بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{قَالَ رَبِّ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي غُلَٰمٞ وَكَانَتِ ٱمۡرَأَتِي عَاقِرٗا وَقَدۡ بَلَغۡتُ مِنَ ٱلۡكِبَرِ عِتِيّٗا} (8)

فقال زكريا عند ذلك : { قَالَ رَبّ } ، يقول : يا سيدي { أنى يَكُونُ لِي غلام } ، يعني : من أين يكون لي ولد ؟ ويقال : إنما قال ذلك على وجه الدعاء لله تعالى ، فقال : يا رب من أين يكون لي ولد ؟ { وَكَانَتِ امرأتى عَاقِرًا } من الولد ، { وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الكبر عِتِيّاً } ، يقول : تحول العظم مني يابساً ، ومنه يقال : قلب عات إذا كان قاسي القلب غير لين ، ويقال لكل شيء انتهى فقد عتى . ولم يكن زكريا شاكّاً في بشارة الله عز وجل ، ولكن أحب أن يعلم من أي وجه يكون . قرأ حمزة وعاصم في رواية حفص والكسائي { عِتِيّاً } بكسر العين وكذلك { صِلِيّاً } وَ { جِثِيّاً } { وَبُكِيّاً } إلا أن عاصماً خالفهما في { ***بُكِيّاً } ، والباقون كلها بالضم ، وكأن أبا عبيدة اختار الضم ، لأنه أفصح اللغتين وهي قراءة أبي .

{ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ } له جبريل عليه السلام { كذلك } ، يعني : هكذا كما قلت إنك { قَدْ بَلَغْتَ مِن الكبر عِتِيّاً *** قَالَ كذلك قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَىَّ هَيّنٌ }