المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَلَا يَأۡمُرَكُمۡ أَن تَتَّخِذُواْ ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةَ وَٱلنَّبِيِّـۧنَ أَرۡبَابًاۚ أَيَأۡمُرُكُم بِٱلۡكُفۡرِ بَعۡدَ إِذۡ أَنتُم مُّسۡلِمُونَ} (80)

80- ولا يمكن أن يأمركم بأن تجعلوا الملائكة أو النبيين أرباباً من دون الله ، وإن ذلك كفر ليس من المعقول أن يأمركم به بعد أن صرتم مُسلِّمين وجوهكم لله .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَلَا يَأۡمُرَكُمۡ أَن تَتَّخِذُواْ ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةَ وَٱلنَّبِيِّـۧنَ أَرۡبَابًاۚ أَيَأۡمُرُكُم بِٱلۡكُفۡرِ بَعۡدَ إِذۡ أَنتُم مُّسۡلِمُونَ} (80)

{ ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أربابا } وهذا تعميم بعد تخصيص ، أي : لا يأمركم بعبادة نفسه ولا بعبادة أحد من الخلق من الملائكة والنبيين وغيرهم { أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم مسلمون } هذا ما لا يكون ولا يتصور أن يصدر من أحد من الله عليه بالنبوة ، فمن قدح في أحد منهم بشيء من ذلك فقد ارتكب إثما عظيما وكفرا وخيما .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَلَا يَأۡمُرَكُمۡ أَن تَتَّخِذُواْ ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةَ وَٱلنَّبِيِّـۧنَ أَرۡبَابًاۚ أَيَأۡمُرُكُم بِٱلۡكُفۡرِ بَعۡدَ إِذۡ أَنتُم مُّسۡلِمُونَ} (80)

القول في تأويل قوله تعالى :

{ وَلاَ يَأْمُرَكُمْ أَن تَتّخِذُواْ الْمَلاَئِكَةَ وَالنّبِيّيْنَ أَرْبَاباً أَيَأْمُرُكُم بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مّسْلِمُونَ }

اختلفت القراء في قراءة قوله : { وَلاَ يَأْمُرَكُمْ } ، فقرأته عامة قراء الحجاز والمدينة : «وَلاَ يَأْمُرُكُمْ » على وجه الابتداء من الله بالخبر عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنّهُ لاَ يَأْمُرُكُمْ أيّها النّاسُ أنْ تَتّخِذُوا المَلائِكَةَ وَالنّبِيّينَ أرْبابا . واستشهد قارئوا ذلك كذلك بقراءة ذكروها عن ابن مسعود أنه كان يقرؤها وهي : «ولن يأمركم » فاستدلوا بدخول لن على انقطاع الكلام عما قبله ، وابتداء خبر مستأنف . قالوا : فلما صير مكان «لن » في قراءتنا «لا » وجبت قراءته بالرفع . وقرأه بعض الكوفيين والبصريين : { وَلا يَأْمُرَكُمْ } بنصب الراء عطفا على قوله : { ثُمّ يَقُولَ للنّاسِ } . وكان تأويله عندهم : ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب ، ثم يقول للناس ولا أن يأمركم ، بمعنى : ولا كان له أن يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أربابا .

وأولى القراءتين بالصواب في ذلك : { وَلاَ يَأْمُرَكُمْ } بالنصب على الاتصال بالذي قبله ، بتأوّل : { ما كَانَ لِبَشَرٍ أنْ يُوءْتِيَهُ اللّهُ الكِتابَ وَالحُكْمَ وَالنّبُوّةَ ثُمّ يَقُولَ للنّاسِ كُونُوا عِبادا لي مِنْ دُونِ اللّهِ } ولا أن يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أربابا . لأن الاَية نزلت في سبب القوم الذين قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم : أتريد أن نعبدك ؟ فأخبرهم الله جلّ ثناؤه أنه ليس لنبيه صلى الله عليه وسلم أن يدعو الناس إلى عبادة نفسه ، ولا إلى اتخاذ الملائكة والنبيين أربابا ، ولكن الذي له أن يدعوهم إلى أن يكونوا ربانيين . فأما الذي ادّعى من قرأ ذلك رفعا أنه في قراءة عبد الله : «ولن يأمركم » استشهادا لصحة قراءته بالرفع ، فذلك خبر غير صحيح سنده ، وإنما هو خبر رواه حجاج عن هارون لا يجوز أن ذلك في قراءة عبد الله كذلك . ولو كان ذلك خبرا صحيحا سنده ، لم يكن فيه لمحتجّ حجة ، لأن ما كان على صحته من القراءة من الكتاب الذي جاء به المسلمون وراثة عن نبيهم صلى الله عليه وسلم لا يجوز تركه لتأويل على قراءة أضيفت إلى بعض الصحابة بنقل من يجوز في نقله الخطأ والسهو .

فتأويل الاَية إذا : وما كان للنبيّ أن يأمر الناس أن يتخذوا الملائكة والنبيين أربابا ، يعني بذلك آلهة يعبدون من دون الله ، كما ليس له أن يقول لهم كونوا عبادا لي من دون الله . ثم قال جلّ ثناؤه نافيا عن نبيه صلى الله عليه وسلم أن يأمر عباده بذلك : أيأمركم بالكفر أيها الناس نبيكم بجحود وحدانية الله بعد إذ أنتم مسلمون ، يعني بعد إذ أنتم له منقادون بالطاعة متذللون له بالعبودية ، أي إن ذلك غير كائن منه أبدا . وقد :

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، قال : ولا يأمركم النبيّ صلى الله عليه وسلم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أربابا .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَلَا يَأۡمُرَكُمۡ أَن تَتَّخِذُواْ ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةَ وَٱلنَّبِيِّـۧنَ أَرۡبَابًاۚ أَيَأۡمُرُكُم بِٱلۡكُفۡرِ بَعۡدَ إِذۡ أَنتُم مُّسۡلِمُونَ} (80)

{ وَلاَ يَأْمُرَكُمْ أَن تَتَّخِذُواْ الْملاَئِكَةَ وَالنَّبِيِّنَ أَرْبَاباً أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ }

وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو والكسائي : «ولا يأمرُكم » برفع الراء ، وكان أبو عمرو يختلس حركة الراء تخفيفاً ، وقرأ عاصم وابن عامر وحمزة : «ولا يأمرَكم نصباً » ، ولا خلاف في الراء من قوله : { أيأمركم } إلا اختلاس أبي عامر ، فمن رفع قوله : «ولا يأمرُكم » فهو على القطع ، قال سيبويه : المعنى ولا يأمركم الله ، وقال ابن جريج وغيره : المعنى ولا يأمركم هذا البشر الذي أوتي هذه النعم ، وهو محمد صلى الله عليه وسلم ، وفي قراءة ابن مسعود : «ولن يأمركم » ، فهذه قراءة تدل على القطع ، وأما قراءة من نصب الراء ، فهي عطف على قوله : { أن يؤتيه } [ آل عمران : 79 ] والمعنى ولا له أن يأمركم ، قاله أبو علي وغيره ، وقال الطبري : قوله { ولا يأمركم } بالنصب ، معطوف على قوله ، { ثم يقول } [ آل عمران : 79 ] .

قال الفقيه أبو محمد : وهذا خطأ لا يلتئم{[3288]} به المعنى ، والأرباب في هذه الآية بمعنى الآلهة .

قوله تعالى : { أيأمركم بالكفر } تقرير على هذا المعنى الظاهر فساده .


[3288]:- وجه الخطأ أنه إذا كان معطوفا على [ثم يقول] وكانت [لا] لتأسيس النفي فلا يمكن إلا أن يقدر العامل قبل [لا] وهو (أن)، فينسبك من أن والفعل المنفي مصدر منتف فيصير المعنى: ما كان لبشر موصوف بما وصف به انتفاء أمره باتخاذ الملائكة والنبيين أربابا، وإذا لم يكن له الانتفاء كان له الثبوت فصار آمرا باتخاذهم أربابا وهو خطأ، فإذا جعلت [لا] لتأكيد النفي السابق كان النفي منسحبا على المصدرين المقدر ثبوتهما فينتفي قوله: [كونوا عبادا لي]، وأمره باتخاذ الملائكة والنبيين أربابا. راجع البحر المحيط 2/507.