غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَثِيَابَكَ فَطَهِّرۡ} (4)

1

وقوله { وثيابك فطهر } في تفسيره وجوه أربعة : أحدها أن يترك كل من لفظي الثياب والتطهير على ظاهره . فعن الشافعي أن المراد الإعلام بأن الصلاة لا تجوز إلا في ثياب طاهرة من الأنجاس والأقذار ولا ريب أن هذا هو الأصل إلا أن في غير حال الصلاة أيضاً لا يحل استعمال النجس أولا يحسن فقبح بالمؤمن الطيب أن يحمل خبثاً . وروي أنهم ألقوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم سلى شاة فرجع إلى بيته حزيناً وتدثر ثيابه فقيل { يا أيها المدثر قم فأنذر } ولا تمنعك تلك الناهية عن الإنذار . { وربك فكبر } عن أن لا ينتقم منهم { وثيابك فطهر } عن تلك النجاسات والقاذورات . الثاني : الثياب حقيقة والتطهير كناية عن التقصير لأن العرب كانوا يطولون ثيابهم ويجرون أذيالهم . وقال علي عليه السلام : قصر ثيابك فإنه أتقى وأبقى وأنقى . وقيل : تطهيرها أن لا تكون مغصوبة ولا محرمة بل تكون مكتبسة من وجه حلال . الثالث : عكسه فعبر عن الجسد بالثياب لاشتماله على النفس . وكان العرب لا يتنظفون وقت الاستنجاء فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتنظيف . الرابع : أن يكون كل من اللفظين مجازاً قال القفال : إنهم لما لقبوه بالساحر شق عليه ذلك فرجع إلى بيته وتدثر فكان ذلك إظهار جزع وقلة صبر فأمر بحسن الخلق وتهذيب الأخلاق أي طهر قلبك عن الصفات الذميمة كقطع الرحم وعزم الانتقام والسآمة من الدعوة إلى دين الله لأجل أذى القوم . وهذا بعد منا سبته لخطابه بالمدثر مجاز مستعمل يقال : فلان طاهر الجيب نقي الذيل إذا كان بريئاً من المثالب . ويقال : المجد في ثوبيه والكرم في برديه وذلك أن الثواب كالشيء الملازم للإنسان فجعل طهارته كطهارته ، ولأن الغالب أن من طهر باطنه طهر ظاهرة . وقيل : هو أمر بالاحتراز عن الآثام والأوزار التي كان يقدم عليها قبل النبوة . وهذا تأويل من حمل قوله { ووضعنا عنك وزرك } [ الشرح :2 ] على آثام الجاهلية : وقيل : معناه نساءك طهرهن . وقد يكنى عن النساء بالثياب هن لباس لكم .

/خ56