لما جيء سليمان ، عليه السلام ، بعرش بلقيس قبل قدومها ، أمر به أن يغير بعض صفاته ، ليختبر معرفتها وثباتها عند رؤيته ، هل تقدم على أنه عرشها أو أنه ليس به ، فقال : { نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا نَنْظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لا يَهْتَدُونَ } .
قال ابن عباس : نزع عنه فصوصه ومرافقه .
وقال مجاهد : أمر به فغير ما كان أحمر جعل أصفر ، وما كان أصفر جعل أحمر : وما كان أخضر جعل أحمر ، غَيَّر كل شيء عن حاله .
وقال عكرمة : زادوا فيه ونقصوا .
[ وقال قتادة : جعل أسفله أعلاه ومقدمه مؤخره ، وزادوا فيه ونقصوا ]{[22052]} .
القول في تأويل قوله تعالى : { قَالَ نَكّرُواْ لَهَا عَرْشَهَا نَنظُرْ أَتَهْتَدِيَ أَمْ تَكُونُ مِنَ الّذِينَ لاَ يَهْتَدُونَ } .
يقول تعالى ذكره : قال سليمان لما أتى عرش بلقيس صاحبة سبأ ، وقدمت هي عليه ، لجنده : غيّروا لهذه المرأة سريرها . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا أبو سفيان ، عن معمر ، عن قَتادة ، قوله نَكّرُوا لَهَا عَرْشَها قال : غيروا .
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس : فلما أتته قالَ نَكّرُوا لَهَا عَرْشَها قال : وتنكير العرش ، أنه زيد فيه ونقص .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله نَكّرُوا لَهَا عَرْشَها قال : غيّروه .
حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاح ، عن ابن جُرَيج ، عن مجاهد ، نحوه .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله نَكرُوا لهَا عَرْشَها قال : مجلسها الذي تجلس فيه .
حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول ، أخبرنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول ، في قوله نَكّرُوا لَهَا عَرْشَها أمرهم أن يزيدوا فيه ، وينقصوا منه .
وقوله : نَنْظُرْ أتَهْتَدِي يقول : ننظر أتعقل فتثبت عرشها أنه هو الذي لها أمْ تَكُونُ مِنَ الّذِينَ لا يَهْتَدُونَ يقول : من الذين لا يعقلون فلا تثبت عرشها .
وقيل : إن سليمان إنما نكّر لها عرشها ، وأمر بالصرح يعمل لها ، من أجل أن الشياطين كانوا أخبروه أنه لا عقل لها ، وأن رجلها كحافر حمار ، فأراد أن يعرف صحة ما قيل له من ذلك . وبنحو الذي قلنا في تأويل قوله أتَهْتَدِي أمْ تَكُونُ مِنَ الّذِين لا يَهْتَدُونَ قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ننْظُرْ أتَهْتَدِي أمْ تَكُونُ مِنَ الّذِينَ لا يَهْتَدُونَ قال : زيد في عرشها ونقص منه ، لينظر إلى عقلها ، فوُجدت ثابتة العقل .
حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جُرَيج ، عن مجاهد نَنْظُرْ أتَهْتَدِي أتعرفه .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : ثني ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله نَنْظُرْ أتَهْتَدِي قال : تعرفه .
حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، عن بعض أهل العلم ، عن وهب بن منبه : أتَهْتَدِي أمْ تَكُونَ مِنَ الّذِينَ لا يَهْتَدُونَ : أي أتعقل ، أم تكون من الذين لا يعقلون ؟ ففعل ذلك لينظر أتعرفه ، أم لا تعرفه ؟
أراد سليمان عليه السلام في هذا «التنكير » تجربة ميزها ونظرها وليزيد في الإغراب عليها ، وروت فرقة أن الجن أحست من سليمان أو ظنت به أنه ربما تزوج بلقيس ، فكرهوا ذلك وعابوها عنده بأنها غير عاقلة ولا مميزة وبأن رجلها كحافر دابة ، فجرب عقلها وميزها بتنكير عرشها ، وجرب أمر رجلها بأمر الصرح ، لتكشف عن ساقيها عنده ، وقرأ أبو حيوة «تنظُر » بضم الراء ، و «تنكير العرش » تغيير وضعه وستر بعضه ، ونحو هذا ، وقال ابن عباس ومجاهد والضحاك تنكيره بأن زيد فيه ونقص منه ، ويعترض هذا بأن من حقها على هذا أن تقول ليس به وتكون صادقة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.