المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{إِذۡ رَءَا نَارٗا فَقَالَ لِأَهۡلِهِ ٱمۡكُثُوٓاْ إِنِّيٓ ءَانَسۡتُ نَارٗا لَّعَلِّيٓ ءَاتِيكُم مِّنۡهَا بِقَبَسٍ أَوۡ أَجِدُ عَلَى ٱلنَّارِ هُدٗى} (10)

10- حين أبصر ناراً في مسيره ليلا من مدين إلي مصر ، فقال عند ذلك لزوجه ومن معها : انتظروا في مكانكم ، إني أبصرت ناراً ، أرجو أن أحمل لكم منها جمرة تدفئكم ، أو أجد حول النار من يهديني إلي الطريق .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{إِذۡ رَءَا نَارٗا فَقَالَ لِأَهۡلِهِ ٱمۡكُثُوٓاْ إِنِّيٓ ءَانَسۡتُ نَارٗا لَّعَلِّيٓ ءَاتِيكُم مِّنۡهَا بِقَبَسٍ أَوۡ أَجِدُ عَلَى ٱلنَّارِ هُدٗى} (10)

{ فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ } أي : أبصرت { نَارًا } وكان ذلك في جانب الطور الأيمن ، { لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِقَبَسٍ } تصطلون به { أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى } أي : من يهديني الطريق . وكان مطلبه ، النور الحسي والهداية الحسية ، فوجد ثم النور المعنوي ، نور الوحي ، الذي تستنير به الأرواح والقلوب ، والهداية الحقيقية ، هداية الصراط المستقيم ، الموصلة إلى جنات النعيم ، فحصل له أمر لم يكن في حسابه ، ولا خطر بباله .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِذۡ رَءَا نَارٗا فَقَالَ لِأَهۡلِهِ ٱمۡكُثُوٓاْ إِنِّيٓ ءَانَسۡتُ نَارٗا لَّعَلِّيٓ ءَاتِيكُم مِّنۡهَا بِقَبَسٍ أَوۡ أَجِدُ عَلَى ٱلنَّارِ هُدٗى} (10)

9

فها هو ذا موسى - عليه السلام - في الطريق بين مدين ومصر إلى جانب الطور ها هو ذا عائد بأهله بعد أن قضى فترة التعاقد بينه وبين نبي الله شعيب ، على أن يزوجه إحدى ابنتيه في مقابل أن يخدمه ثماني سنوات أو عشرا . والأرجح أنه وفى عشرا ؛ ثم خطر له أن يفارق شعيبا وأن يستقل بنفسه وبزوجه ، ويعود إلى البلد الذي نشأ فيه ، والذي فيه قومه بنو إسرائيل يعيشون تحت سياط فرعون وقهره .

لماذا عاد . وقد خرج من مصر طريدا . قتل قبطيا فيها حين رآه يقتتل مع إسرائيلي ، وغادر مصر هاربا وبنو إسرائيل فيها يسامون العذاب ألوانا ? حيث وجد الأمن والطمأنينة في مدين إلى جوار شعيب صهره الذي آواه وزوجه إحدى ابنتيه ?

إنها جاذبية الوطن والأهل تتخذها القدرة ستارا لما تهيئه لموسى من أدوار . . وهكذا نحن في هذه الحياة نتحرك . تحركنا أشواق وهواتف ، ومطامح ومطامع ، وآلام وآمال . . وإن هي إلا الأسباب الظاهرة للغاية المضمرة ، والستار الذي تراه العيون لليد التي لا تراها الأنظار ولا تدركها الأبصار . يد المدبر المهيمن العزيز القهار . .

وهكذا عاد موسى . وهكذا ضل طريقه في الصحراء ومعه زوجه وقد يكون معهما خادم . ضل طريقه والليل مظلم ، والمتاهة واسعة . نعرف هذا من قوله لأهله : ( امكثوا إني آنست نارا لعلي آتيكم منها بقبس أو أجد على النار هدى ) . . فأهل البادية يوقدون النار عادة على مرتفع من الأرض ، ليراها الساري في الصحراء ، فتكشف له عن الطريق ، أو يجد عندها القرى والضيافة ومن يهديه إلى الطريق .

ولقد رأى موسى النار في الفلاة . فاستبشر . وذهب ليأتي منها بقبس يستدفى ء به أهله ، فالليلة باردة وليالي الصحراء باردة قارة . أو ليجد عندها من يهديه إلى الطريق ؛ أو يهتدي على ضوئها إلى الطريق .

لقد ذهب يطلب قبسا من النار ؛ ويطلب هاديا في السرى . . ولكنه وجد المفاجأة الكبرى . إنها النار التي تدفىء . لا الأجسام ولكن الأرواح . النار التي تهدي لا في السرى ولكن في الرحلة الكبرى :

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{إِذۡ رَءَا نَارٗا فَقَالَ لِأَهۡلِهِ ٱمۡكُثُوٓاْ إِنِّيٓ ءَانَسۡتُ نَارٗا لَّعَلِّيٓ ءَاتِيكُم مِّنۡهَا بِقَبَسٍ أَوۡ أَجِدُ عَلَى ٱلنَّارِ هُدٗى} (10)

{ إذ رأى نارا } ظرف ل { حديث } لأنه حدث أو مفعول لا ذكر . قيل إنه استأذن شعيبا عليهما الصلاة والسلام في الخروج إلى أمه ، وخرج بأهله فلما وافى وادي طوى وفيه الطور ولد له ابن في ليلة شاتية مظلمة مثلجة ، وكانت ليلة الجمعة وقد ضل الطريق وتفرقت ماشيته إذ رأى من جانب الطور نارا . { فقال لأهله امكثوا } أقيموا مكانكم . وقرأ حمزة " لأهله امكثوا ها هنا " وفي " القصص " بضم الهاء في الوصل والباقون بكسرها . { إني آنست نارا } أبصرتها إبصارا لا شبهة فيه ، وقيل الإيناس إبصار ما يؤنس به . { لعلي آتيكم منها بقبس } بشعلة من النار وقيل جمرة . { أو أجد على النار هدى } هاديا يدلني على الطريق أو يهديني أبواب الدين ، فإن أفكار الأبرار مائلة إليها في كل ما يعن لهم . ولما كان حصولهما مترقبا بني الأمر فيهما على الرجاء بخلاف الإيناس ، فإنه كان محققا ولذلك حققه لهم ليوطنوا أنفسهم عليه ، ومعنى الاستعلاء في { على النار } أن أهلها مشرفون عليها أو مستعلون المكان القريب منها كما قال سيبويه في : مررت بزيد إنه لصوق بمكان يقرب منه .