المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{أَتَدۡعُونَ بَعۡلٗا وَتَذَرُونَ أَحۡسَنَ ٱلۡخَٰلِقِينَ} (125)

125- أتعبدون الصنم المسمى بَعْلاً ، وتتركون عبادة الله الذي خلق العالم فأحسن خلقه ؟ .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{أَتَدۡعُونَ بَعۡلٗا وَتَذَرُونَ أَحۡسَنَ ٱلۡخَٰلِقِينَ} (125)

ونهاهم عن عبادتهم ، صنما لهم يقال له " بعل " وتركهم عبادة اللّه ، الذي خلق الخلق ، وأحسن خلقهم ، ورباهم فأحسن تربيتهم ، وأدرَّ عليهم النعم الظاهرة والباطنة .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{أَتَدۡعُونَ بَعۡلٗا وَتَذَرُونَ أَحۡسَنَ ٱلۡخَٰلِقِينَ} (125)

يقول تعالى ذكره : وإن إلياس ، وهو إلياس بن ياسين بن فنحاص بن العيزار بن هارون بن عمران فيما :

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سَلَمة ، عن ابن إسحاق . وقيل : إنه إدريس .

حدثنا بذلك بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قال : كان يقال : إلياس هو إدريس .

وقد ذكرنا ذلك فيما مضى قبل . وقوله : لَمِنَ المُرْسَلِينَ يقول جلّ ثناؤه : لمرسل من المرسلين إذْ قالَ لَقَوْمِهِ ألا تَتّقُونَ ؟ يقول حني قال لقومه في بني إسرائيل : ألا تتقون الله أيها القوم ، فتخافونه ، وتحذرون عقوبته على عبادتكم ربا غير الله ، وإلها سواه وَتَذَرُونَ أحْسَنَ الخالِقِينَ يقول : وتَدَعون عبادةَ أحسنِ مَن قيل له خالق .

وقد اختلف في معنى بَعْل ، فقال بعضهم : معناه : أتدعون ربا ؟ وقالوا : هي لغة لأهل اليمن معروفة فيهم . ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا حِرْميّ بن عُمارة ، قال : حدثنا شعبة ، قال : أخبرني عُمارة ، عن عكرمة ، في قوله : أنَدْعُونَ بَعْلاً قال : إلها .

حدثنا عمران بن موسى ، قال : حدثنا عبد الوارث ، قال : حدثنا عمارة ، عن عكرمة ، في قوله : أتَدْعونَ بَعْلاً يقول : أتدعون ربا ، وهي لغة أهل اليمن ، تقول : مَنْ بَعْل هذا الثور : أي من رَبّه ؟ .

حدثني زكريا بن يحيى بن أبي زائدة ومحمد بن عمرو ، قالا : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : أتَدْعُونَ بَعْلاً ؟ قال : ربا .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : أتَدْعُونَ بَعْلاً قال : هذه لغة باليمانية : أتدعون ربا دون الله .

حدثنا محمد ، قال : حدثنا أحمد ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ ، قوله : أتَدْعُونَ بَعْلاً قال : رَبّا .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى ، عن عبد الله بن أبي يزيد ، قال : كنت عند ابن عباس فسألوه عن هذه الاَية : أتَدْعُونَ بَعْلاً قال : فسكت ابن عباس ، فقال رجل : أنا بعلُها ، فقال ابن عباس : كفاني هذا الجواب .

وقال آخرون : هو صنم كان لهم يقال له بَعْل ، وبه سميت بعلبك . ذكر من قال ذلك :

حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : أتَدْعُونَ بَعْلاً يعني : صنما كان لهم يسمى بَعْلاً .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : أتَدْعُونَ بَعْلاً وَتَذَرُونَ أحْسَنَ الخالِقِينَ ؟ قال : بعل : صنم كانوا يعبدون ، كانوا ببعلك ، وهم وراء دمشق ، وكان بها البعل الذي كانوا يعبدون .

وقال آخرون : كان بَعْل : امرأة كانوا يعبدونها . ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، قال : سمعت بعض أهل العلم يقول : ما كان بَعْل إلا امرأة يعبدونها من دون الله .

وللبَعْل في كلام العرب أوجه : يقولون لربّ الشيء هو بَعْلَهُ ، يقال : هذا بَعْل هذه الدار ، يعني ربّها ويقولون لزوج المرأة بعلُها ويقولون لما كان من الغروس والزروع مستغنيا بماء السماء ، ولم يكن سَقِيا بل هو بعل ، وهو العَذْي . وذُكر أن الله بعث إلى بني إسرائيل إلياس بعد مهلك حِزْقيل بن يوزا . وكان من قصته وقصة قومه فيما بلغنا ، ما :

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن محمد بن إسحاق ، عن وهب بن منبه ، قال : إن الله قبض حِزْقيل ، وعظمت من بني إسرائيل الأحداث ، ونسُوْا ما كان من عهد الله إليهم ، حتى نصبوا الأوثان وعبدوها دون الله ، فبعث الله إليهم إلياس بن ياسين بن فنحاص بن العيزار بن هارون بن عمران نبيا . وإنما كانت الأنبياء من بني إسرائيل بعد موسى يُبعثون إليهم بتجديد ما نسُوا من التوراة ، فكان إلياس مع ملك من ملوك بني إسرائيل ، يقال له : أحاب ، كان اسم امرأته : أربل ، وكان يسمع منه ويصدّقه ، وكان إلياس يقيم له أمره ، وكان سائر بني إسرائيل قد اتخذوا صنما يعبدونه من دون الله يقال له بعل .

قال ابن إسحاق : وقد سمعت بعض أهل العلم يقول : ما كان بعد إلا امرأة يعبدونها من دون الله يقول الله لمحمد : وَإنّ إلْياس لَمِنَ المُرْسَلِينَ إذْ قالَ لَقَوْمِهِ ألا تَتّقُونَ أتَدْعُونَ بَعْلاً وَتَذَرُونَ أحْسَنَ الخالِقِينَ اللّهَ رَبّكُمْ وَرَبّ آبائِكُمُ الأوّلِينَ فجعل إلياس يدعوهم إلى الله ، وجعلوا لا يسمعون منه شيئا إلا ما كان من ذلك الملك ، والملوك متفرّقة بالشام ، كل ملك له ناحية منها يأكلها ، فقال ذلك الملك الذي كان إلياس معه يقوّم له أمره ، ويراه على هدى من بين أصحابه يوما : يا إلياس ، والله ما أرى ما تدعو إليه إلا باطلاً ، والله ما أرى فلانا وفلانا ، يعدّد ملوكا من ملوك بني إسرائيل قد عبدوا الأوثان من دون الله إلا على مثل ما نحن عليه ، يأكلون ويشربون وينعمون مملكين ، ما ينقص دنياهم أمرُهم الذي تزعم أنه باطل ، وما نرى لنا عليهم من فضل فيزعمون والله أعلم أن إلياس استرجع وقام شعر رأسه وجلده ، ثم رفضه وخرج عنه ، ففعل ذلك الملك فعل أصحابه : عبد الأوثان ، وصنع ما يصنعون ، فقال إلياس : اللهمّ إن بني إسرائيل قد أبَوْا إلا أن يكفروا بك والعبادةَ لغيرك ، فغَيّرْ ما بهم من نعمتك ، أو كما قال .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، قال : حدثنا محمد بن إسحاق ، قال : فذكر لي أنه أُوحي إليه : إنا قد جعلنا أمر أرزاقهم بيدك وإليك حتى تكون أنت الذي تأذن في ذلك ، فقال إلياس : اللهمّ فأمسك عليهم المطر فحُبِس عنهم ثلاث سنين ، حتى هلكت الماشية والهوامّ والدوابّ والشجر ، وجَهِد الناس جَهدا شديدا . وكان إلياس فيما يذكرون حين دعا بذلك على بني إسرائيل قد استخفى ، شفقا على نفسه منهم ، وكان حيثما كان وضع له رزق ، وكانوا إذا وجدوا ريح الخبز في دار أو بيت ، قالوا : لقد دخل إلياس هذا المكان فطلبوه ، ولقى منهم أهل ذلك المنزل شرا . ثم إنه أوَى ليلة إلى امرأة من بني إسرائيل لها ابن يقال له اليسع ابن أخطوب به ضرّ ، فآوته وأخفت أمره ، فدعا إلياس لابنها ، فعُوفَى من الضرّ الذي كان به ، واتبعَ اليسعُ إلياسَ ، فآمن به وصدّقه ولزمه ، فكان يذهب معه حيثما ذهب . وكان إلياس قد أسنّ وكبر ، وكان اليسعُ غلاما شابا ، فيزعمون والله أعلم أن الله أوحى إلى إلياس : إنك قد أهلكت كثيرا من الخلق ممن لم يعص سوى بني إسرائيل من البهائم والدوابّ والطير والهوامّ والشجر ، بحبس المطر عن بني إسرائيل ، فيزعمون والله أعلم أن إلياس قال : أي ربّ دعني أنا الذي أدعو لهم وأكون أنا الذي آتيهم بالفرج مما هم فيه من البلاء الذي أصابهم ، لعلهم أن يرجعوا ويَنزِعوا عما هم عليه من عبادة غيرك ، قيل له : نعم فجاء إلياس إلى بني إسرائيل فقال لهم : إنكم قد هلكتم جَهْدا ، وهلكت البهائم والدوابّ والطير والهوامّ والشجر ، بخطاياكم ، وإنكم على باطل وغرور ، أو كما قال لهم ، فإن كنتم تحبون أن تعلموا ذلك ، وتعلموا أن الله عليكم ساخط فيما أنتم عليه ، وأن الذي أدعوكم إليه الحقّ ، فاخرجوا بأصنامكم هذه التي تعبدون وتزعمون أنها خير مما أدعوكم إليه ، فإن استجابت لكم ، فذلك كما تقولون ، وإن هي لم تفعل علمتم أنكم على باطل ، فنزعتُم ، ودعوت الله ففرّج عنكم ما أنتم فيه من البلاء ، قالوا : أنصفت فخرجوا بأوثانهم ، وما يتقرّبون به إلى الله من إحداثهم الذي لا يرضى ، فدعوها فلم تستجب لهم ، ولم تفرج عنهم ما كانوا فيه من البلاء حتى عرفوا ما هم فيه من الضلالة والباطل ، ثم قالوا لإلياس : يا إلياس إنا قد هلكنا فادع الله لنا ، فدعا لهم إلياس بالفرج مما هم فيه ، وأن يسقوا ، فخرجت سحابة مثل التّرس بإذن الله على ظهر البحر وهم ينظرون ، ثم ترامى إليه السحاب ، ثم أدْحَسَتْ ثم أرسل المطر ، فأغاثهم ، فحييت بلادهم ، وفرج عنهم ما كانوا فيه من البلاء ، فلم ينزعوا ولم يرجعوا ، وأقاموا على أخبث ما كانوا عليه فلما رأى ذلك إلياس من كفرهم ، دعا ربه أن يقبضه إليه ، فيريحه منهم ، فقيل له فيما يزعمون : انظر يوم كذا وكذا ، فاخرج فيه إلى بلد كذا وكذا ، فماذا جاءوك من شيء فاركبه ولا تهبه فخرج إلياس وخرج معه اليسع بن أخطوب ، حتى إذا كان في البلد الذي ذُكر له في المكان الذي أُمر به ، أقبل إليه فرس من نار حتى وقف بين يديه ، فوثب عليه ، فانطلق به ، فناداه اليسع : يا إلياس يا إلياس ما تأمرني ؟ فكان آخر عهدهم به ، فكساه الله الريش ، وألبسه النور ، وقطع عنه لذّة المطعم والمشرب ، وطار في الملائكة ، فكان إنسيا ملكيا أرضيا سمَاويا .

واختلفت القرّاء في قراءة قوله : اللّهَ رَبّكُمْ وَرَبّ آبائِكُمُ الأوّلِينَ فقرأته عامة قرّاء مكة والمدينة والبصرة وبعض قرّاء الكوفة : «اللّهُ رَبّكُمْ وَرَبّ آبائِكُمُ الأوّلِينَ » رفعا على الاستئناف ، وأن الخبر قد تناهى عند قوله : أحْسَنُ الخالِقِينَ . وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة : اللّهَ رَبّكُمْ وَرَبّ آبائِكُمُ الأوّلِينَ نصبا ، على الردّ على قوله : وَتَذَرُونَ أحْسَنَ الخالِقِينَ على أن ذلك كله كلام واحد .

والصواب من القول في ذلك عندنا أنهما قراءتان متقاربتا المعنى ، مع استفاضة القراءة بهما في القرّاء ، فبأيّ ذلك قرأ القارىء فمصيب . وتأويل الكلام : ذلك معبودكم أيها الناس الذي يستحقّ عليكم العبادة : ربكم الذي خلقكم ، وربّ آبائكم الماضين قبلكم ، لا الصنم الذي لا يخلق شيئا ، ولا يضرّ ولا ينفع .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{أَتَدۡعُونَ بَعۡلٗا وَتَذَرُونَ أَحۡسَنَ ٱلۡخَٰلِقِينَ} (125)

وقوله { أتدعون } معناه أتعبدون ، والبعل الرب بلغة اليمن قاله عكرمة وقتادة ، وسمع ابن عباس رجلاً ينشد ضالة فقال له رجل آخر : أنا بعلها ، فقال ابن عباس الله أكبر أتدعون بعلاً ، وقال الضحاك وابن زيد والحسن { بعلاً } اسم صنم كان لهم وله يقال بعلبك وإليه نسب الناس ، وذكر ابن إسحاق عن فرقة أن { بعلاً } اسم امرأة كانت أتتهم بضلالة ، وقوله { أحسن الخالقين } من حيث قيل للإنسان على التجوز إنه يخلق وجب أن يكون تعالى { أحسن الخالقين } إذ خلقه اختراع وإيجاد من عدم وخلق الإنسان مجاز كما قال الشاعر : [ الكامل أقذ ] .

ولأنت تفري ما خلقت . . . وبعض القوم يخلق ثم لا يفري{[9888]}


[9888]:قال زهير بن أبي سلمى هذا البيت من قصيدة يمدح بها هرم بن سنان، ومطلعها: لمن الديار بقنة الحجر أقوين من حجج ومن شهر وتفري معناها: تقطع، قال في اللسان بعد أن ذكر البيت في (فرى):"معناه: تنفذ ما تعزم عليه وتقدره، وهو مثل"، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ورآه في منامه ينزع عن قليب بغرب:(فلم أر عبقريا يفري فريه)، ويقال: فلان يفري الفري إذا كان يأتي بالعجب في عمله. وخلقت: قدرت وهيأت للقطع، وفي اللسان(خلق) أن الخلق على ضربين في كلام العرب: أحدهما الإنشاء على مثاله أبدعه، والآخر التقدير. وفي حديث أخت أمية بن أبي الصلت قالت: فدخل علي وأنا أخلق أديما، أي: أقدره لأقطعه، وعلى هذا فالثاني هو المراد هنا، وفيه الشاهد، حيث أن الخلق الذي ينسب للناس مجاز، ومعناه أنهم يقدرون الأديم قبل قطعه، أما خلق الله تبارك وتعالى فاختراع وإيجاد من عدم، وحقيقة كبرى، وتبارك الله أحسن الخالقين.
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{أَتَدۡعُونَ بَعۡلٗا وَتَذَرُونَ أَحۡسَنَ ٱلۡخَٰلِقِينَ} (125)

وجيء في قوله : { وتَذرونَ أحسن الخالقِينَ } بذكر صفة الله دون اسمه العَلَم تعريضاً بتسفيه عقول الذين عبدوا بَعلاً بأنهم تركوا عبادة الرب المتصف بأحسن الصفات وأكملها وعبدوا صنماً ذاته وخش فكأنه قال : أتَدْعون صنماً بشعاً جمع عنصري الضعف وهما المخلوقية وقبح الصورة وتتركون من له صفة الخالقية والصفات الحسنى .

وقرأ الجمهور { إليَاسَ } بهمزة قطع في أوله على اعتبار الألف واللام من جملة الاسم العلم فلم يحذفوا الهمزة إذا وصلوا { إنَّ } بها . وقرأه ابن عامر بهمزة وصل فحذفها في الوصل مع { إنَّ } على اعتبار الألف واللام حرفا لِلَمح الأصل . وأن أصل الاسم ياس مراعاة لقوله : { سَلامٌ على آلْ يَاسِينَ } .

وللعرب في النطق بالأسماء الأعجمية تصرفات كثيرة لأنه ليس من لغتهم فهم يتصرفون في النطق به على ما يناسب أبنيَة كلامهم .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{أَتَدۡعُونَ بَعۡلٗا وَتَذَرُونَ أَحۡسَنَ ٱلۡخَٰلِقِينَ} (125)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

[نص مكرر لاشتراكه مع الآية 124]

"إذْ قالَ لَقَوْمِهِ ألا تَتّقُونَ"؟ يقول حين قال لقومه في بني إسرائيل: ألا تتقون الله أيها القوم، فتخافونه، وتحذرون عقوبته على عبادتكم ربا غير الله، وإلها سواه "وَتَذَرُونَ أحْسَنَ الخالِقِينَ "يقول: وتَدَعون عبادةَ أحسنِ مَن قيل له خالق.

وقد اختلف في معنى بَعْل؛ فقال بعضهم: معناه: أتدعون ربا، وقالوا: هي لغة لأهل اليمن معروفة فيهم... تقول: مَنْ بَعْل هذا الثور: أي من رَبّه؟...

وقال آخرون: هو صنم كان لهم يقال له بَعْل، وبه سميت بعلبك...

وقال آخرون: كان بَعْل: امرأة كانوا يعبدونها...

وللبَعْل في كلام العرب أوجه: يقولون لربّ الشيء هو بَعْلَهُ، يقال: هذا بَعْل هذه الدار، يعني ربّها، ويقولون لزوج المرأة بعلُها، ويقولون لما كان من الغروس والزروع مستغنيا بماء السماء، ولم يكن سَقِيا بل هو بعل، وهو العَذْي... وتأويل الكلام: ذلك معبودكم أيها الناس الذي يستحقّ عليكم العبادة: ربكم الذي خلقكم، وربّ آبائكم الماضين قبلكم، لا الصنم الذي لا يخلق شيئا، ولا يضرّ ولا ينفع.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

{أتدعون بعلا} ربا تعلمون أنه لا يضر ولا ينفع.

{وتذرون} عبادة من تعلمون أنه يملك ذلك؟...

{أحسن الخالقين} أي أحكم وأتقن أو {أحسن الخالقين} لما ذكر أنه خلقهم، وخلق آباءهم الأولين.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

لما كان هذا الإنكار سبباً للإصغاء، كرره مفصحاً بسببه فقال: {أتدعون بعلاً} أي إلهاً ورباً وتتركون ترك المهمل الذي من شأنه أن يزهد فيه {أحسن الخالقين} وهو من لا يحتاج في الإيجاد والإعدام إلى أسباب فلا تعبدونه.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

جيء في قوله: {وتَذرونَ أحسن الخالقِينَ} بذكر صفة الله دون اسمه العَلَم؛ تعريضاً بتسفيه عقول الذين عبدوا بَعلاً بأنهم تركوا عبادة الرب المتصف بأحسن الصفات وأكملها، وعبدوا صنماً ذاته وخش، فكأنه قال: أتَدْعون صنماً بشعاً جمع عنصري الضعف وهما المخلوقية وقبح الصورة وتتركون من له صفة الخالقية والصفات الحسنى.

تفسير الشعراوي 1419 هـ :

... وتأمل هنا: الحق سبحانه ينكر عليهم أنْ يعبدوا صنماً، ويتركوا عبادة الله لكن لم يقُلْ: وتذرون الله، إنما {وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ} فذكر الوصف المشوِّق الدال على أحقيته تعالى في العبادة.