المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَوَهَبۡنَا لَهُۥٓ أَهۡلَهُۥ وَمِثۡلَهُم مَّعَهُمۡ رَحۡمَةٗ مِّنَّا وَذِكۡرَىٰ لِأُوْلِي ٱلۡأَلۡبَٰبِ} (43)

وجمعنا شمله بأهله الذين تفرقوا عنه أيام محنته ، وزدنا عليهم مثلهم ، وفعلنا ذلك رحمة منا له ، وعظة لأولى العقول ، ليعرفوا أن عاقبة الصبر الفرج .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَوَهَبۡنَا لَهُۥٓ أَهۡلَهُۥ وَمِثۡلَهُم مَّعَهُمۡ رَحۡمَةٗ مِّنَّا وَذِكۡرَىٰ لِأُوْلِي ٱلۡأَلۡبَٰبِ} (43)

{ وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ } قيل : إن اللّه تعالى أحياهم له { وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ } في الدنيا ، وأغناه اللّه ، وأعطاه مالا عظيما { رَحْمَةً مِنَّا } بعبدنا أيوب ، حيث صبر فأثبناه من رحمتنا ثوابا عاجلا وآجلا . { وَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ } أي : وليتذكر أولو العقول بحالة أيوب ويعتبروا ، فيعلموا أن من صبر على الضر ، أن اللّه تعالى يثيبه ثوابا عاجلا وآجلا ، ويستجيب دعاءه إذا دعاه .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَوَهَبۡنَا لَهُۥٓ أَهۡلَهُۥ وَمِثۡلَهُم مَّعَهُمۡ رَحۡمَةٗ مِّنَّا وَذِكۡرَىٰ لِأُوْلِي ٱلۡأَلۡبَٰبِ} (43)

17

ويقول القرآن الكريم :

( ووهبنا له أهله ومثلهم معهم رحمة منا وذكرى لأولي الألباب ) . .

وتقول بعض الروايات : إن الله أحيا له أبناءه ووهب له مثلهم ، وليس في النص ما يحتم أنه أحيا له من مات . وقد يكون معناه أنه بعودته إلى الصحة والعافية قد استرد أهله الذين كانوا بالنسبة إليه كالمفقودين . وأنه رزقه بغيرهم زيادة في الإنعام والرحمة والرعاية . مما يصلح ذكرى لذوي العقول والإدراك .

والمهم في معرض القصص هنا هو تصوير رحمة الله وفضله على عباده الذين يبتليهم فيصبرون على بلائه وترضى نفوسهم بقضائه .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَوَهَبۡنَا لَهُۥٓ أَهۡلَهُۥ وَمِثۡلَهُم مَّعَهُمۡ رَحۡمَةٗ مِّنَّا وَذِكۡرَىٰ لِأُوْلِي ٱلۡأَلۡبَٰبِ} (43)

قال الحسن وقتادة : أحياهم الله تعالى له بأعيانهم وزادهم مثلهم معهم .

وقوله : { رَحْمَةً مِنَّا } أي : به على صبره وثباته وإنابته وتواضعه واستكانته { وَذِكْرَى لأولِي الألْبَابِ } أي : لذوي العقول ليعلموا أن عاقبةَ الصبر الفرجُ والمخرجُ والراحة .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَوَهَبۡنَا لَهُۥٓ أَهۡلَهُۥ وَمِثۡلَهُم مَّعَهُمۡ رَحۡمَةٗ مِّنَّا وَذِكۡرَىٰ لِأُوْلِي ٱلۡأَلۡبَٰبِ} (43)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مّعَهُمْ رَحْمَةً مّنّا وَذِكْرَىَ لاُوْلِي الألْبَابِ } .

اختلف أهل التأويل في معنى قوله : ( وَوَهَبْنا لَهُ أهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ ) وقد ذكرنا اختلافهم في ذلك والصواب من القول عندنا فيه في سورة الأنبياء بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع . فتأويل الكلام : فاغتسل وشرب ، ففرّجنا عنه ما كان فيه من البلاء ، ووهبنا له أهله ، من زوجة وولد وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنّا له ورأفة وَذِكْرَى يقول : وتذكيرا لأولي العقول ، ليعتبروا بها فيتعظوا . وقد :

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرني نافع بن يزيد ، عن عقيل ، عن ابن شهاب ، عن أنس بن مالك ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «إنّ نَبِيّ اللّهِ أيّوبَ لَبِثَ بِهِ بَلاؤُهُ ثَمانِيَ عَشْرَةَ سَنَةً ، فَرَفَضَهُ القَرِيبُ والبَعِيدُ ، إلاّ رَجُلانِ مِنْ إخْوَانِهِ كانا مِنْ أخَصّ إخْوَانِهِ بِهِ ، كانا يَغْدُوَانِ إلَيْهِ وَيَرُوحانِ ، فَقالَ أحَدُهُما لِصَاحِبِه : تَعْلَمُ وَاللّهِ لَقَدْ أذْنَبَ أيّوبُ ذَنْبا ما أذْنَبَهُ أحَدٌ مِنَ العالَمِينَ ، قال لَهُ صَاحِبُهُ : وَما ذَاكَ ؟ قال : من ثَمانِي عَشْرَةَ سَنَةً لَمْ يَرْحَمْهُ اللّهُ فيَكْشِفَ ما بِهِ فَلَمّا رَاحا إلَيْهِ لَمْ يَصْبِر الرّجُلُ حتى ذَكَرَ ذلكَ لَهُ ، فَقالَ أيّوبُ : لا أدْرِي ما تَقُولُ ، غَيرَ أنّ اللّهَ يَعْلَمُ أنّي كُنْتُ أمُرّ عَلى الرّجُلَيْنِ يَتَنازَعانِ فَيَذْكُرانِ اللّهَ ، فأرْجِعُ إلى بَيْتِي فَأُكَفّرُ عَنْهُما كَراهِيَةَ أنْ يُذْكَرَ اللّهُ إلاّ فِي حَقّ قال : وكانَ يَخْرُجُ إلى حاجَتِهِ ، فإذَا قَضَاها أمْسَكَتِ امْرأتُهُ بِيَدِهِ حتى يبْلُغَ فَلَما كانَ ذاتَ يَوْمٍ أبْطَأَ عَلَيْها ، وَأَوحِيَ إلى أيّوبَ فِي مَكانِهِ : أنِ ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بارِدٌ وَشَرابٌ ، فاسْتَبْطأَتْهُ ، فَتَلَقّتْهُ تَنْظُرُ ، فأقْبَلَ عَلَيْها قَدْ أذْهَبَ اللّهُ ما بِهِ مِنَ البَلاءِ ، وَهُوَ عَلى أحْسَنِ ما كانَ فَلَمّا رَأتْهُ قَالَتْ : أيّ بارَكَ اللّهُ فِيكَ ، هَلْ رأيْتَ نَبِيّ اللّهِ هَذَا المُبْتَلي ، فَوَاللّهِ على ذلكَ ما رأيْتُ أحَدا أشْبَهَ بِهِ مِنْكَ إذْ كانَ صَحِيحا ؟ قالَ : فإنّي أنا هُوَ قال : وكانَ لَهُ أنْدَرَانِ : أنْذَرٌ للْقَمْحِ ، وأنْدَرٌ للشّعِيرِ ، فَبَعَثَ اللّهُ سَحَابَتَيْنِ ، فَلَمّا كانَتْ إحْدَاهُما على أنْدَرِ القَمْحِ ، أفْرَغَتْ فِيهِ الذّهَبَ حتى فاضَ ، وأفرَغَتِ الأُخْرَى في أنْدَرِ الشّعِيرِ الوَرِق حتى فاضَ » .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة وَوَهَبْنا لَهُ أهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ قال : قال الحسن وقتادة : فأحياهم الله بأعيانهم ، وزادهم مثلهم .

حدثني محمد بن عوف ، قال : حدثنا أبو المغيرة ، قال : حدثنا صفوان ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن جُبَير ، قال : لما ابتُلِي نبيْ الله أيوب صلى الله عليه وسلم بماله وولده وجسده ، وطُرح في مَزْبلة ، جعلت امرأته تخرج تكسب عليه ما تطعمه ، فحسده الشيطان على ذلك ، وكان يأتي أصحاب الخبز والشويّ الذين كانوا يتصدّقون عليها ، فيقول : اطردوا هذه المرأة التي تغشاكم ، فإنها تعالج صاحبها وتلمسه بيدها ، فالناس يتقذّرون طعامكم من أجل أنها تأتيكم وتغشاكم على ذلك وكان يلقاها إذا خرجت كالمحزون لمَا لقي أيوب ، فيقول : لَجّ صاحبك ، فأبى إلا ما أتى ، فوالله لو تكلم بكلمة واحدة لكشف عنه كلّ ضرّ ، ولرجع إليه ماله وولده ، فتجيء ، فتخبر أيوب ، فيقول لها : لقيك عدوّ الله فلقنك هذا الكلام ويلَك ، إنما مثلك كمثل المرأة الزانية إذا جاء صديقها بشيء قبلته وأدخلته ، وإن لم يأتها بشيء طردته ، وأغلقت بابها عنه لما أعطانا الله المال والولد آمنا به ، وإذا قبض الذي له منا نكفر به ، ونبدّل غيره إن أقامني الله من مرضي هذا لأجلدنّك مئةً ، قال : فلذلك قال الله : وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثا فاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَوَهَبۡنَا لَهُۥٓ أَهۡلَهُۥ وَمِثۡلَهُم مَّعَهُمۡ رَحۡمَةٗ مِّنَّا وَذِكۡرَىٰ لِأُوْلِي ٱلۡأَلۡبَٰبِ} (43)

{ ووهبنا له أهله } بأن جمعناهم عليه بعد تفرقهم أو أحييناهم بعد موتهم ، وقيل وهبنا له مثلهم . { ومثلهم معهم } حتى كان له ضعف ما كان . { رحمة منا } لرحمتنا عليه { وذكرى لأولي الألباب } وتذكيرا لهم لينتظروا الفرج بالصبر واللجأ إلى الله فيما يحيق بهم .