المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{مَا يَأۡتِيهِم مِّن ذِكۡرٖ مِّن رَّبِّهِم مُّحۡدَثٍ إِلَّا ٱسۡتَمَعُوهُ وَهُمۡ يَلۡعَبُونَ} (2)

2- ما يأتيهم قرآن من ربهم مُجدَّد نزوله ، مذكر لهم بما ينفعهم ، إلا استمعوه وهم مشغولون عنه بما لا نفع فيه ، يلعبون كما يلعب الأطفال .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{مَا يَأۡتِيهِم مِّن ذِكۡرٖ مِّن رَّبِّهِم مُّحۡدَثٍ إِلَّا ٱسۡتَمَعُوهُ وَهُمۡ يَلۡعَبُونَ} (2)

{ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ } يذكرهم ما ينفعهم ويحثهم عليه وما يضرهم ، ويرهبهم منه { إِلَّا اسْتَمَعُوهُ } سماعا ، تقوم عليهم به الحجة ، { وَهُمْ يَلْعَبُونَ لَاهِيَةً* قُلُوبُهُمْ } أي : قلوبهم غافلة معرضة لاهية بمطالبها الدنيوية ، وأبدانهم لاعبة ، قد اشتغلوا بتناول الشهوات والعمل بالباطل ، والأقوال الردية ، مع أن الذي ينبغي لهم أن يكونوا بغير هذه الصفة ، تقبل قلوبهم على أمر الله ونهيه ، وتستمعه استماعا ، تفقه المراد منه ، وتسعى جوارحهم ، في عبادة ربهم ، التي خلقوا لأجلها ، ويجعلون القيامة والحساب والجزاء منهم على بال ، فبذلك يتم لهم أمرهم ، وتستقيم أحوالهم ، وتزكوا أعمالهم ، وفي معنى قوله : { اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ } قولان : أحدهما أن هذه الأمة هي آخر الأمم ، ورسولها آخر الرسل ، وعلى أمته تقوم الساعة ، فقد قرب الحساب منها بالنسبة لما قبلها من الأمم ، لقوله صلى الله عليه وسلم " بعثت أنا والساعة كهاتين " وقرن بين إصبعيه ، السبابة والتي تليها .

والقول الثاني : أن المراد بقرب الحساب الموت ، وأن من مات ، قامت قيامته ، ودخل في دار الجزاء على الأعمال ، وأن هذا تعجب من كل غافل معرض ، لا يدري متى يفجأه الموت ، صباحا أو مساء ، فهذه حالة الناس كلهم ، إلا من أدركته العناية الربانية ، فاستعد للموت وما بعده .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{مَا يَأۡتِيهِم مِّن ذِكۡرٖ مِّن رَّبِّهِم مُّحۡدَثٍ إِلَّا ٱسۡتَمَعُوهُ وَهُمۡ يَلۡعَبُونَ} (2)

ثم أخبر تعالى أنهم لا يصغون إلى الوحي الذي أنزل الله على رسوله والخطاب مع قريش ومن شابههم من الكفار ، فقال { ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث } أي جديد إنزاله { إلا استمعوه وهم يلعبون } كما قال ابن عباس : ما لكم تسألون أهل الكتاب عما بأيديهم وقد حرفوه وبدلوه وزادوا فيه ونقصوا منه ، وكتابكم أحدث الكتب بالله تقرؤونه محضاً لم يشب ، رواه البخاري بنحوه .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{مَا يَأۡتِيهِم مِّن ذِكۡرٖ مِّن رَّبِّهِم مُّحۡدَثٍ إِلَّا ٱسۡتَمَعُوهُ وَهُمۡ يَلۡعَبُونَ} (2)

{ ما يأتيهم من ذكر } ينبههم من سنة الغفلة والجهالة . { من ربهم } صفة ل { ذكر } أو صلة ل { يأتيهم } . { محدث } تنزيله ليكرر على أسماعهم التنبيه كي يتعظوا ، وقرىء بالرفع حملا على المحل . { إلا استمعوه وهم يلعبون } يستهزئون به ويستسخرون منه لتناهي غفلتهم وفرط إعراضهم عن النظر في الأمور والتفكر في العواقب { وهم يلعبون } حال من الواو : { وكذلك لاهية قلوبهم } .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{مَا يَأۡتِيهِم مِّن ذِكۡرٖ مِّن رَّبِّهِم مُّحۡدَثٍ إِلَّا ٱسۡتَمَعُوهُ وَهُمۡ يَلۡعَبُونَ} (2)

جملة مبينة لجملة { وهم في غفلة معرضون } [ الأنبياء : 1 ] لبيان تمكن الغفلة منهم وإعراضهم ، بأنهم إذا سمعوا في القرآن تذكيراً لهم بالنظر والاستدلال اشتغلوا عنه باللعب واللهو فلم يفقهوا معانيه وكان حظهم منه سماع ألفاظه كقوله تعالى : { ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء صم بكم عمي فهم لا يعقلون } في سورة [ البقرة : 171 ] .

والذكر : القرآن أطلق عليه اسم الذكر الذي هو مصدر لإفادة قوة وصفه بالتذكير .

والمحدَث : الجديد . أي الجديد نزوله متكرراً ، وهو كناية عن عدم انتفاعهم بالذكر كلما جاءهم بحيث لا يزالون بحاجة إلى إعادة التذكير وإحداثه مع قطع معذرتهم لأنه لو كانوا سمعوا ذكراً واحداً فلم يعبأوا به لانتحلوا لأنفسهم عذراً كانوا ساعتئذ في غفلة ، فلما تكرر حدثان إتيانه تبين لكل منصف أنهم معرضون عنه صداً .

ونظير هذا قوله تعالى : { وما يأتيهم من ذكر من الرحمان محدث إلا كانوا عنه معرضين } في سورة [ الشعراء : 5 ] ، وليس المراد بمحدث ما قابل القديم في اصطلاح علم الكلام لعدم مناسبته لسياق النظم .

ومسألة صفة كلام الله تعالى تقدم الخوض فيها عند قوله تعالى : { وكلم الله موسى تكليماً } في سورة [ النساء : 164 ] .

وجملة { استمعوه } حال من ضمير النصب في { يأتيهم } وهذا الحال مستثنى من عموم أحوال أي ما يأتيهم ذكر في حال إلا في حال استماعهم .

وجملة { وهم يلعبون } حال لازمة من ضمير الرفع في { استمعوه } مقيّدة لجملة { استمعوه } لأن جملة { استمعوه } حال باعتبار أنها مقيّدة بحال أخرى هي المقصودة من التقييد وإلاّ لصار الكلام ثناء عليهم . وفائدة هذا الترتيب بين الجملتين الحاليتين الزيادةُ لِقطع معذرتهم المستفاد من قوله { مُحْدَث } كما علمت .