فلما انتهت بقارون حالة البغي والفخر ، وازَّيَّنَتْت الدنيا عنده ، وكثر بها إعجابه ، بغته العذاب { فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ } جزاء من جنس عمله ، فكما رفع نفسه على عباد اللّه ، أنزله اللّه أسفل سافلين ، هو وما اغتر به ، من داره وأثاثه ، ومتاعه .
{ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ } أي : جماعة ، وعصبة ، وخدم ، وجنود { يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ } أي : جاءه العذاب ، فما نصر ولا انتصر .
وعندما تبلغ فتنة الزينة ذروتها ، وتتهافت أمامها النفوس وتتهاوى ، تتدخل يد القدرة لتضع حدا للفتنة ، وترحم الناس الضعاف من إغرائها ، وتحطم الغرور والكبرياء تحطما . ويجيء المشهد الثالث حاسما فاصلا :
( فخسفنا به وبداره الأرض ، فما كان له من فئة ينصرونه من دون الله ، وما كان من المنتصرين ) . .
هكذا في جملة قصيرة ، وفي لمحة خاطفة : ( فخسفنا به وبداره الأرض )فابتلعته وابتعلت داره ، وهوى في بطن الأرض التي علا فيها واستطال فوقها جزاء وفاقا . وذهب ضعيفا عاجزا ، لا ينصره أحد ، ولا ينتصر بجاه أو مال .
وهوت معه الفتنة الطاغية التي جرفت بعض الناس ؛ وردتهم الضربة القاضية إلى الله ؛ وكشفت عن قلوبهم قناع الغفلة والضلال . وكان هذا المشهد الأخير :
{ فخسفنا به وبداره الأرض } روي أنه كان يؤذي موسى عليه السلام كل وقت وهو يداريه لقرابته حتى نزلت الزكاة ، فصالحه عن كل ألف على واحد فحسبه فاستكثره ، فعمد إلى أن يفضح موسى بين بني إسرائيل ليرفضوه ، فبرطل بغية لترميه بنفسها فلما كان يوم العيد قام موسى خطيبا فقال : من سرق قطعناه ، ومن زنى غير محصن جلدناه ، ومن زنى محصنا رجمناه ، فقال قارون ولو كنت قال : ولو كنت ، قال إن بني إسرائيل يزعمون أنك فجرت بفلانة فأحضرت ، فناشدها موسى عليه السلام بالله أن تصدق فقالت : جعل لي قارون جعلا على أن أرميك بنفسي ، فخر موسى شاكيا منه إلى ربه فأوحى إليه أن مر الأرض بما شئت فقال : يا أرض خذيه إلى ركبتيه ثم قال خذيه إلى وسطه ، ثم قال خذيه فأخذته إلى عنقه ، ثم قال خذيه فخسفت به وكان قارون يتضرع إليه في هذه الأحوال فلم يرحمه ، فأوحى الله إليه ما أفظك استرحمك مرارا فلم ترحمه ، وعزتي وجلالي لو دعاني مرة لأجبته ، ثم قال بنو إسرائيل : إنما فعله ليرثه ، فدعا الله تعالى حتى خسف بداره وأمواله . { فما كان له من فئة } أعوان مشتقة من فأوت رأسه إذا ميلته . { ينصرونه من دون الله } فيدفعون عنه عذابه . { وما كان من المنتصرين } الممتنعين منه من قولهم نصره من عدوه فانتصر إذا منعه منه فامتنع .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.