وكأنما أفاق زكريا من غمرة الرغبة وحرارة الرجاء ، على هذه الاستجابة القريبة للدعاء . فإذا هو يواجه الواقع . . إنه رجل شيخ بلغ من الكبر عتيا ، وهن عظمه واشتعل شيبه ، وامرأته عاقر لم تلد له في فتوته وصباه : فكيف يا ترى سيكون له غلام ? إنه ليريد أن يطمئن ، ويعرف الوسيلة التي يرزقه الله بها هذا الغلام : ( قال : رب أنى يكون لي غلام وكانت امرأتي عاقرا وقد بلغت من الكبر عتيا ? ) .
إنه يواجه الواقع ، ويواجه معه وعد الله . وإنه ليثق بالوعد ، ولكنه يريد أن يعرف كيف يكون تحقيقه مع ذلك الواقع الذي يواجهه ليطمئن قلبه . وهي حالة نفسية طبيعية . في مثل موقف زكريا النبي الصالح . الإنسان ! الذي لا يملك أن يغفل الواقع ، فيشتاق أن يعرف كيف يغيره الله !
هذا تعجب من زكريا ، عليه السلام ، حين أجيب إلى ما سأل ، وبُشِّر بالولد ، ففرح فرحًا شديدًا ، وسأل عن كيفية ما يولد له ، والوجه الذي يأتيه منه الولد ، مع أن امرأته [ كانت ]{[18690]} عاقرًا لم تلد من أول عمرها مع كبرها ، ومع أنه قد كبر وعتا ، أي عسا عظمه ونحل{[18691]} ولم يبق فيه لقاح ولا جماع .
تقول العرب للعود إذا يبس : " عَتا يَعْتو عِتيا وعُتُوا ، وعَسا يَعْسو عُسوا وعِسيا " .
وقال مجاهد : { عِتِيًّا } بمعنى : نحول{[18692]} العظم .
وقال ابن عباس وغيره : { عِتِيًّا } يعني : الكبر .
وقال ابن جرير : حدثنا يعقوب ، حدثنا هُشَيْم ، أخبرنا حُصَيْن ، عن عِكْرمة ، عن ابن عباس قال : لقد علمت السنة كلها ، غير أني لا أدري أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الظهر والعصر أم لا ؟ ولا أدري كيف كان يقرأ هذا الحرف : { وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا } أو " عسيا " .
ورواه الإمام أحمد عن سُرَيْج{[18693]} بن النعمان ، وأبو داود ، عن زياد بن أيوب ، كلاهما عن هشيم ، به .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.