الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{وَثِيَابَكَ فَطَهِّرۡ} (4)

{ وَثِيَابَكَ فَطَهّرْ } أمر بأن تكون ثيابه طاهرة من النجاسات ؛ لأنّ طهارة الثياب شرط في الصلاة لا تصح إلا بها ، وهي الأولى والأحب في غير الصلاة ، وقبيح بالمؤمن الطيب أن يحمل خبثاً . وقيل : هو أمر بتقصيرها ، ومخالفة العرب في تطويلهم الثياب وجرهم الذيول ، وذلك ما لا يؤمن معه إصابة النجاسة . وقيل : هو أمر بتطهير النفس مما يستقذر من الأفعال ويستهجن من العادات . يقال : فلان طاهر الثياب وطاهر الجيب والذيل والأردان إذا وصفوه بالنقاء من المعايب ومدانس الأخلاق . وفلان دنس الثياب للغادر ؛ وذلك لأنّ الثوب يلابس الإنسان ويشتمل عليه ، فكنى به عنه . ألا ترى إلى قولهم : أعجبني زيد ثوبه ، كما يقولون : أعجبني زيد عقله وخلقه ، ويقولون : المجد في ثوبه ، والكرم تحت حلته ؛ ولأنّ الغالب أنّ من طهر باطنه ونقاه عنى بتطهير الظاهر وتنقيته ، وأبى إلا اجتناب الخبث وإيثار الطهر في كل شيء .