تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{أَتَدۡعُونَ بَعۡلٗا وَتَذَرُونَ أَحۡسَنَ ٱلۡخَٰلِقِينَ} (125)

الآية 125 وقوله تعالى : { أتدعون بعلاً وتذرون أحسن الخالقين } قال بعض أهل التأويل البعل ههنا الرّب بلسان قوم .

وذكر ابن عباس رضي الله عنه أنه سئل عن قوله عز وجل { أتدعون بعلا } قال : قال رجل : من يعرف الآثار ؟ قال الأعرابي : بعلها ، أي ربها ، فقال ابن عباس : كفاني الأعرابي جوابها .

لكن لا يحتمل المراد من قوله : { أتدعون بعلا } أي ربا إلا أن يكون ذكره{[17903]} أنه بلسان قوم ، فيقول { أتدعون بعلا } ربا تعلمون أنه لا يضر ، ولا ينفع { وتذرون } عبادة من تعلمون أنه يملك ذلك ؟

وقال بعضهم : البعل السيد ههنا ، وكذلك يقول في قوله : { وهذا بعلي شيخا } [ هود : 72 ] سيدي .

وقال بعضهم : البعل هو اسم الصنم ههنا ، يقول : أتعبدون صنما { وتذرون أحسن الخالقين } ؟

وأصل البعل الزوج : كأنه يقول لهم : أتدعون من له أزواج وأشكال ، وتذرون من لا أزواج ولا أشكال ؟ والله الموفّق .

وقال ابن عباس رضي الله عنه أول هذه [ الآية ]{[17904]} يمانيّ ، وآخرها مصري ، وهو قوله : { وتذرون أحسن الخالقين } يسمّون كل صانع خالقا . والخَلق هو التقدير في اللغة ، يضاف إلى الخلق على المجاز ، وإن كانت حقيقة التقدير لله عز وجل ذكر على ما عبدهم /455-ب/ لا على حقيقة الخلق ، والله أعلم .

ثم يحتمل قوله : { أحسن الخالقين } أي أحكم وأتقن على ما ذكر : { وأنت أحكم الحاكمين } [ هود : 45 ] أي جعل في كل شيء شهادة وحدانيته{[17905]} وربوبيته ، أو { أحسن الخالقين } لما ذكر أنه خلقهم ، وخلق آباءهم الأولين .


[17903]:في الأصل و م: ذكر.
[17904]:ساقطة من الأصل وم.
[17905]:في الأصل وم: وحدانية الله.