المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{قَالَ إِنَّمَآ أَشۡكُواْ بَثِّي وَحُزۡنِيٓ إِلَى ٱللَّهِ وَأَعۡلَمُ مِنَ ٱللَّهِ مَا لَا تَعۡلَمُونَ} (86)

86- ولم يؤثر قولهم فيه ، فردهم قائلاً : ما شكوت لكم ، ولا طلبت منكم تخفيف لوعتي ، وليس لي إلا اللَّه أضرع إليه وأشكو له همومي صعبها وسهلها ، وما أستطيع كتمانه منها وما لا أستطيع ، لأني أدرك من حسن صنعه وسعة رحمته ما لا تدركون .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{قَالَ إِنَّمَآ أَشۡكُواْ بَثِّي وَحُزۡنِيٓ إِلَى ٱللَّهِ وَأَعۡلَمُ مِنَ ٱللَّهِ مَا لَا تَعۡلَمُونَ} (86)

{ قَالَ } يعقوب { إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي } أي : ما أبث من الكلام { وَحُزْنِي } الذي في قلبي { إِلَى اللَّهِ } وحده ، لا إليكم ولا إلى غيركم من الخلق ، فقولوا ما شئتم { وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ } من أنه سيردهم علي ويقر عيني بالاجتماع بهم .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{قَالَ إِنَّمَآ أَشۡكُواْ بَثِّي وَحُزۡنِيٓ إِلَى ٱللَّهِ وَأَعۡلَمُ مِنَ ٱللَّهِ مَا لَا تَعۡلَمُونَ} (86)

{ قال إنما أشكو بثي وحزني } همي الذي لا أقدر الصبر عليه من البث بمعنى النشر . { إلى الله } لا إلى أحد منكم ومن غيركم ، فخلوني وشكايتي . { وأعلم من الله } من صنعه ورحمته فإنه لا يخيب داعيه ولا يدع الملتجئ إليه ، أو من الله بنوع من الإلهام . { ما لا تعلمون } من حياة يوسف . قيل رأى ملك الموت في المنام فسأله عنه فقال هو حي . وقيل علم من رؤيا يوسف أنه لا يموت حتى يخر له إخوته سجدا .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{قَالَ إِنَّمَآ أَشۡكُواْ بَثِّي وَحُزۡنِيٓ إِلَى ٱللَّهِ وَأَعۡلَمُ مِنَ ٱللَّهِ مَا لَا تَعۡلَمُونَ} (86)

فأجابهم يعقوب عليه السلام رادّاً عليهم : أي أني لست ممن يجزع ويضجر فيستحق التعنيف ، وإنما أشكو إلى الله ، ولا تعنيف في ذلك . و «البث » ما في صدر الإنسان مما هو معتزم أنه يبثه وينشره ، وأكثر ما يستعمل «البث » في المكروه ، وقال أبو عبيدة وغيره : «البث »{[6795]} أشد الحزن ، وقد يستعمل «البث » في المخفي على الجملة ومنه قول المرأة في حديث أم زرع : ولا يولج الكف ليعلم «البث » ، ومنه قولهم : أبثك حديثي{[6796]} .

وقرأ عيسى : «وحَزَني » بفتح الحاء والزاي .

وحكى الطبري بسند : أن يعقوب دخل على فرعون وقد سقط حاجباه على عينيه من الكبر ، فقال له فرعون : ما بلغ بك هذا يا إبراهيم ؟ فقالوا : إنه يعقوب ، فقال : ما بلغ بك هذا يا يعقوب ؟ قال له : طول الزمان وكثرة الأحزان ، فأوحى الله إليه : يا يعقوب أتشكوني إلى خلقي ؟ فقال : يا رب خطيئة فاغفرها لي ، وأسند الطبري إلى الحسن قال : كان بين خروج يوسف عن يعقوب إلى دخول يعقوب على يوسف ثمانون سنة ، لم يفارق الحزن قلبه ، ولم يزل يبكي حتى كف بصره ، وما في الأرض يومئذ أكرم على الله من يعقوب . وقوله : { وأعلم من الله ما لا تعلمون } يحتمل أنه أشار إلى حسن ظنه بالله وجميل عادة الله عنده ، ويحتمل أنه أشار إلى الرؤيا المنتظرة أو إلى ما وقع في نفسه عن قول ملك مصر : إني أدعو له برؤية ابنه قبل الموت ، وهذا هو حسن الظن الذي قدمناه .


[6795]:رواه البخاري في "كتاب النكاح" باب "حسن المعاشرة"، وهو عن عائشة رضي الله عنها، قالت: (جلس إحدى عشرة امرأة فتعاهدن ألا يكتمن من أخبار أزواجهن شيئا.... فقالت الأولى ... الحديث، وفيه: (قالت السادسة: زوجي إن أكل لف، وإن شرب اشتف، وإن اضطجع التف، ولا يولج الكف ليعلم البث). وفي آخره: (قالت عائشة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كنت لك كأبي زرع لأم زرع)، وكانت أم زرع أكرمهن على زوجها.
[6796]:حقيقة البث في اللغة ما يرد على الإنسان من الأشياء المهلكة التي لا يتهيأ له أن يخفيها، وهو من: بثته أي فرقته، فسميت المصيبة بثا مجازا، قال ذو الرمة: وقفت على ربع لمية ناقتي فما زلت أبكي عنده وأخاطبه وأسقيه حتى كاد مما أبثه تكلمني أحجاره و ملاعبه.