السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{مَا يَأۡتِيهِم مِّن ذِكۡرٖ مِّن رَّبِّهِم مُّحۡدَثٍ إِلَّا ٱسۡتَمَعُوهُ وَهُمۡ يَلۡعَبُونَ} (2)

ولما أخبر تعالى عن غفلتهم وإعراضهم دلّ على ذلك بقوله : { ما يأتيهم } وأغرق في النفي بقوله : { من ذكر } أي : وحي ينبههم عن سنة الغفلة والجهالة ، وقوله تعالى : { من ربهم } صفة ذكر أوصلة ليأتيهم { محدث } إنزاله أي : ما يحدث الله تعالى من تنزيل شيء من القرآن يذكرهم ويعظهم به ، وبهذا سقط احتجاج المعتزلة بأن القرآن حادث لهذه الآية ، وقيل : معناه أن الله تعالى يحدث الأمر بعد الأمر ، فينزل الآية بعد الآية والسورة بعد السورة في وقت الحاجة لبيان الأحكام وغيرها من الأمور والوقائع ، وقيل : الذكر المحدث ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم وبيّنه من السنن والمواعظ سوى ما في القرآن ، وإضافه إليه ؛ لأن الله تعالى قال : { وما ينطق عن الهوى 3 إن هو إلا وحي يوحى } [ النجم : 3 ، 4 ] { إلا استمعوه } أي : قصدوا إسماعه وهو أجد الجد وأحق الحق { وهم } أي : والحال أنهم { يلعبون } أي : يفعلون فعل اللاعبين بالاستهزاء والسخرية لتناهي غفلتهم وفرط إعراضهم عن النظر في الأمور ، والتفكر في العواقب .