فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{قَالَ إِنَّمَآ أَشۡكُواْ بَثِّي وَحُزۡنِيٓ إِلَى ٱللَّهِ وَأَعۡلَمُ مِنَ ٱللَّهِ مَا لَا تَعۡلَمُونَ} (86)

{ قال إنما أشكو بثي وحزني } بضم الحاء وسكون الزاي وقرئ بفتحهما { إلى الله } هذه الجملة مستأنفة كأنه قيل فما قال يعقوب لما قالوا له ما قالوا ، والبث ما يرد على الإنسان من الأشياء التي تعظم حزن صاحبها حتى لا يقدر على إخفائها كذا قال أهل اللغة وهو مأخوذ من بثثته أي فرقته ، فسميت المصيبة بثا مجازا . قال ابن قتيبة البث أشد الحزن .

وقد ذكر المفسرون أن الإنسان إذا قدر على كتم ما نزل به من المصائب كان ذلك حزنا وهما ، وإن لم يقدر على كتمه وذكره لغيره كان ذلك بثا ، فالبث على هذا أعظم الحزن وأصعبه وقيل البث الهم وقيل الحاجة وعلى هذا أعظم الحزن وأصعبه ، وقيل البث الهم وقيل الحاجة وعلى هذا يكون عطف الحزن على البث واضح المعنى ، وأما على تفسير البث بالحزن العظيم فكأنه قال : إنما أشكو حزني العظيم وما دونه من الحزن القليل إلى الله لا إلى غيره من الناس ولا إليكم .

وعن مسلم ابن يسار يرفعه قال : من بث لم يصبر ، ثم قرأ هذه الآية أخرجه ابن جرير وعبد الرزاق . قال ابن عباس : بثي همي .

{ وأعلم من الله } أي من لطفه وإحسانه وثوابه على المصيبة { ما لا تعلمون } أنتم وأنه يأتي بالفرج من حيث لا أحتسب وقيل أراد علمه بأن يوسف عليه السلام حي لكنه لم يعرف أين هو وقيل أراد علمه بأن رؤياه صادقة وأي لأسجد له ، قاله ابن عباس ، وقيل أعلم من إجابة المضطرين إلى الله ما تعلمون .