البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{مَا يَأۡتِيهِم مِّن ذِكۡرٖ مِّن رَّبِّهِم مُّحۡدَثٍ إِلَّا ٱسۡتَمَعُوهُ وَهُمۡ يَلۡعَبُونَ} (2)

ثم أخبر عنهم ثانياً أنهم إذا نبهوا من سنة الغفلة وذكروا بما يؤول إليه أمر المحسن والمسيء أعرضوا عنه ولم يبالوا بذلك ، والذكر هنا ما ينزل من القرآن شيئاً بعد شيء .

وقيل المراد بالذكر أقوال النبي صلى الله عليه وسلم في أمر الشريعة ووعظه وتذكيره ووصفه بالحدوث إذا كان القرآن لنزوله وقتاً بعد وقت .

وسئل بعض الصحابة عن هذه الآية فقال محدث النزول محدث المقول .

وقال الحسن بن الفضل : المراد بالذكر هنا النبيّ صلى الله عليه وسلم بدليل { هل هذا إلا بشر مثلكم } وقال : { قد أنزل الله إليكم ذكراً رسولاً } وقد احتجت المعتزلة على حدوث القرآن بقوله { محدث } وهي مسألة يبحث فيها في علم الكلام .

وقرأ الجمهور { محدث } بالجر صفة لذكر على اللفظ ، وابن أبي عبلة بالرفع صفة لذكر على الموضع ، وزيد بن عليّ بالنصب على الحال { من ذكر } إذ قد وصف بقوله { من ربهم } ويجوز أن يتعلق { من ربهم } بيأتيهم .

و { استمعوه } جملة حالية وذو الحال المفعول في { ما يأتيهم } { وهم يلعبون } جملة حالية من ضمير { استمعوه } .

2