المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{بَلَىٰ قَٰدِرِينَ عَلَىٰٓ أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُۥ} (4)

4- بلى نجمعها قادرين على أن نُسوى ما دق من أطراف أصابعه ، فكيف بما كبر من عظام جسمه ؟ .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{بَلَىٰ قَٰدِرِينَ عَلَىٰٓ أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُۥ} (4)

فرد عليه بقوله : { بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ } أي : أطراف أصابعه وعظامه ، المستلزم ذلك لخلق جميع أجزاء البدن ، لأنها إذا وجدت الأنامل والبنان ، فقد تمت خلقة الجسد .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{بَلَىٰ قَٰدِرِينَ عَلَىٰٓ أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُۥ} (4)

{ بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ } قال سعيد بن جُبَير والعَوفي ، عن ابن عباس : أن نجعله{[29543]} خُفّا أو حافرًا . وكذا قال مجاهد ، وعكرمة ، والحسن ، وقتادة ، والضحاك ، وابن جرير . ووجَّهه ابنُ جرير بأنه تعالى لو شاء لجعل ذلك في الدنيا .

والظاهر من الآية أن قوله : { قَادِرِينَ } حال من قوله : { نَجْمَعَ } أي : أيظن الإنسان أنا لا نجمع عظامه ؟ بلى سنجمعها قادرين على أن نُسَوِّي بنانه ، أي : قدرتنا صالحة لجمعها ، ولو شئنا لبعثناه أزيد مما كان ، فتجعل بنانه - وهي أطراف أصابعه - مستوية . وهذا معنى قول ابن قتيبة ، والزجاج .


[29543]:- (3) في أ: "أن نحوله".
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{بَلَىٰ قَٰدِرِينَ عَلَىٰٓ أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُۥ} (4)

بلى نجمعها قادرين على أن نسوي بنانه بجمع سلامياته وضم بعضها إلى بعض كما كانت مع صغرها ولطافتها فكيف بكبار العظام أو على أن نسوي بنانه الذي هو أطرافه فكيف بغيرها وهو حال من فاعل الفعل المقدر بعد بلى وقرئ بالرفع أي نحن قادرون .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{بَلَىٰ قَٰدِرِينَ عَلَىٰٓ أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُۥ} (4)

ثم قال تعالى : { بلى } وهي إيجاب ما نفي ، وبابها أن تأتي بعد النفي والمعنى بل يجمعها { قادرين } بنصب { قادرين } على الحال . وقرأ ابن أبي عبلة «قادرون » بالرفع ، وقال القتبي : { نسوي بنانه } معناه نتقنها سوية ، والبنان : الأصابع ، فكأن الكفار لما استبعدوا جمع العظام بعد الفناء والإرمام ، قيل لهم إنما تجمع ويسوى أكثرها تفرقاً أجزاء وهي عظام الأنامل ومفاصلها ، وهذا كله عند البعث ، وقال ابن عباس وجمهور المفسرين : { نسوي بنانه } معناه نجعلها في حياته هذه بضعة أو عظماً واحداً كخف البعير لا تفاريق فيه ، فكأن المعنى قادرين لأن في الدنيا على أن نجعلها دون تفرق ، فتقل منفعته بيده ، فكأن التقدير { بلى } نحن أهل أن نجمعها { قادرين } على إزالة منفعة بيده ، ففي هذا توعد ما ، والقول الأول أحرى مع رصف الكلام ، ولكن على هذا القول جمهور العلماء{[11464]} .


[11464]:من أسرار البلاغة القرآنية هنا أن الآية وهي ترد على إنكار الكفار لجمع العظام لم تكتف ببيان قدرة الله تعالى على جمعها، بل ذكرت شيئا آخر أدق من مجرد وأدل على القدرة وهو التسوية، ثم إن العلم الحديث قد اكتشف سر البصمة التي في أطراف الأصابع، وهي علامة من علامات القدرة الإلهية ذكرتها الآية قبل العلم وأهله بمئات السنين.
 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{بَلَىٰ قَٰدِرِينَ عَلَىٰٓ أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُۥ} (4)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

بلى قادرين على أعظم من ذلك،" أن نسويَ بنانه"، وهي أصابع يديه ورجليه، فنجعلها شيئا واحدا كخفّ البعير، أو حافر الحمار، فكان لا يأخذ ما يأكل إلا بفيه كسائر البهائم، ولكنه فرق أصابع يديه يأخذ بها، ويتناول ويقبض إذا شاء ويبسط، فحسن خلقه.

النكت و العيون للماوردي 450 هـ :

فيه وجهان:

أحدهما: بلى قادرين على أن نسوي مفاصله ونعيدها للبعث خلقاً جديداً، قاله جرير بن عبد العزيز.

معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي 516 هـ :

معناه: ظن الكافر أن لا نقدر على جمع عظامه، بلى نقدر على أن نعيد السلاميات على صغرها، فنؤلف بينها حتى نسوي البنان، فمن قدر على جمع صغار العظام فهو على جمع كبارها أقدر.

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

أي: نجمع العظام قادرين على تأليف جميعها وإعادتها إلى التركيب الأوّل إلى أن نسوّي بنانه أي: أصابعه التي هي أطرافه، وآخر ما يتم به خلقه. أو على أن نسوي بنانه ونضم سلامياته على صغرها ولطافتها بعضها إلى بعض كما كانت أولاً من غير نقصان ولا تفاوت، فكيف بكبار العظام.

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

والقرآن يرد على هذا الحسبان بعدم جمع العظام مؤكدا وقوعه: (بلى! قادرين على أن نسوي بنانه).. والبنان أطراف الأصابع؛ والنص يؤكد عملية جمع العظام، بما هو أرقى من مجرد جمعها، وهو تسوية البنان، وتركيبه في موضعه كما كان! وهي كناية عن إعادة التكوين الإنساني بأدق ما فيه، وإكماله بحيث لا تضيع منه بنان، ولا تختل عن مكانها، بل تسوى تسوية، لا ينقص معها عضو ولا شكل هذا العضو، مهما صغر ودق!

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

و {بَلَى} حرف إبطال للنفي الذي دل عليه {لن نجمع عظامه} فمعناه بل تجمع عظامه على اختلاف المحملين في معنى الجمع.

و {قادرين} حال من الضمير في الفعل المحذوف بعد {بَلَى} الذي يدل عليه قوله: {أن لن نجمع،} أي بل نجمعها في حال قدرتنا على أن نُسوي بَنانه.

ويجوز أن يكون {بلى} إبطالاً للنفيين: النفي الذي أفاده الاستفهام الإِنكاري من قوله {أيحسب الإِنسان} والنفي الذي في مفعول {يحسب}، وهو إبطال بزجر، أي بَل لِيحسِبْنا قادرين، لأن مفاد {أن لَنْ نجمع عظامه} أن لا نقدر على جمع عظامه فيكون {قادرين} مفعولاً ثانياً لِيَحْسِبْنَا المقدر، وعدل في متعلق {قادرين} عن أن يقال: قادرين على جمع عظامه إلى قادرين على أن نسوي بنانه لأنه أوفر معنى وأوفق بإرادة إجمال كيفية البعث والإِعادة.

ولمراعاة هذه المعاني عُدل عن رفع: قادرون، بتقدير: نحن قادرون، فلم يقرأ بالرفع.

والتسوية: تقويم الشيء وإتقان الخلْق قال تعالى: {ونفسٍ وما سَواها} [الشمس: 7] وقال في هذه السورة: {فخَلَق فسوى} [القيامة: 38]. وأريد بالتسوية إعادة خلق البنان مقوَّمة متقنة، فالتسوية كناية عن الخلق لأنها تستلزمه فإنه ما سُوِّيَ إلاّ وقد أُعيد خلقه قال تعالى: {الذي خلق فسوى} [الأعلى: 2].

والبَنان: أصابع اليدين والرجلين أو أطرافُ تلك الأصابع.

وإذ كانت هي أصغر الأعضاء الواقعة في نهاية الجسد كانت تسويتها كناية عن تسوية جميع الجسد لظهور أن تسْوية أطراف الجسد تقتضي تسوية ما قبلها.

تفسير من و حي القرآن لحسين فضل الله 1431 هـ :

{بَلَى} إن الله الخالق يؤكد القدرة على جمع عظامه لقدرته على ما هو أكبر من ذلك... {قَادِرِينَ عَلَى أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُ}. لماذا التركيز على البنان كمظهر للقدرة؟

وقد ذكر بعض المفسرين أن مسألة الحديث عن تسوية البنان، كناية عن إعادة التكوين الإنساني بأدقِّ ما فيه، وإكماله بحيث لا تضيع منه بنان ولا تختل عن مكانها، بل تسوّى تسويةً لا ينقص معها عضو، ولا شكل هذا العضو، مهما صغر ودقّ.

ولكننا نلاحظ على هذا التفسير بأن استبعاد هذا الإنسان جمع العظام سوف يستتبعه استبعاد جمع الأشياء الدقيقة في نطاق إعادة التكوين الإنساني، فتكون الآية الثانية مجرد تأكيد للموضوع الذي ينفيه الإنسان الكافر بالآخرة من دون إضافة أيّ دليل، لتبقى المسألة في دائرة الإِيحاء بالفكرة لا في دائرة الاستدلال عليها.

وهناك تفسير آخر وهو: «والمعنى: بلى نجمعها، والحال أنّا قادرون على أن نصوّر بنانه على صورتها التي كانت عليها بحسب خلقنا الأول.

وتخصيص البنان بالذكر لعله للإشارة إلى عجيب خلقها بما لها من الصور وخصوصيات التركيب والعدد، إذ تترتب عليها فوائد جمّة لا تكاد تحصى من أنواع القبض والبسط، والأخذ والردّ، وسائر الحركات اللطيفة والأعمال الدقيقة والصنائع الظريفة التي يمتاز بها الإنسان من سائر الحيوان، مضافاً إلى ما عليها من الهيئات والخطوط التي لا يزال ينكشف للإنسان منها سرٌّ بعد سرّ».

ولعلّ هذا أقرب إلى طبيعة الجوّ الاستدلالي في الآية، وقد يضاف إلى أسرار الإبداع في خلق البنان، أنها تمثل في خطوطها الدقيقة دليل الشخصية، لأن الناس يختلفون في بصمات أصابعهم، بحيث لا يتفق واحد في ذلك مع الآخر، مهما اقتربت علاقاتهم النسبية، ما يجعل من معرفة طبيعة البصمة سبيلاً لمعرفة صاحبها لاكتشاف مسؤوليته عن الجريمة ونحوها من القضايا المتصلة بمسؤولية الناس في قضاياهم العامة والخاصة.