فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{قَالَ إِنَّمَآ أَشۡكُواْ بَثِّي وَحُزۡنِيٓ إِلَى ٱللَّهِ وَأَعۡلَمُ مِنَ ٱللَّهِ مَا لَا تَعۡلَمُونَ} (86)

البث : أصعب الهم الذي لا يصبر عليه صاحبه ، فيبثه إلى الناس أي ينشره . ومنه : باثه أمره ، وأبثه إياه . ومعنى { إِنَّمَا أَشْكُو } إني لا أشكو إلى أحد منكم ومن غيركم ، إنما أشكو إلى ربي داعياً له وملتجئاً إليه ، فخلوني وشكايتي . وهذا معنى توليه عنهم ، أي فتولى عنهم إلى الله والشكاية إليه . وقيل : دخل على يعقوب جارٌ له فقال : يا يعقوب ، قد تهشمت وفنيت وبلغت من السن ما بلغ أبوك ! فقال : هشمني وأفناني ما ابتلاني الله به من همّ يوسف ، فأوحى الله إليه : يا يعقوب ، أتشكوني إلى خلقي ؟ قال : يا رب خطيئة أخطأتها فاغفر لي ، فغفر له ، فكان بعد ذلك إذا سئل قال : إنما أشكو بثي وحزني إلى الله . وروي أنه أوحي إلى يعقوب : إنما وجدت عليكم لأنكم ذبحتم شاة فقام ببابكم مسكين فلم تطعموه ، وإن أحب خلقي إليّ الأنبياء ، ثم المساكين ، فاصنع طعاماً وادع عليه المساكين . وقيل : اشترى جارية مع ولدها ، فباع ولدها فبكت حتى عميت { وَأَعْلَمُ مِنَ الله مَا لاَ تَعْلَمُونَ } أي أعلم من صنعه ورحمته وحسن ظني به أنه يأتيني بالفرج من حيث لا أحتسب . وروي أنه رأى ملك الموت في منامه فسأله : هل قبضت روح يوسف ؟ فقال : لا والله هو حيّ فاطلبه . وقرأ الحسن : «وحزني » بفتحتين «وحزني » بضمتين : قتادة .