{ وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ } لا يزيد ولا ينقص ، ويكون أيضا بمقدار الحاجة ، لا ينقص بحيث لا يكون فيه نفع ، ولا يزيد بحيث يضر العباد والبلاد ، بل أغاث به العباد ، وأنقذ به البلاد من الشدة ، ولهذا قال : { فَأَنْشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا } أي : أحييناها بعد موتها ، { كَذَلِكَ تُخْرَجُونَ } أي : فكما أحيا الأرض الميتة الهامدة بالماء ، كذلك يحييكم بعد ما تستكملون في البرزخ ، ليجازيكم بأعمالكم .
{ وَالَّذِي نزلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ } أي : بحسب الكفاية لزروعكم{[25992]} وثماركم وشربكم ، لأنفسكم ولأنعامكم . وقوله : { فَأَنْشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا } أي : أرضا ميتة ، فلما جاءها الماء اهتزت وربت ، وأنبتت من كل زوج بهيج .
ثم نبه بإحياء الأرض على إحياء الأجساد يوم المعاد بعد موتها ، فقال : { كَذَلِكَ تُخْرَجُونَ } .
وقوله تعالى : { من السماء } هو المطر بإجماع ، واختلف المتأولون في معنى قوله : { بقدر } فقالت فرقة معناه : بقضاء وحتم في الأزل . وقال آخرون المعنى : بقدر في الكفاية للصلاح لا إكثار فيفسد ولا قلة فيقصر ، بل غيثاً مغيثاً سبيلاً نافعاً . وقالت فرقة معناه : بتقدير وتحرير ، أي قدراً معلوماً ، ثم اختلف قائلو هذه المقالة ، فقال بعضهم : ينزل كل عام ماء قدراً واحداً لا يفضل عام عاماً ، لكن يكثر مرة هنا ومرة هاهنا . وقالت فرقة : بل ينزل الله تقديراً ما في عام ، وينزل في آخر تقديراً آخر بحسب ما سبق به قضاؤه ، لا إله غيره . و : { أنشرنا } معناه : أحيينا ، يقال : نشر الميت ، وأنشره الله . و : { بلدة } اسم جنس ، ووصفها ب { ميتاً } دون ضمير من حيث هي واقعة موقع قطر ونحوه ، إذ التأنيث فيها غير حقيقي .
وقرأ الجمهور : «ميْتاً » بسكون الياء . وقرأ أبو جعفر بن القعقاع : «ميِّتاً » بياء مكسورة مشددة ، وهي قراءة عيسى بن عمر ، والأول أرجح لشبه لفظها : بزور ، وعدل ، فحسن وصف المؤنث بها .
وقرأ أكثر السبعة والأعرج وأبو جعفر : «كذلك تُخرَجون » بضم التاء وفتح الراء . وقرأ حمزة والكسائي وابن وثاب وعبد الله بن جبير المصيح : «وكذلك تَخرُجون » بفتح التاء وضم الراء .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.