التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي  
{وَوَهَبۡنَا لَهُۥٓ أَهۡلَهُۥ وَمِثۡلَهُم مَّعَهُمۡ رَحۡمَةٗ مِّنَّا وَذِكۡرَىٰ لِأُوْلِي ٱلۡأَلۡبَٰبِ} (43)

ثم بين - سبحانه - أنه بفضله وكرمه لم يكتف بمنح أيوب الشفاء من مرضه ، بل أضاف إلى ذلك أن وهب له الأهل والولد فقال - تعالى - : { وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنَّا وذكرى لأُوْلِي الألباب } .

والآية الكريمة معطوفة على مقدر يفهم من السياق أى : استجاب أيوب لتوجيهنا ، فاغتسل وشرب من الماء ، فكشفنا عنه ما نزل به من بلاء ، وعاد أيوب معافى ، ولم نكتف بذلك بل وهبنا له أهله . ووهبنا له { وَمِثْلَهُمْ مَّعَهُمْ } أى : بأن رزقناه بعد الشفاء أولادا كعدد الأولاد الذين كانوا معه قبل شفائه من مرضه ، فصار عددهم مضاعفا .

وذلك كله { رَحْمَةً مِّنَّا } أى من أجل رحمتنا به { وذكرى لأُوْلِي الألباب } أى : ومن أجل أن يتذكر ذلك أصحاب العقول السليمة ، فيصبروا على الشدائد كما صبر أيوب ، ويلجأوا إلى الله - تعالى - كما لجأ ، فينالوا منا الرحمة والعطاء الجزيل .

قال الآلوسى ما ملخصه : قوله : { وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ } الجمهور على أنه - تعالى - أحيا له من مات من أهله ، وعافى المرضى ، وجمع له من تشتت منهم ، وقيل - وإليه أميل - وهبه من كان حيا منهم ، وعافاه من الأسقام ، وأرغد لهم العيش فتناسلوا حتى بلغ عددهم عدد من مضى ، ومثلهم معهم ، فكان له ضعف ما كان ، والظاهر أن هذه الهبة كانت فى الدنيا .