنشِئُ ٱلنَّشۡأَةَ ٱلۡأٓخِرَةَۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ} (20)

ثم أمر تعالى نبيه ، ويحتمل أن يكون إبراهيم ، ويحتمل أن يكون محمداً ، إن كان في قصة إبراهيم اعتراض بين كلامين بأن يأمرهم على جهة الاحتجاج بالسير في الأرض والنظر في كل قطر وفي كل أمة قديماً وحديثاً ، فإن ذلك يوجد أن لا خالق إلا الله تعالى ولا يبتدىء بالخلق سواه ، ثم ساق على جهة الخبر أن الله تعالى يعيد وينشيء نشأة القيام من القبور{[9232]} ، وقرأت فرقة «النشأة » ، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو «النشاءة » على وزن الفعالة وهي قراءة الأعرج ، وهذا كما تقول رأفة ورآفة ، وقرأ الباقون «النشأة » على وزن الفعلة ، وقرأ الزهري «النشّة » بشين مشددة في جميع القرآن ، والبعث من القبور يقوم دليل العقل على جوازه وأخبرت الشرائع وقوعه ووجوده .


[9232]:في قوله تعالى: {أو لم يروا...} الآية صرح الله تعالى باسمه في قوله {كيف يبدىء الله الخلق} ، ثم أضمر في قوله: {ثم يعيده}، وفي الآية التي بعدها عكس، فأضمر في قوله : {كيف بدأ الخلق} ثم أبرزه في قوله: {ثم الله ينشىء} حتى لا تخلو الجملتان من صريح اسمه تبارك وتعالى، ودل إبرازه في الآية الثانية على تفخيم النشأة الآخرة، وتعظيم أمرها، وتقرير وجودها، إذ كان نزاع الكفار فيها، فكأنه قيل: ثم ذلك الذي بدأ الخلق هو الذي ينشىء النشأة الآخرة: فكأن التصريح باسمه أفخم في إسناد النشأة إليه. ذكر ذلك أبو حيان في البحر.