{ 35 } { وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا }
وهذا أمر بالعدل وإيفاء المكاييل والموازين بالقسط من غير بخس ولا نقص .
ويؤخذ من عموم المعنى النهي عن كل غش في ثمن أو مثمن أو معقود عليه والأمر بالنصح والصدق في المعاملة .
{ ذَلِكَ خَيْرٌ } من عدمه { وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا } أي : أحسن عاقبة به يسلم العبد من التبعات وبه تنزل البركة .
وقوله [ تعالى ]{[17486]} : { وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ } أي : من غير تطفيف ، ولا تبخسوا الناس أشياءهم . { وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ } قرئ بضم القاف وكسرها ، كالقرطاس وهو الميزان . وقال مجاهد : هو العدل بالرومية .
وقوله : { الْمُسْتَقِيمِ } أي : الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف ولا اضطراب .
{ ذَلِكَ خَيْرٌ } أي : لكم في معاشكم ومعادكم ؛ ولهذا قال : { وَأَحْسَنُ تَأْوِيلا } أي : مآلا ومنقلبًا في آخرتكم .
قال : سعيد ، عن قتادة : { ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلا } أي : خير ثوابًا وعاقبة . وأما ابن عباس كان يقول : يا معشر الموالي ، إنكم وليتم أمرين بهما هلك الناس قبلكم : هذا المكيال ، وهذا الميزان . قال وذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : " لا يقدر رجل على حرام ثم يدعه ، ليس به إلا مخافة الله ، إلا أبدله الله في عاجل الدنيا قبل الآخرة ما هو خير له من ذلك " {[17487]} .
القول في تأويل قوله تعالى { وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذا كِلْتُمْ وَزِنُواْ بِالقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً } .
يقول تعالى ذكره : وَ قضى أن أوْفُوا الكَيْلَ للناس إذَا كِلْتُمْ لهم حقوقهم قِبَلَكم ، ولا تبخَسُوهم وَزِنُوا بالقِسْطاسِ المُسْتَقِيمِ يقول : وقَضَى أو زنوا أيضا إذا وزنتم لهم بالميزان المستقيم ، وهو العدل الذي لا اعوجاج فيه ، ولا دَغَل ، ولا خديعة . وقد اختلف أهل التأويل في معنى القسطاس ، فقال بعضهم : هو القبان . ذكر من قال ذلك :
حدثنا محمد بن بشار ، قال : حدثنا صفوان بن عيسى ، قال : حدثنا الحسن بن ذكوان ، عن الحسن : وَزِنُوا بالقِسْطاسِ المُسْتَقِيمِ قال : القَبّان .
وقال آخرون : هو العدل بالرومية . ذكر من قال ذلك :
حدثنا عليّ بن سهل ، قال : حدثنا حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد : القِسطاس : العدل بالرومية . وقال آخرون : هو الميزان صغر أو كبر وفيه لغتان : القِسطاس بكسر القاف ، والقُسطاس بضمها ، مثل القِرطاس والقُرطاس وبالكسر يقرأ عامّة قرّاء أهل الكوفة ، وبالضمّ يقرأ عامة قرّاء أهل المدينة والبصرة ، وقد قرأ به أيضا بعض قرّاء الكوفيين ، وبأيتهما قرأ القارىء فمصيب ، لأنهما لغتان مشهورتان ، وقراءتان مستفيضتان في قرّاء الأمصار .
وقوله : ذلكَ خَيْرٌ يقول : إيفاؤكم أيها الناس من تكيلون له الكيل ، ووزنكم بالعدل لمن توفون له خَيْرٌ لَكُمْ من بخسكم إياهم ذلك ، وظلمكموهم فيه . وقوله : وأحْسَنُ تأْوِيلاً يقول : وأحسن مردودا عليكم وأولى إليه فيه فعلكم ذلك ، لأن الله تبارك وتعالى يرضى بذلك عليكم ، فيُحسن لكم عليه الجزاء . وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : وأوْفُوا الكَيْلَ كِلْتُمْ وَزِنُوا بالقِسْطاسِ المُسْتَقِيمِ ذلكَ خَيْرٌ وأحْسَنُ تَأْوِيلاً أي خير ثوابا وعاقبة .
وأخبرنا أن ابن عباس كان يقول : يا معشر الموالي ، إنكم وَلِيتم أمرين بهما هلك الناس قبلكم : هذا المِكيال ، وهذا المِيزان . قال : وذُكر لنا أن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : «لا يَقْدِرُ رَجُلٌ على حَرَامٍ ثُمّ يَدَعُهُ ، لَيْسَ بِهِ إلاّ مَخافَةُ اللّهِ ، إلاّ أبْدَلَهُ اللّهُ فِي عاجِلِ الدّنْيا قَبْلَ الاَخِرَةِ ما هُوَ خَيْرٌ لَهُ مِنْ ذلكَ » .
حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة وأحْسَنُ تَأْوِيلاً قال : عاقبة وثوابا .
{ وأوفوا الكيل إذا كِلتم } ولا تبخسوا فيه { وزنوا بالقسطاس المستقيم } بالميزان السوي ، وهو رومي عرب ولا يقدح ذلك في عربية القرآن ، لأن العجمي إذا استعملته العرب وأجرته مجرى كلامهم في الإعراب والتعريف والتنكير ونحوها صار عربيا . وقرأ حمزة والكسائي وحفص بكسر القاف هنا في " الشعراء " . { ذلك خير وأحسن تأويلا } وأحسن عاقبة تفعيل من آل إذا رجع .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.