المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{لَأُعَذِّبَنَّهُۥ عَذَابٗا شَدِيدًا أَوۡ لَأَاْذۡبَحَنَّهُۥٓ أَوۡ لَيَأۡتِيَنِّي بِسُلۡطَٰنٖ مُّبِينٖ} (21)

21- والله لأنزلن به عذاباً شديداً يردعه ، أو لأذبحنه إن كان الذنب عظيماً ، إلا أن يأتيني بحجة بيِّنة تُبرر غيابه عني .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{لَأُعَذِّبَنَّهُۥ عَذَابٗا شَدِيدًا أَوۡ لَأَاْذۡبَحَنَّهُۥٓ أَوۡ لَيَأۡتِيَنِّي بِسُلۡطَٰنٖ مُّبِينٖ} (21)

فحينئذ تغيظ عليه وتوعده فقال : { لأعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا } دون القتل ، { أَوْ لأذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ } أي : حجة واضحة على تخلفه ، وهذا من كمال ورعه وإنصافه أنه لم يقسم على مجرد عقوبته بالعذاب أو القتل لأن ذلك لا يكون إلا من ذنب ، وغيبته قد تحتمل أنها لعذر واضح فلذلك استثناه لورعه وفطنته .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{لَأُعَذِّبَنَّهُۥ عَذَابٗا شَدِيدًا أَوۡ لَأَاْذۡبَحَنَّهُۥٓ أَوۡ لَيَأۡتِيَنِّي بِسُلۡطَٰنٖ مُّبِينٖ} (21)

وقوله - تعالى - : { لأُعَذِّبَنَّهُ عَذَاباً شَدِيداً أَوْ لأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ } بيان للحكم الذى أصدره سليمان - عليه السلام - على الهدهد بسبب غيابه بدون إذن .

أى : لأعذبن الهدهد عذاباً شديداً يؤلمه ، أو لأذبحنه ، أو ليأتينى بحجة قوية توضح سبب غيابه . وتقنعنى بالصفح عنه ، وبترك تعذيبه ، أو ذبحه .

فأنت ترى أن سليمان - عليه السلام - وهو النبى الملك الحكيم العادل - يقيد تعذيب الهدهد أو ذبحه . بعدم إتيانه بالعذر بالمقبول عن سبب غيابه ، أما إذا أتى بهذا العذر فإنه سيعفو عنه ، ويترك عقابه .

فكأنه - عليه السلام - يقول : هذا الهدهد الغائب إما أن أعذبه عذاباً شديداً وإما أن أذبحهى بعد حضوره ، وإما أن يأتينى بعذر مقبول عن سبب غيابه ، وفى هذه الحالة فأنا سأعفو عنه .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{لَأُعَذِّبَنَّهُۥ عَذَابٗا شَدِيدًا أَوۡ لَأَاْذۡبَحَنَّهُۥٓ أَوۡ لَيَأۡتِيَنِّي بِسُلۡطَٰنٖ مُّبِينٖ} (21)

قول سليمان { لأعذبنه عذاباً شديداً } شريعة منسوخة .

أما العقاب الخفيف للحيوان لتربيته وتأديبه كضرب الخيل لتعليم السير ونحو ذلك فهو مأذون فيه لمصلحة السير ، وكذلك السبق بين الخيل مع ما فيه من إتعابها لمصلحة السير عليها في الجيوش .

و { أو } تفيد أحَدَ الأشياء فقوله : { أو ليأتيني بسلطان مبين } جعله ثالث الأمور التي جعلها جزاء لغيبته وهو أن يأتي بما يدفع به العقاب عن نفسه من عذر في التخلف مقبول .

والسلطان : الحجة . والمبين : المظهر لحق المحتج بها . وهذه الزيادة من النبي سليمان استقصاء للهدهد في حقه لأن الغائب حجته معه .

وأكد عزمه على عقابه بتأكيد الجملتين { لأعذبنه لأذبحنه } باللام الموكدة التي تسمى لام القسم وبنون التوكيد ليَعلم الجند ذلك حتى إذا فُقِد الهدهد ولم يرجع يكون ذلك التأكيد زاجراً لباقي الجند عن أن يأتوا بمثل فَعْلته فينالهم العقاب .

وأما تأكيد جملة : { أو ليأتيني بسلطان مبين } فلإفادة تحقيق أنه لا منجى له من العقاب إلا أن يأتي بحجة تبرّر تغيبه ، لأن سياق تلك الجملة يفيد أن مضمونها عديل العقوبة . فلما كان العقاب مؤكّدا محققاً فقد اقتضى تأكيد المخرج منه لئلا يبرئه منه إلا تحقق الإتيان بحجة ظاهرة لئلا تتوهم هوادةٌ في الإدلاء بالحجة فكان تأكيد العديل كتأكيد مُعادله . وبهذا يظهر أن { أو } الأولى للتخيير و { أو } الثانية للتقسيم .

وقيل جيء بتوكيد جملة : { ليأتيني } مشاكلة للجملتين اللتين قبلها وتغليباً . واختاره بعض المحققين وليس من التحقيق .

وكتب في المصاحف { لا أذبحنه } بلاَم ألففٍ بعدها ألفٌ حتى يخال أنه نفي الذبح وليس بنفي ، لأن وقوع نون التوكيد بعده يؤذن بأنه إثبات إذ لا يؤكد المنفي بنون التأكيد إلا نادراً في كلامهم ، ولأن سياق الكلام والمعنى حارس من تطرق احتمال النفي ، ولأن اعتماد المسلمين في ألفاظ القرآن على الحفظ لا على الكتابة ، فإن المصاحف ما كتبت حتى قرىء القرآن نَيِّفاً وعشرين سنة . وقد تقع في رسم المصحف أشياء مخالفة لما اصطلح عليه الراسمون من بعد لأن الرسم لم يكن على تمام الضبط في صدر الإسلام وكان اعتماد العرب على حوافظهم .

وقرأ ابن كثير : { أو ليأتينَّني } بنونين ، الأولى مشددة وهي نون التوكيد ، والثانية نون الوقاية . وقرأ الباقون بنون واحدة مشددة بحذف نون الوقاية لتلاقي النونات .