المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَقُلۡ جَآءَ ٱلۡحَقُّ وَزَهَقَ ٱلۡبَٰطِلُۚ إِنَّ ٱلۡبَٰطِلَ كَانَ زَهُوقٗا} (81)

81- وقل منذراً قومك - المشركين - : جاء الحق من التوحيد والدين الصحيح والعدل ، وذهب الباطل والشرك والدين الفاسد ، إن الباطل مضمحل زائل دائماً .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَقُلۡ جَآءَ ٱلۡحَقُّ وَزَهَقَ ٱلۡبَٰطِلُۚ إِنَّ ٱلۡبَٰطِلَ كَانَ زَهُوقٗا} (81)

وقوله : { وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ } والحق هو ما أوحاه الله إلى رسوله محمد صلى الله عليه وسلم ، فأمره الله أن يقول ويعلن ، قد جاء الحق الذي لا يقوم له شيء ، وزهق الباطل أي : اضمحل وتلاشى .

{ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا } أي : هذا وصف الباطل ، ولكنه قد يكون له صولة وروجان إذا لم يقابله الحق فعند مجيء الحق يضمحل الباطل ، فلا يبقى له حراك .

ولهذا لا يروج الباطل إلا في الأزمان والأمكنه الخالية من العلم بآيات الله وبيناته .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَقُلۡ جَآءَ ٱلۡحَقُّ وَزَهَقَ ٱلۡبَٰطِلُۚ إِنَّ ٱلۡبَٰطِلَ كَانَ زَهُوقٗا} (81)

ثم بشره - سبحانه - بأن النصر له آت لا ريب فيه فقال - تعالى - { وَقُلْ جَآءَ الحق وَزَهَقَ الباطل إِنَّ الباطل كَانَ زَهُوقاً } .

والحق فى لغة العرب : الشئ الثابت الذى ليس بزائل ولا مضمحل . والباطل على النقيض منه .

والمراد بالحق هنا : حقائق الإِسلام وتعاليمه التى جاء بها النبى صلى الله عليه وسلم من عند ربه - عز وجل - .

والمراد بالباطل : الشرك والمعاصى التى ما أنزل الله بها من سلطان ، والمراد بزهوقه : ذهابه وزواله . يقال : فلان زهقت روحه ، إذا خرجت من جسده وفارق الحياة .

أى : وقل - أيها الرسول الكريم - على سبيل الشكر لربك ، والاعتراف له بالنعمة ، والاستبشار بنصره ، قل : جاء الحق الذى أرسلنى به الله - تعالى - وظهر على كل ما يخالفه من شرك وكفر ، وزهق الباطل ، واضمحل وجوده وزالت دولته ، إن الباطل كان زهوقاً ، أى : كان غير مستقر وغير ثابت فى كل وقت . كما قال - تعالى - : { قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بالحق عَلاَّمُ الغيوب قُلْ جَآءَ الحق وَمَا يُبْدِىءُ الباطل وَمَا يُعِيدُ }

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَقُلۡ جَآءَ ٱلۡحَقُّ وَزَهَقَ ٱلۡبَٰطِلُۚ إِنَّ ٱلۡبَٰطِلَ كَانَ زَهُوقٗا} (81)

وقوله : { وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا } تهديد ووعيد لكفار قريش ؛ فإنه قد جاءهم من الله الحق الذي لا مرية فيه ولا قبل لهم به ، وهو ما بعثه الله به من القرآن والإيمان والعلم النافع . وزَهَقَ باطلهم ، أي اضمحل وهلك ، فإن الباطل لا ثبات له مع الحق ولا بقاء { بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ } [ الأنبياء : 18 ] .

وقال البخاري : حدثنا الحميدي ، حدثنا سفيان ، عن ابن أبي نَجِيح ، عن مجاهد ، عن أبي{[17803]} مَعْمر ، عن عبد الله بن مسعود قال : دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة وحول البيت ستون وثلاثمائة نُصُبٍ ، فجعل يطعنها بعود في يده ، ويقول : { جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا } ، جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد " {[17804]} .

وكذا رواه البخاري أيضًا في غير هذا الموضع ، ومسلم ، والترمذي ، والنسائي ، كلهم من طرق عن سفيان بن عيينة به . {[17805]} [ وكذا رواه عبد الرزاق عن الثوري عن ابن أبي نجيح ]{[17806]} .

وكذا رواه الحافظ أبو يعلى : حدثنا زهير ، حدثنا شَبَابة ، حدثنا المغيرة ، حدثنا أبو الزبير ، عن جابر رضي الله عنه ، قال : دخلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة ، وحول البيت ثلاثمائة وستون صنمًا{[17807]} يعبدون من دون الله . فأمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فأكبت لوجهها ، وقال : " جاء الحق وزهق الباطل ، إن الباطل كان زهوقًا " {[17808]} .


[17803]:في ت: "ابن".
[17804]:صحيح البخاري برقم (4720).
[17805]:صحيح البخاري برقم (2478، 4287 )، وصحيح مسلم برقم (1781) وسنن الترمذي برقم (3138) وسنن النسائي الكبرى برقم (11297).
[17806]:زيادة من أ.
[17807]:في ت: "نصبا".
[17808]:ورواه ابن أبي شيبة في المصنف (14/487): حدثنا شبابة بن سوار به.
 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَقُلۡ جَآءَ ٱلۡحَقُّ وَزَهَقَ ٱلۡبَٰطِلُۚ إِنَّ ٱلۡبَٰطِلَ كَانَ زَهُوقٗا} (81)

وقوله { وقل جاء الحق } الآية ، قال قتادة : { الحق } القرآن ، و { الباطل } الشيطان ، وقالت فرقة : { الحق } الإيمان ، { والباطل } الكفر ، وقال ابن جريج : { الحق } الجهاد ، { والباطل } الشرك ، وقيل غير ذلك ، والصواب تعميم اللفظ بالغاية الممكنة ، فيكون التفسير جاء الشرع بجميع ما نطوى فيه ، { وزهق } الكفر بجميع ما انطوى فيه ، و { الباطل } كل ما لا تنال به غاية نافعة . وقوله { كان زهوقاً } ليست { كان } إشارة إلى زمن مضى ، بل المعنى كان وهو يكون ، وهذا كقولك كان الله عليماً قادراً ونحو هذا ، وهذه الآية نزلت بمكة ، ثم إن رسول الله كان يستشهد بها يوم فتح مكة وقت طعنه الأصنام وسقوطها لطعنه إياها بالمخصرة{[7679]} حسبما في السيرة لابن هشام وفي غيرها .


[7679]:المخصرة : ما يتوكأ عليها كالعصا ونحوه، وقضيب يشار به في أثناء الخطابة، وكان يتخذه الملوك والخطباء. وقد روى ابن مسعود أن رسول الله صلى عليه وسلم دخل مكة وحول البيت ثلاثمائة وستون صنما، فجعل يطعنها ويقول: (جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا)، أخرجه البخاري، ومسلم، والترمذي، من طرق، عن سفيان ابن عيينة، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن أبي معمر، عن ابن مسعود رضي الله عنه.
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَقُلۡ جَآءَ ٱلۡحَقُّ وَزَهَقَ ٱلۡبَٰطِلُۚ إِنَّ ٱلۡبَٰطِلَ كَانَ زَهُوقٗا} (81)

أعقب تلقينه الدعاءَ بسداد أعماله وتأييده فيها بأن لقنه هذا الإعلان المنبىء بحصول إجابة الدعوة المُلْهَمَة بإبراز وعده بظهور أمره في صورة الخبر عن شيء مضى .

ولما كانت دعوة الرسول هي لإقامة الحق وإبطالِ الباطل كان الوعد بظهور الحق وعداً بظهور أمر الرسول وفوزه على أعدائه ، واستحفظه الله هذه الكلمة الجليلة إلى أن ألقاها يوم فتح مكة على مسامع من كانوا أعداءه فإنه لما دخل الكعبة ووجد فيها وحولها الأصنام جعل يشير إليها بقضيب ويقول : { جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقاً } فتسقط تلك الأنصاب على وجوهها .

ومجيء الحق مستعمل مجازاً في إدراك الناس إياه وعملهم به وانتصار القائم به على معاضديه تشبيهاً للشيء الظاهر بالشيء الذي كان غايباً فورد جائياً .

و { زهَق } اضمحل بعد وجوده . ومصدره الزُهوق والزَهَق . وزهوق الباطل مجاز في تركه أصحابه فكأنه كان مقيماً بينهم ففارقهم . والمعنى : استقر وشاع الحق الذي يدعو إليه النبي وانقضى الباطل الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم ينهى عنه .

وجملة { إن الباطل كان زهوقاً } تذييل للجملة التي قبله لما فيه من عموم يشمل كل باطل في كل زمان . وإذا كان هذا شأن الباطل كان الثبات والانتصار شأن الحق لأنه ضد الباطل فإذا انتفى الباطل ثبت الحق .

وبهذا كانت الجملة تذييلاً لجميع ما تضمنته الجملة التي قبلها . والمعنى : ظهر الحق في هذه الأمة وانقضى الباطل فيها ، وذلك شأن الباطل فيما مضى من الشرائع أنه لا ثبات له .

ودل فعل { كان } على أن الزهوق شنشنة الباطل ، وشأنه في كل زمان أنه يظهر ثم يضمحل ، كما تقدم في قوله تعالى : { أكان للناس عجباً } في صدر سورة [ يونس : 2 ] .