المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَثِيَابَكَ فَطَهِّرۡ} (4)

1 - يا أيها المتدثر بثيابه قم من مضجعك فحذر الناس من عذاب الله إن لم يؤمنوا ، وخُصَّ ربك - وحده - بالتعظيم ، وثيابك فطهرها بالماء من النجاسة .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَثِيَابَكَ فَطَهِّرۡ} (4)

{ وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ } يحتمل أن المراد بثيابه ، أعماله كلها ، وبتطهيرها تخليصها والنصح بها ، وإيقاعها على أكمل الوجوه ، وتنقيتها عن المبطلات والمفسدات ، والمنقصات من شر ورياء ، [ ونفاق ] ، وعجب ، وتكبر ، وغفلة ، وغير ذلك ، مما يؤمر العبد باجتنابه في عباداته .

ويدخل في ذلك تطهير الثياب من النجاسة ، فإن ذلك من تمام التطهير للأعمال خصوصا في الصلاة ، التي قال كثير من العلماء : إن إزالة النجاسة عنها شرط من شروط الصلاة .

ويحتمل أن المراد بثيابه ، الثياب المعروفة ، وأنه مأمور بتطهيرها عن [ جميع ] النجاسات ، في جميع الأوقات ، خصوصا في الدخول في الصلوات ، وإذا كان مأمورا بتطهير الظاهر ، فإن طهارة الظاهر من تمام طهارة الباطن .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَثِيَابَكَ فَطَهِّرۡ} (4)

ويوجهه إلى التطهر : ( وثيابك فطهر ) . . وطهارة الثياب كناية في الاستعمال العربي عن طهارة القلب والخلق والعمل . . طهارة الذات التي تحتويها الثياب ، وكل ما يلم بها أو يمسها . . والطهارة هي الحالة المناسبة للتلقي من الملأ الأعلى . كما أنها ألصق شيء بطبيعة هذه الرسالة . وهي بعد هذا وذلك ضرورية لملابسة الإنذاروالتبليغ ، ومزاولة الدعوة في وسط التيارات والأهواء والمداخل والدروب ؛ وما يصاحب هذا ويلابسه من أدران ومقاذر وأخلاط وشوائب ، تحتاج من الداعية إلى الطهارة الكاملة كي يملك استنقاذ الملوثين دون أن يتلوث ، وملابسة المدنسين من غير أن يتدنس . . وهي لفتة دقيقة عميقة إلى ملابسات الرسالة والدعوة والقيام على هذا الأمر بين شتى الأوساط ، وشتى البيئات ، وشتى الظروف ، وشتى القلوب !

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَثِيَابَكَ فَطَهِّرۡ} (4)

وقوله : { وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ } قال الأجلح الكندي ، عن عكرمة ، عن ابن عباس : أنه أتاه رجل فسأله عن هذه الآية : { وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ }

قال : لا تلبسها{[29472]} على معصية ولا على غَدْرَة . ثم قال : أما سمعت قول غيلان بن سلمة الثقفي :

فَإني بحمد الله لا ثوبَ فَاجر *** لبستُ ولا من غَدْرَة أتَقَنَّعُ{[29473]}

وقال ابن جريج ، عن عطاء ، عن ابن عباس [ في هذه الآية ]{[29474]} { وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ } قال : في كلام العرب : نَقِي الثياب . وفي رواية بهذا الإسناد : فطهر من الذنوب . وكذا قال إبراهيم ، الشعبي ، وعطاء .

وقال الثوري ، عن رجل ، عن عطاء ، عن ابن عباس في هذه الآية : { وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ } قال : من الإثم . وكذا قال إبراهيم النخعي .

وقال{[29475]} مجاهد : { وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ } قال : نفسك ، ليس ثيابه . وفي رواية عنه : { وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ } عملك فأصلح ، وكذا قال أبو رَزِين . وقال في رواية أخرى : { وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ } أي : لست بكاهن ولا ساحر ، فأعرض عما قالوا .

وقال قتادة : { وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ } أي : طهرها من المعاصي ، وكانت العرب تسمي الرجل إذا نكث ولم يف بعهد الله إنه لَمُدنَس{[29476]} الثياب . وإذا وفى وأصلح : إنه لمطهر الثياب .

وقال عكرمة ، والضحاك : لا تلبسها على معصية .

وقال الشاعر{[29477]}

إذا المرءُ لم يَدْنَس منَ اللؤم عِرْضُه *** فَكُلّ ردَاء يَرْتَديه جَميلُ

وقال العوفي ، عن ابن عباس : { وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ } [ يعني ]{[29478]} لا تك ثيابك التي تلبس من مكسب غير طائب ، ويقال : لا تلبس ثيابك على معصية .

وقال محمد بن سيرين : { وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ } أي : اغسلها بالماء .

وقال ابن زيد : كان المشركون لا يتطهرون ، فأمره الله أن يتطهر ، وأن يطهر ثيابه .

وهذا القول اختاره ابن جرير ، وقد تشمل الآية جميع ذلك مع طهارة القلب ، فإن العرب تطلق الثياب عليه ، كما قال امرؤ القيس :

أفاطمَ مَهلا بعض هَذا التَدَلُّل *** وَإن كُنت قَد أزْمَعْت هَجْري فأجْمِلي

وَإن تَكُ قَد سَاءتك مني خَليقَةٌ *** فَسُلّي ثِيَابي مِن ثيابك تَنْسُلِ{[29479]}

وقال سعيد بن جبير : { وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ } وقلبك ونيتك فطهر .

وقال محمد بن كعب القرظي ، والحسن البصري : وخُلقَك فَحسّن .


[29472]:- (1) في أ: "لا تسلبها".
[29473]:- (2) البيت في تفسير الطبري (29ظ91).
[29474]:- (3) زيادة من م.
[29475]:- (4) في م: "وعن".
[29476]:- (5) في م: "لدنس".
[29477]:- (6) هو دكين بن رجاء، وانظر: الشعر والشعراء لابن قتيبة (2/612) مستفادًا من حاشية الشعب.
[29478]:- (7) زيادة من م.
[29479]:- (8) ديوان امرئ القيس (ص37) مستفادًا من حاشية الشعب.
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَثِيَابَكَ فَطَهِّرۡ} (4)

وثيابك فطهر من النجاسات فإن التطهير واجب في الصلوات محبوب في غيرها وذلك بغسلها أو بحفظها عن النجاسة بتقصيرها مخافة جر الذيول فيها وهو أول ما أمر به من رفض العادات المذمومة أو طهر نفسك من الأخلاق الذميمة والأفعال الدنيئة فيكون أمرا باستكمال القوة العملية بعد أمره باستكمال القوة النظرية والدعاء إليه أو فطهر دثار النبوة عما يدنسه من الحقد والضجر وقلة الصبر .