تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{إِذۡ رَءَا نَارٗا فَقَالَ لِأَهۡلِهِ ٱمۡكُثُوٓاْ إِنِّيٓ ءَانَسۡتُ نَارٗا لَّعَلِّيٓ ءَاتِيكُم مِّنۡهَا بِقَبَسٍ أَوۡ أَجِدُ عَلَى ٱلنَّارِ هُدٗى} (10)

الآيتان 9 و10 : وقوله تعالى : { وهل أتاك حديث موسى } { إذ رأى نارا } ظاهر هذا سؤال واستفهام ، لكن المراد منه الإيجاب . قال الحسن وأبو بكر : قوله : { وهل أتاك حديث موسى } أي لم يأتك حديث موسى ، وسيأتيك . ثم أخبره ، وأعلمه بحديثه ونبئه . وقال بعضهم : { وهل أتاك حديث موسى } أي قد أتاك حديث موسى لتخبرهم عما في كتبهم ليكون ذلك آية لنبوتك ورسالتك . وقوله تعالى : { فقال لأهله امكثوا إني آنست نارا } قيل رأيت { نارا لعلي آتيكم منها بقبس } ليس في هذه الآية بيان أن موسى في أي حال كان ، وفي أي وقت . لكن في موضع آخر بيان ذلك ، وهو ما قال { فلما قضى موسى الأجل وسار بأهله آنس من جانب الطور نارا } [ القصص : 29 ] هذا يدل أنه كان في حال السير والسفر رأى /329-ب/ ذلك ، وقال{[12180]} : { لعلي آتيكم منها بخبر أو جذوة من النار لعلكم تصطلون } وهذا{[12181]} يدل أنه كان في وقت الشتاء لأنه قال : { لعلكم تصطلون } [ القصص : 29 ] . قال أبو عوسجة : { لعلي آتيكم منها بقبس } القبس النار ، والأقباس النيران ، ويقال : قبس يقبس قبسا ، أي جاء بالنار ، ويقال : اقبَسْتني نارا ، واقتبست أيضا : تعلمت ، وهذا من ذاك ، لأن العلم ضوء . ويقال : أقبستُك علمتك ، واقتبست النار أو العلم .

وقال القتبي : { آنست نارا } أبصرت ، ويكون في موضع آخر : علمت كقوله : { فإن آنستم منهم رشدا } [ النساء : 6 ] أي علمتم منه رشدا .

وقوله تعالى : { أو أجد على النار هدى } هذا يشبه أن يكون قد استقبلته الطرق ، فلم يعلم الطريق الذي له من غيره ، فقال : { أو أجد على النار هدى } أي من يدلني ، ويرشدني على الطريق ، [ أو أن ] {[12182]} كان قد ضل الطريق ، وعدل عنه ، فقال عند ذلك ما قال ، والله أعلم .


[12180]:أدرج بعدها في الأصل وم: في آية أخرى.
[12181]:في الأصل وم: فهذا.
[12182]:في الأصل: والذي، في م: وأن.