الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{قَالَ رَبِّ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي غُلَٰمٞ وَكَانَتِ ٱمۡرَأَتِي عَاقِرٗا وَقَدۡ بَلَغۡتُ مِنَ ٱلۡكِبَرِ عِتِيّٗا} (8)

ثم قال : { قال رب أنى يكون لي غلام وكانت امرأتي عاقرا }[ 7 ] .

أي : قال زكرياء : يا رب ، من أي وجه يكون لي غلام وامرأتي عاقر لا تحمل ، وقد ضعفت من الكبر عن مباضعة{[43874]} النساء . كأنه يستثبت الخبر من عند ربه . كيف يأتي هذا الغلام ؟ أيحدث فيه قوة{[43875]} يقوى بها على مباضعة النساء ويجعل امرأته ولودا ؟ أو يتزوج{[43876]} / غيرها ممن تلد ؟ أو كيف ذلك ؟ على طريق الاسترشاد لا على طريق الإنكار ، لأنه هو الراغب في ذلك إلى الله . فلا يجوز الإنكار فيه البتة .

وقيل : قال ذلك على طريق التعجب من قدرة الله ، إذ امرأته عاقر .

قال السدي : نادى جبريل صلى الله عليه وسلم زكرياء : { يا زكرياء إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى لم نجعل له من قبل سميا } .

فلما سمع النداء جاءه الشيطان فقال له : يا زكريا ، إن الصوت الذي سمعت ليس من الله ، إنما هو من الشيطان سخر بك ، ولو كان من الله أوحاه إليك ما يوحي إليك غيره من الأمر فشك{[43877]} مكانه وقال : { أنى يكون لي غلام وكانت امرأتي عاقرا }{[43878]} .

وقوله : ( عتيا ) أي قد عتوت من الكبر فصرت يابس العظام . يقال للعود اليابس ، عود عات وعاس .

وقال قتادة : ( عتيا ) نسئا{[43879]} ، وكان ابن بضع وسبعين سنة{[43880]} . وقيل{[43881]} : سبعين سنة .


[43874]:المباضعة، المجامعة، اللسان (بضع).
[43875]:(ز): قوتي، تحريف.
[43876]:(ز): أو متزوج.
[43877]:(ع)، فثبت، والمثبت من (ز) وجامع البيان 16/50. والشك، واللزوم واللصوق انظر: اللسان (شكك).
[43878]:انظر: جامع البيان 16/50، وقال عنه القرطبي: وهذا فيه نظر: لإخبار الله تعالى بأن الملائكة نادته انظر: تفسير القرطبي 11/84.
[43879]:(ز): يابسا، تحريف.
[43880]:انظر: جامع البيان 16/51.
[43881]:القول: للثوري في الدر المنثور 4/260.