{ وَإِنَّهُ } أي : هذا القرآن الكريم { لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ } أي : فخر لكم ، ومنقبة جليلة ، ونعمة لا يقادر قدرها ، ولا يعرف وصفها ، ويذكركم أيضا ما فيه الخير الدنيوي والأخروي ، ويحثكم عليه ، ويذكركم الشر ويرهبكم عنه ، { وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ } عنه ، هل قمتم به فارتفعتم وانتفعتم ، أم لم تقوموا به فيكون حجة عليكم ، وكفرا منكم بهذه النعمة ؟
( وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون ) . .
ونص هذه الآية هنا يحتمل أحد مدلولين :
أن هذا القرآن تذكير لك ولقومك تسألون عنه يوم القيامة ، فلا حجة بعد التذكير .
أو أن هذا القرآن يرفع ذكرك وذكر قومك . وهذا ما حدث فعلاً . .
فأما الرسول [ صلى الله عليه وسلم ] فإن مئات الملايين من الشفاه تصلي وتسلم عليه ، وتذكره ذكر المحب المشتاق آناء الليل وأطراف النهار منذ قرابة ألف وأربع مئة عام . ومئات الملايين من القلوب تخفق بذكره وحبه منذ ذلك التاريخ البعيد إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها .
وأما قومه فقد جاءهم هذا القرآن والدنيا لا تحس بهم ، وإن أحست اعتبرتهم على هامش الحياة . وهو الذي جعل لهم دورهم الأكبر في تاريخ هذه البشرية . وهو الذي واجهوا به الدنيا فعرفتهم ودانت لهم طوال الفترة التي استمسكوا فيها به . فلما أن تخلوا عنه أنكرتهم الأرض ، واستصغرتهم الدنيا ؛ وقذفت بهم في ذيل القافلة هناك ، بعد أن كانوا قادة الموكب المرموقين !
وإنها لتبعة ضخمة تسأل عنها الأمة التي اختارها الله لدينه ، واختارها لقيادة القافلة البشرية الشاردة ، إذا هي تخلت عن الأمانة : ( وسوف تسألون ) . .
ثم قال : { وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ } قيل : معناه لشرف{[26058]} لك ولقومك ، قاله ابن عباس ، ومجاهد ، وقتادة ، والسدي ، وابن زيد . واختاره ابن جرير ، ولم يحك سواه .
وأورد البغوي هاهنا حديث الزهري ، عن محمد بن جبير بن مطعم ، عن معاوية قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إن هذا الأمر في قريش لا ينازعهم فيه أحد إلا أكَبَّه الله على وجهه ما أقاموا الدين " . رواه البخاري . {[26059]}
و[ قيل ] {[26060]} معناه : أنه شرف لهم من حيث إنه أنزل بلغتهم ، فهم أفهم الناس له ، فينبغي أن يكونوا أقوم الناس به وأعملهم بمقتضاه ، وهكذا كان خيارهم وصفوتهم من الخُلَّص من المهاجرين السابقين الأولين ، ومن شابههم وتابعهم .
وقيل : معناه : { وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ } أي : لتذكير لك ولقومك ، وتخصيصهم بالذكر لا ينفي من سواهم ، كقوله : { لَقَدْ أَنزلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلا تَعْقِلُونَ } [ الأنبياء : 10 ] ، وكقوله : { وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأقْرَبِينَ } [ الشعراء : 214 ] .
{ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ } أي : عن هذا القرآن وكيف كنتم في العمل به والاستجابة له .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.