النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{مَا يَأۡتِيهِم مِّن ذِكۡرٖ مِّن رَّبِّهِم مُّحۡدَثٍ إِلَّا ٱسۡتَمَعُوهُ وَهُمۡ يَلۡعَبُونَ} (2)

قوله تعالى : { مَا يأتيهم مِّن ذِكْرٍ مِّن رَّبِّهِم مُّحْدَثٍ } التنزيل{[1942]} مبتدأ التلاوة لنزوله سورة [ بعد سورة ] . وآية بعد آية ، كما كان ينزله الله عليه في وقت بعد وقت .

{ إِلاَّ اسْتَمَعُوهُ } أي استمعوا تنزيله فتركوا قبوله .

ويحتمل قوله تعالى :{ وَهُمْ يَلْعَبُونَ } فيه وجهان :

أحدهما : أي يلهون .

الثاني : يشتغلون{[1943]} . فإن حمل تأويله على اللهو احتمل ما يلهون به وجهين : أحدهما : بلذاتهم .

الثاني : بسماع ما يتلى عليهم .

وإن حمل تأويله على الشغل احتمل ما يشتغلون به وجهين : أحدهما : بالدنيا ، لأنها لعب كما قال تعالى :

{ إِنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ }

[ الحديد : 20 ] .

الثاني : يتشاغلون بالقَدْحِ فيه والاعتراض عليه .

قال الحسن : كلما جدد لهم الذكر استمروا على الجهل .


[1942]:يريد محدث النزول وتلاوة جبريل على الرسول، لا أن القرآن مخلوق، خلافا للمعتزلة الذين قالوا بأن القرآن مخلوق، وهذا يؤكد أن الماوردي لم يكن معتزليا كما اتهمه البعض.
[1943]:هذا الكلام ساقط من الأصل وقد نقله القرطبي عن المؤلف فرجعنا إليه في الزيادة كما أن السياق يقتضيها.