تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{قَالَ إِنَّمَآ أَشۡكُواْ بَثِّي وَحُزۡنِيٓ إِلَى ٱللَّهِ وَأَعۡلَمُ مِنَ ٱللَّهِ مَا لَا تَعۡلَمُونَ} (86)

وقوله تعالى : ( قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ ) قال القتبي : الحرض الدنف والبث أشد الحزن ، لأن صاحبه لا يصبر عليه حتى يبثه أي يشكوه . وكذلك روي في الخبر : «من بث لم يصبر »[ ابن جرير الطبري في تفسيره8/48 ] أي شكا . وما ذكر من الشكاية إلى الله ليس على إظهار ذلك باللسان ولكن [ على ][ ساقطة من الأصل وم ] إمساك القلب ، وقال الحسن : ( إنما أشكو بثي ) أي حاجتي ( وحزني إلى الله ) .

ويشبه أن يكون البث والحزن واحد ، ذكره[ في الأصل وم : ذكر ] على التكرار . وقال بعضهم : الحرض الذي ذهب عقله من الكبر ( أو تكون من الهالكين ) فتموت ، والله أعلم .

وقوله تعالى : ( وأعلم من الله ما لا تعلمون ) قال بعض أهل التأويل : قوله : ( وأعلم من الله ) من تحقيق رؤيا يوسف أنه كائن ( ما لا تعلمون ) أنتم ، وأنا سنسجد [ له ][ من م ، ساقطة من الأصل ] .

وقال ابن عباس رضي الله عنه قوله : ( وأعلم من الله ما لا تعلمون ) أنه حي ، لم يمت ، وهو ما ذكر أنه كان يعلم من الله ما لا يعلمون هم .

ويشبه أن يكون قوله : ( وأعلم من الله ) أي انتفع بعلم ما لا تنتفعون أنتم .

وأصله : أن إخوة يوسف لو علموا أن أمر يوسف يبلغ ما يبلغ من الملك والعز ما قصدوا قصد تغييبه عن والده ، ولا سعوا فيه في ما سعوا من إفساد أمره . لكنهم لم يعلموا ، والله أعلم ، أو علم من الله شيئا ، لم يبين ما لا يعلمون هم كقول إبراهيم[ لعله يشير إلى الآيات ( 54 ) و( 56 ) و( 57 ) من سورة الأنبياء ] .

وما ذكر أهل التأويل أن يعقوب قال كذا من النياح على يوسف والجزع عليه ، لا يحتمل ذلك ؛ لأنه قال حين أخبروه بذلك ( فصبر جميل ) وما ذكروا هم منه ، ليس هو بصبر ، فضلا أن يكون جميلا .