المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَإِذۡ قَالَ لُقۡمَٰنُ لِٱبۡنِهِۦ وَهُوَ يَعِظُهُۥ يَٰبُنَيَّ لَا تُشۡرِكۡ بِٱللَّهِۖ إِنَّ ٱلشِّرۡكَ لَظُلۡمٌ عَظِيمٞ} (13)

13- واذكر إذ قال لقمان لابنه وهو يعظه : يا بني ، لا تشرك بالله أحداً ، إن الشرك بالله لظلم عظيم يسوى بين الله المستحق للعبادة وحده ، وبين من لا يستحقونها من الأوثان وغيرها من المعبودات{[175]} .


[175]:عرف العرب بهذا الاسم شخصين أحدهما: لقمان بن عاد وكانوا يعظمون قدره في النباهة والرياسة والعلم والفصاحة والدهاء، وكثيرا ما ذكروه وضربوا به الأمثال كما تبين من المراجع العربية الكثيرة. أما الآخر: فهو لقمان الحكيم الذي اشتهر بحكمه وأمثاله وسميت سورة في القرآن الكريم باسمه، وقد كانت حكمه شائعة بين العرب. فقد ذكر ابن هشام أن سويد بن الصامت قدم مكة وكان شريفا في قومه، فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام. فقال سويد: فلعل الذي معك مثل الذي معي. فقال له الرسول: وما الذي معك؟ قال: مجلة لقمان. فقال الرسول: اعرضها علي، فعرضها عليه، فقال: إن هذا الكلام حسن، والذي معي أفضل منه قرآن أنزله الله علي، هو هدى ونور. وتلا عليه رسول الله القرآن ودعاه إلى الإسلام. وكذلك ذكر الإمام في الموطأ كثيرا من حكم لقمان. وذكرت بعض كتب التفسير والأدب ألوانا من هذه الحكم. ثم جمعت أمثالا قصصية بعد ذلك في كتاب اسمه "أمثال لقمان"، ولكن ضعف أسلوبها وكثرة أغلاطها النحوية والصرفية، وعدم ورود كتاب بهذا الاسم في كتب العرب القديمة يؤكد أنه موضوع في عصر متأخر. والآراء مضطربة في حقيقة لقمان الحكيم: فهو نوبي من أهل أيلة أو حبشي أو أسود من سودان مصر، أو عبري، وجمهور الذين ذكروه مجمعون على أنه لم يكن نبيا، وقليل منهم ذهبوا إلى أنه كان نبيا، والذي نستطيع استنباطه مما ذكروه أنه لم يكن عربيا، لأنهم متفقون على هذا، وأنه كان رجلا حكيما ولم يكن نبيا، وأنه أدخل على العرب حكما جديدة تداولوها فيما بعد كما تبين من كثير من المراجع.
 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَإِذۡ قَالَ لُقۡمَٰنُ لِٱبۡنِهِۦ وَهُوَ يَعِظُهُۥ يَٰبُنَيَّ لَا تُشۡرِكۡ بِٱللَّهِۖ إِنَّ ٱلشِّرۡكَ لَظُلۡمٌ عَظِيمٞ} (13)

{ وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ } أو قال له قولا به يعظه بالأمر ، والنهي ، المقرون بالترغيب

والترهيب ، فأمره بالإخلاص ، ونهاه عن الشرك ، وبيَّن له السبب في ذلك فقال : { إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ } ووجه كونه عظيما ، أنه لا أفظع وأبشع ممن سَوَّى المخلوق من تراب ، بمالك الرقاب ، وسوَّى الذي لا يملك من الأمر شيئا ، بمن له الأمر كله ، وسوَّى الناقص الفقير من جميع الوجوه ، بالرب الكامل الغني من جميع الوجوه ، وسوَّى من لم ينعم بمثقال ذرة [ من النعم ]{[666]}  بالذي ما بالخلق من نعمة في دينهم ، ودنياهم وأخراهم ، وقلوبهم ، وأبدانهم ، إلا منه ، ولا يصرف السوء إلا هو ، فهل أعظم من هذا الظلم شيء ؟ ؟ !

وهل أعظم ظلما ممن خلقه اللّه لعبادته وتوحيده ، فذهب بنفسه الشريفة ، [ فجعلها في أخس المراتب ]{[667]}  جعلها عابدة لمن لا يسوى شيئا ، فظلم نفسه ظلما كبيرا .


[666]:- زيادة من ب.
[667]:- زيادة من ب. - زيادة من ب.
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَإِذۡ قَالَ لُقۡمَٰنُ لِٱبۡنِهِۦ وَهُوَ يَعِظُهُۥ يَٰبُنَيَّ لَا تُشۡرِكۡ بِٱللَّهِۖ إِنَّ ٱلشِّرۡكَ لَظُلۡمٌ عَظِيمٞ} (13)

{ وإذ قال لقمان لابنه } أنعم أو أشكم أو ماثان . { وهو يعظه يا بني } تصغير إشفاق ، وقرأ ابن كثير هنا وفي { يا بني أقم الصلاة } بإسكان الياء ، وحفص فيهما وفي { يا بني إنها إن تك } بفتح الياء ومثله البزي في الأخير وقرأ الباقون في الثلاثة بكسر الياء . { لا تشرك بالله } قيل كان كافرا فلم يزل به حتى أسلم ، ومن وقف على { لا تشرك } جعل بالله قسما . { إن الشرك لظلم عظيم } لأنه تسوية بين من لا نعمة إلا منه ومن لا نعمة منه .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَإِذۡ قَالَ لُقۡمَٰنُ لِٱبۡنِهِۦ وَهُوَ يَعِظُهُۥ يَٰبُنَيَّ لَا تُشۡرِكۡ بِٱللَّهِۖ إِنَّ ٱلشِّرۡكَ لَظُلۡمٌ عَظِيمٞ} (13)

وقوله { وإذ قال } يحتمل أن يكون التقدير واذكر إذ قال ، ويحتمل أن يكون التقدير «وآتيناه الحكمة إذ قال » واختصر ذلك لدلالة المتقدم عليه واسم ابنه ثاران{[9357]} ، وقرأ نافع وأبو عمرو وابن عامر وحمزة والكسائي وأبو بكر عن عاصم «يا بنيِّ » بالشد والكسر في الياء في الثلاثة على إدغام إحدى الياءين في الأخرى ، وقرأ حفص والمفضل عن عاصم «يا بنيَّ » بالشد والفتح في الثلاثة على قولك يا بنيا ويا غلاما ، وقرأ ابن أبي برة عن ابن كثير «يا بنيْ » بسكون الياء ، و { يا بني إنها } [ لقمان : 16 ] بالكسر ، و { يا بنيَّ أقم الصلاة } [ لقمان : 17 ] بفتح الياء ، وروى عنه قنبل بالسكون في الأولى والثالثة وبكسر الوسطى وظاهر قوله { إن الشرك لظلم عظيم } أنه من كلام لقمان ، ويحتمل أن يكون خبراً من الله تعالى منقطعاً من كلام لقمان متصلاً به في تأكيد المعنى ، ويؤيد هذا الحديث المأثور أنه لما نزلت { ولم يلبسوا إيمانهم بظلم } [ الأنعام : 82 ] أشفق أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا : أينا لم يظلم ، فأنزل الله تعالى { إن الشرك لظلم عظيم } فسكن إشفاقهم{[9358]} .

قال الفقيه الإمام القاضي : وإنما يسكن إشفاقهم بأن يكون ذلك خبراً من الله تعالى ، وقد يسكن الإشفاق بأن يذكر الله ذلك عن عبد قد وصفه بالحكمة والسداد .


[9357]:في القرطبي: (ثاران) بالثاء، وفي بعض الأصول (تابان) بالتاء.
[9358]:قوله تعالى: {ولم يلبسوا إيمانهم بظلم} من الآية 82 من سورة الأنعام، والحديث ذكره القرطبي، وقال عنه: "وفي الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه"، وذكر الإمام السيوطي في (الدر المنثور 3-26، 27) أنه أخرجه أحمد، والبخاري، ومسلم، والترمذي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والدارقطني في الإفراد، وأبو الشيخ، وابن مردويه – عن عبد الله بن مسعود، ولفظه كما في الدر: (قال: لما نزلت هذه الآية {الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم} شق ذلك على الناس، فقالوا: يا رسول الله وأينا لا يظلم نفسه؟ قال: إنه ليس الذي تعنون، ألم تسمعوا ما قال العبد الصالح: {إن الشرك لظلم عظيم}، إنما هو الشرك). ومن هذا النص يتضح أن قوله تعالى: {إن الشرك لظلم عظيم} من كلام لقمان، وهو ما رجحه ابن عطية والمفسرون. (وقد سبق الكلام على ذلك في الجزء الخامس صفحة 266).