اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَقُلۡ جَآءَ ٱلۡحَقُّ وَزَهَقَ ٱلۡبَٰطِلُۚ إِنَّ ٱلۡبَٰطِلَ كَانَ زَهُوقٗا} (81)

ولما سأل الله تعالى النُّصرة ، بيَّن أنَّه أجاب دعاءه ؛ فقال : { وَقُلْ جَآءَ الحق } . وهو دينه وشرعه .

قوله : { وَزَهَقَ الباطل } . وهو كل ما سواه من الأديان ، والشَّرائع ، قاله السديُّ{[20651]} .

وقيل : جاء الحقُّ ، أي : القرآن{[20652]} . وزهق الباطل ، أي : ذهب الشيطان ، قاله قتادة{[20653]} .

وقيل : الحقُّ : عبادة الله تعالى ، والباطل عبادة الأصنام{[20654]} .

وعن ابن مسعودٍ : أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم دخل مكَّة يوم الفتح ، وحول البيت ثلاثمائةٍ وستُّون صنماً ، فجعل يضربها بعودٍ في يده ، وجعل يقول : { جَآءَ الحق وَزَهَقَ الباطل }{[20655]}

[ أي : ذهب الشيطان ] فكان الصَّنمُ ينكبُّ على وجهه .

قوله : { إِنَّ الباطل كَانَ زَهُوقاً } . أي : إنَّ الباطل ، وإن كان له دولةٌ ، لا يبقى ، بل يزول بسرعة .

والزُّهوقُ : الذَّهاب ، والاضمحلال ؛ قال : [ الكامل ]

ولقَدْ شَفَى نَفْسِي وأبْرَأ سُقمهَا *** إقْدامهُ بِمزَالةٍ لمْ يَزْهقِ{[20656]}

يقال : زهقت نفسي تزهقُ زهوقاً بالضمِّ ، وأمَّا الزَّهوقُ ، بالفتح ، فمثال مبالغة ؛ كقوله : [ الطويل ]

ضَرُوبٌ بِنصْلِ السَّيْفِ سُوقَ سِمانِها *** . . . . . . . . . . {[20657]}


[20651]:ذكره البغوي في "تفسيره" (3/132).
[20652]:ينظر: المصدر السابق.
[20653]:ينظر: المصدر السابق.
[20654]:ينظر: المصدر السابق.
[20655]:أخرجه البخاري 7/609 كتاب المغازي: باب أين ركز النبي صلى الله عليه وسلم (4287) ومسلم 3/1408 كتاب الجهاد: باب إزالة الأصنام (87 ـ 1781) والترمذي 5/238 كتاب تفسير القرآن: باب من سورة بني إسرائيل (3138).
[20656]:ينظر البيت في البحر 6/67، الدر المصون 4/415.
[20657]:تقدم.