وقوله : { وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ } قال الإمام مسلم بن الحجاج في صحيحه : حدثنا عمر بن حفص بن{[30060]} غياث ، حدثنا أبي ، عن العلاء بن خالد الكاهلي ، عن شقيق ، عن عبد الله - هو ابن مسعود - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يؤتى بجهنم يومئذ لها سبعون ألف زمام ، مع كل زمام سبعون ألف مَلَك يجرونها " .
وهكذا رواه الترمذي عن عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي ، عن عمر بن حفص ، به{[30061]} ورواه أيضا عن عبد بن حُمَيد ، عن أبي عامر ، عن سفيان الثوري ، عن العلاء بن خالد ، عن شقيق ابن سلمة - وهو أبو وائل - عن عبد الله بن مسعود ، قوله ولم يرفعه{[30062]} وكذا رواه ابن جرير ، عن الحسن بن عرفة ، عن مَروان بن معاوية الفزاري ، عن العلاء بن خالد ، عن شقيق ، عن عبد الله ، قوله{[30063]} .
وقوله : { يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الإنْسَانُ } أي : عمله وما كان أسلفه في قديم دهره وحديثه ، { وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى } أي : وكيف تنفعه الذكرى ؟
وجيء يومئذ بجهنم كقوله تعالى وبرزت الجحيم وفي الحديث يؤتى بجهنم يومئذ لها سبعون ألف زمام مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها يومئذ يدل من إذا دكت الأرض والعامل فيهما يتذكر الإنسان أي يتذكر معاصيه أو يتعظ لأنه يعلم قبحها فيندم عليها وأنى له الذكرى أي منفعة الذكرى لئلا يناقض ما قبله واستدل به على عدم وجوب قبول التوبة فإن هذا التذكر توبة غير مقبولة .
واستعمال { وجيء يومئذ بجهنم } كاستعمال مَجيء الملك ، أي أحضرت جهنم وفتحت أبوابها فكأنها ( جاءَ ) بها جاء والمعنى : أظهرت لهم جهنم قال تعالى : { حتى إذا جاؤوها فتحت أبوابها } [ الزمر : 71 ] وقال : { وبرزت الجحيم لمن يرى } [ النازعات : 36 ] وورد في حديث مسلم عن ابن مسعود يرفعه : « أن لجهنم سبعين ألف زمام مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها » وهو تفسير لمعنى { وجيء يومئذ بجهنم } . وأمور الآخرة من خوارق العادات .
وإنما اقتصر على ذكر جهنم لأن المقصود في هذه السورة وعيد الذين لم يتذكروا وإلا فإن الجنة أيضاً مُحضرة يومئذ قال تعالى : { وأزلفت الجنة للمتقين وبرزت الجحيم للغاوين } [ الشعراء : 90 91 ] .
و { يومئذ } الأول متعلق بفعل { جيء } . والتقدير : وجيء يوم تُدَكّ الأرض دَكّاً دكّاً إلى آخره .
و { يومئذ } الثاني بدل من { إذا دكت الأرض } والمعنى : يوم تدكّ الأرض دكاً إلى آخره يتذكر الإِنسان . والعامل في البدل والمبدل منه معاً فعل { يتذكر } . وتقديمه للاهتمام مع ما في الإطناب من التشويق ليحصل الإِجمال ثم التفصيل مع حسن إعادة ما هو بمعنى { إذا } لزيادة الربط لطول الفصل بالجمل التي أضيف إليها { إذا } .
و { الإِنسان } : هو الإِنسان الكافر ، وهو الذي تقدم ذكره في قوله تعالى : { فأما الإِنسان إذا ما ابتلاه ربه } [ الفجر : 15 ] الآية فهو إظهار في مقام الإِضمار لبعد مَعاد الضمير .
وجملة : { وأنى له الذكرى } معترضة بين جملة { يتذكر الإنسان } وجملة : { يقول } الخ .
و { أنّى } اسم استفهام بمعنى : أين له الذكرى ، وهو استفهام مستعمل في الإِنكار والنفي ، والكلامُ على حذف مضاف ، والتقدير : وأين له نَفْع الذكرى .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.