اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَوَهَبۡنَا لَهُۥٓ أَهۡلَهُۥ وَمِثۡلَهُم مَّعَهُمۡ رَحۡمَةٗ مِّنَّا وَذِكۡرَىٰ لِأُوْلِي ٱلۡأَلۡبَٰبِ} (43)

قوله : { وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَّعَهُمْ } قيل : هم عين أهله ودياره «ومثلهم » قيل : غيرهم مثلهم ، والأول أولى ؛ لأنه الظاهر فلا يجوز العُدُولُ عنه من غير ضرورة . ثم اختلفوا فقيل : أزلنا عنهم السَّقَم فأعيدوا أَصِحَّاء ، وقيل : بل حضروا عنده بعد أن غابوا عنه واجتمعوا بعد أن تفرقوا ، وقيل : بل تمكن منهم وتمكنوا منه كما يفعل بالعِشْرَة والخِدْمَة .

قوله : { وَمِثْلَهُمْ مَّعَهُمْ } الأقرب أنه تعالى متَّعه بصِحَّتِهِ وماله وقواه حتى كثر نسله وصاروا أهله ضعف ما كانوا وأضعاف ذلك . وقال الحسن : المراد بِهبة الأهل أنه تعالى أحياهم بعد أن هَلَكُوا .

قوله : «رَحْمَةً وَذِكْرى » مفعول من أجله أي وهبناهم له لأجل رحمتنا إياه وليَتَذَكَّرَ بحاله أولو الألباب يعني سلطنا عليه البلاء أولاً فصبر ، ثم أزلنا عنه البلاء وأوصلنا إليه الآلاء والنَّعْمَاءَ تنبيهاً لأولي الألباب على أن من صبر ظفر . وهو تسلية لمحمد - عليه الصلاة والسلام- كما تقدم . قالت المعتزلة : وهذا يدل على أن أفعال الله تعالى معلَّلة بالأغراض والمقاصد لقوله : { رَحْمَةً مِّنَّا وذكرى لأُوْلِي الألباب } .