{ 28 - 30 } { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ * وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * قُلْ لَكُمْ مِيعَادُ يَوْمٍ لَا تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ سَاعَةً وَلَا تَسْتَقْدِمُونَ }
يخبر تعالى أنه ما أرسل رسوله صلى اللّه عليه وسلم ، إلا ليبشر جميع الناس بثواب اللّه ، ويخبرهم بالأعمال الموجبة لذلك ، وينذرهم عقاب اللّه ، ويخبرهم بالأعمال الموجبة له ، فليس لك من الأمر شيء ، وكل ما اقترح عليك أهل التكذيب والعناد ، فليس من وظيفتك ، إنما ذلك بيد اللّه تعالى ، { وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ } أي : ليس لهم علم صحيح ، بل إما جهال ، أو معاندون لم يعملوا بعلمهم ، فكأنهم لا علم لهم . ومن عدم علمهم ، جعلهم عدم الإجابة لما اقترحوه على الرسول ، مجبا لرد دعوته .
يقول تعالى لعبده ورسوله محمد ، صلوات الله وسلامه عليه{[24340]} : { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا كَافَّةً لِلنَّاسِ{[24341]} } : أي : إلا إلى جميع الخلق من المكلفين ، كقوله{[24342]} تعالى : { قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا } [ الأعراف : 158 ] ، { تَبَارَكَ الَّذِي نزلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا } [ الفرقان : 1 ] . { بَشِيرًا وَنَذِيرًا } أي تبشر{[24343]} مَنْ أطاعك بالجنة ، وتنذر مَنْ عصاك بالنار .
{ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ } ، كقوله{[24344]} تعالى : { وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ } [ يوسف : 103 ] ، { وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الأرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ } [ الأنعام : 116 ] .
قال محمد بن كعب في قوله : { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا كَافَّةً لِلنَّاسِ } يعني : إلى الناس عامة .
وقال قتادة في هذه الآية : أرسل الله محمدا صلى الله عليه وسلم إلى العرب والعجم ، فأكرمُهم على الله أطوعهم لله عز وجل .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو عبد الله الظهراني ، حدثنا حفص بن عمر العَدَني ، حدثنا الحكم - يعني : ابن أبان{[24345]} - عن عِكْرِمة قال : سمعت ابن عباس يقول : إن الله فضل محمدًا صلى الله عليه وسلم على أهل السماء وعلى الأنبياء . قالوا : يا بن عباس ، فيم فضله الله{[24346]} على الأنبياء ؟ قال : إن الله قال : { وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ } ، وقال للنبي صلى الله عليه وسلم : { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا كَافَّةً لِلنَّاسِ } ، فأرسله الله إلى الجن والإنس .
وهذا الذي قاله ابن عباس قد ثبت في الصحيحين رَفْعهُ عن جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أعطيت خمسا لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي : نصرت بالرعب مسيرة شهر . وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا ، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل . وأحلت لي الغنائم ، ولم تحل لأحد قبلي . وأعطيت الشفاعة . وكان النبي يبعث إلى قومه ، وبعثت إلى الناس عامة " . {[24347]}
وفي الصحيح أيضا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " بعثت إلى الأسود والأحمر " {[24348]} : قال مجاهد . يعني : الجن والإنس . وقال غيره : يعني : العرب والعجم . والكل صحيح .
القول في تأويل قوله تعالى : { وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ إِلاّ كَآفّةً لّلنّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلََكِنّ أَكْثَرَ النّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ } .
يقول تعالى ذكره : وما أرسلناك يا محمد إلى هؤلاء المشركين بالله من قومك خاصة ، ولكنا أرسلناك كافة للناس أجمعين ، العرب منهم والعجم ، والأحمر والأسود ، بشيرا من أطاعك ، ونذيرا من كذّبك ، وَلَكِنّ أكْثَرَ النّاسِ لا يَعْلَمُونَ أن الله أرسلك كذلك إلى جميع البشر . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : وَما أرْسَلْناكَ إلاّ كافّةً للنّاس قال : أرسل الله محمدا إلى العرب والعجم ، فأكرمُهُم على الله أطوعهم له .
ذُكر لنا أن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم قال : «أنا سابِقُ العَرَبِ ، وَصُهَيْبُ سابِقُ الرّومِ ، وَبِلالُ سابِقُ الحَبَشَةِ ، وَسَلْمانُ سابِقُ فارِسَ » .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.