السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{قَالَ رَبِّ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي غُلَٰمٞ وَكَانَتِ ٱمۡرَأَتِي عَاقِرٗا وَقَدۡ بَلَغۡتُ مِنَ ٱلۡكِبَرِ عِتِيّٗا} (8)

ثم كأنه قيل : فما قال في جواب هذه البشارة العظيمة ؟ فقيل : { قال } . عالماً بصدقها طالباً لتأكيدها وللتلذذ بترديدها وهل ذلك من امرأته أو من غيرها ؟ وهل إذا كان منها يكونان على حالتهما من الكبر أو غيرها غير طائش ولا عجل ؟ { رب } أيها المحسن إليّ بإجابة الدعاء دائماً { أنّى } أي : من أين وكيف وعلى أي : حال { يكون لي غلام } يولد في غاية القوة والنشاط والكمال في الذكورة { وكانت } أي والحال أنه كانت { امرأتي } إذ كانت شابة { عاقراً } غير قابلة للولد وأنا وهي شابان فلم يأتنا ولد لاختلال أحد السبيلين فكيف بها وقد أيست ؟ قال الجلال المحلي : بلغت ثمان وتسعين سنة { وقد بلغت } أنا { من الكبر عتياً } من عتا يبس أي : نهاية السنّ ، قال الجلال المحلي : مائة وعشرين سنة وبما تقرر سقط ما قيل لم تعجب زكريا بقوله : { أنى يكون لي غلام } مع أنه هو الذي طلب الغلام ، وقرأ حفص وحمزة والكسائي عتياً وصلياً وجثياً بكسر عين الأوّل وصاد الثاني وجيم الثالث وضم الباقون ، وأما بكياً فكسر الباء الموحدة حمزة والكسائي وضمها الباقون ، وأصل عتي عتو وكسرت التاء تخفيفاً وقلبت الواو الأولى ياء لمناسبة الكسرة ، والثانية ياء لتدغم فيها وإنما استعجب للولد من شيخ فان وعجوز عاقر اعترافاً بأن المؤثر فيه كامل القدرة وأن الوسايط عند المحققين ملغاة ولذلك { قال } .