الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{مَا يَأۡتِيهِم مِّن ذِكۡرٖ مِّن رَّبِّهِم مُّحۡدَثٍ إِلَّا ٱسۡتَمَعُوهُ وَهُمۡ يَلۡعَبُونَ} (2)

قوله : { مُّحْدَثٍ } : العامَّةُ على جَرِّ " من " مُحْدَثٍ " نعتاً ل " ذِكْرٍ " على اللفظِ . وقوله : { مِّن رَّبِّهِمْ } فيه أوجهٌ ، أجودُها : أن يتعلَّقَ ب " يَِأْتيهم " وتكونُ " مِنْ " لابتداءِ الغايةِ مجازاً . والثاني : أن يتعلَّقَ بمحذوفٍ على أنَّه حالٌ من الضمير المستترِ في " مُحْدَثٍ " . الثالث : أن يكونَ حالاً مِنْ نفسِ " ذِكْرٍ " وإنْ كان نكرةً لأنَّه قد تَخَصَّصَ بالوصفِ ب " مُحْدَثٍ " ، وهو نظيرُ " ما جاءني رجلٌ قائماً منطلقٌ " فَفَصَل بالحالِ بين الصفةِ والموصوفِ . وأيضاً فإنَّ الكلامَ نفيٌ وهو مُسَوِّغٌ لمجيء الحالِ من النكرةِ . الرابع : أَنْ يكونَ نعتاً ل " ذِكْر " فيجوزُ في محلِّه الوجهان : الجرُّ باعتبارِ اللفظِ ، والرفعُ باعتبارِ المحلِّ لأنه مرفوعُ المحل إذ " مِنْ " مزيدةٌ فيه ، وسيأتي . وفي جَعْلِه نعتاً ل " ذِكْرٍ " إشكالٌ من حيث إنه قد تقدَّم غيرُ الصريحِ على الصريحِ . وتقدَّم تحريرُه في المائدة . الخامس : أَنْ يتعلَّقَ بمَحذوفٍ على سبيلِ البيان .

وقرِأ ابنُ أبي [ عَبْلة ] " مُحْدَثٌ " رفعاً نعتاً ل " ذِكْرٍ " على المحلِّ لأنَّ " مِنْ " مزيدةٌ فيه لاستكمالِ الشرطين . وقال أبو البقاء : " ولو رُفِع على موضع " مِنْ ذكْر " جاز " . كأنه لم يَطَّلِعْ عليه قراءةً . وزيدُ بنُ علي " مُحْدَثاً " نصباً على الحال مِنْ " ذِكْر " ، وسَوَّغ ذلك وصفُه ب " مِنْ ربِّهم " إنْ جَعَلْناه صفةً ، أو اعتمادُه على النفي . ويجوز أن يكونَ من الضمير المستتر في " مِنْ ربهم " إذا جَعَلْناه صفةً .

قوله : { إِلاَّ اسْتَمَعُوهُ } هذه الجملةُ حالٌ من مفعول " يأتيهم " ، وهو استثناءٌ مفرغٌ ، و " قد " معه مضمرةٌ عند قوم .

قوله : { وَهُمْ يَلْعَبُونَ } حالٌ مِنْ فاعل " استمعوه " .