الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{فَخَسَفۡنَا بِهِۦ وَبِدَارِهِ ٱلۡأَرۡضَ فَمَا كَانَ لَهُۥ مِن فِئَةٖ يَنصُرُونَهُۥ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ ٱلۡمُنتَصِرِينَ} (81)

ورُوِيَ في الخسف بقارونَ ودارِه أن موسى عليه السلام لما أمَضَّه فعلُ قارونَ به وتعدّيه عليه استجارَ باللّه تعالى وطلب النصرة فأوحى اللّه إليه أَني قد أمرتُ الأرض أَنْ تطيعكَ في قارونَ وأتباعه ، فقال موسى : يا أرض خذيهم فأخذتهم إلى الركب ، فاستغاثوا : يا موسى يا موسى فقال : خذيهم ، فأخذتهم شيئاً فشيئاً إلى أن تم الخسفُ بهم ، فأوحى اللّه إليه : يا موسى لَوْ بِيَ استغاثوا وإليَّ تابوا لرحمتِهُم ) قال قتادةُ وغيره : رُوِيَ ( أَنه يخسفُ به كل يوم قامةً فهو يتجلجل إلى يوم القيامة ) .

( ت ) : وفي الترمذي عن معاذ بن أنس الجُهَنِيِّ ، أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال : ( مَنْ تَرَكَ اللَّبَاسَ تَوَاضُعاً لِلَّهِ ، وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَيْهِ ، دَعَاهُ اللّهُ يَوْمَ القِيَامَةِ على رُؤُوسِ الخَلاَئِقِ حتى يُخَيِّرَهُ مِنْ أَيِّ حُلَلِ الإيمَانِ شَاءَ يَلْبَسُهَا ) وروى الترمذيُّ عن عائشة رضي اللّه عنها ( قالت : كان لنا قِرَامُ سِتْرٍ فيه تماثيلُ على بابي فرآه رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فقال : ( انْزَعِيهِ فَإنَّهُ يُذَكِّرُنِي الدُّنْيَا ) الحديثَ . وروى الترمذي عن كعب ابن عياض ، قال : سمعت النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقول : ( إنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ فِتْنَةً ، وَفِتْنَةُ أُمَّتِي : المَال ) ؛ قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح ، وفيه عن عثمان بن عفان رضي اللّه عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لَيْسَ لاِبْنِ آدَمَ حَقٌّ فِي سوى هذه الْخِصَالِ : بَيْتٍ يَسْكُنُهُ ، وَثَوْبٍ يُوَارِي عَوْرَتَهُ ، وَحِلْفُ الْخَبَزِ والمَاءِ ) . قال النضر بن شميلٍ : «جِلْفُ الخبز » يعني : ليس معه إدام انتهى . فهذه الأحاديث وأشباهها تزهِّد في زينةِ الدنيا وغضارة عيشها الفاني .