فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{أَتَدۡعُونَ بَعۡلٗا وَتَذَرُونَ أَحۡسَنَ ٱلۡخَٰلِقِينَ} (125)

ثم أنكر عليهم بقوله : { أَتَدْعُونَ بَعْلاً } هو اسم لصنم كانوا يعبدونه ، أي : أتعبدون صنماً ، وتطلبون الخير منه .

قال ثعلب : اختلف الناس في قوله سبحانه : { بَعْلاً } فقالت طائفة : البعل هنا الصنم ، وقالت طائفة : البعل هنا ملك ، وقال ابن إسحاق : امرأة كانوا يعبدونها . قال الواحدي : والمفسرون يقولون : رباً ، وهو بلغة اليمن ، يقولون للسيد ، والربّ : البعل .

قال النحاس : القولان صحيحان ، أي أتدعون صنماً عملتوه رباً ؟ { وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الخالقين } أي وتتركون عبادة أحسن من يقال له خالق ، وانتصاب الاسم الشريف في قوله : { الله رَبَّكُمْ وَرَبَّ ءابَائِكُمُ الأولين } على أنه بدل من { أحسن } ، هذا على قراءة حمزة ، والكسائي ، والربيع بن خثيم ، وابن أبي إسحاق ، ويحيى بن وثاب ، والأعمش ، فإنهم قرؤوا بنصب الثلاثة الأسماء . وقيل : النصب على المدح ، وقيل : على عطف البيان ، وحكى أبو عبيد : أن النصب على النعت . قال النحاس : وهو غلط وإنما هو بدل ، ولا يجوز النعت . لأنه ليس بتحلية ، واختار هذه القراءة أبو عبيد ، وأبو حاتم . وقرأ ابن كثير ، وأبو عمرو ، وعاصم ، وأبو جعفر ، وشيبة ، ونافع بالرفع . قال أبو حاتم : بمعنى هو الله ربكم . قال النحاس : وأولى ما قيل : إنه مبتدأ ، وخبر بغير إضمار ولا حذف . وحكي عن الأخفش : أن الرفع أولى وأحسن . قال ابن الأنباري : من رفع أو نصب لم يقف على { أحسن الخالقين } على جهة التمام ؛ لأن الله مترجم عن أحسن الخالقين على الوجهين جميعاً ، والمعنى أنه خالقكم ، وخالق من قبلكم ، فهو الذي تحقّ له العبادة .

/خ148