البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَقُلۡ جَآءَ ٱلۡحَقُّ وَزَهَقَ ٱلۡبَٰطِلُۚ إِنَّ ٱلۡبَٰطِلَ كَانَ زَهُوقٗا} (81)

زهقت نفسه تزهق زهوقاً ذهبت ، وزهق الباطل زال واضمحل ، ولم يثبت .

قال الشاعر :

ولقد شفى نفسي وأبرأ سقمها . . . ***إقدامه مزالة لم تزهق

وقال ابن جريج : الجهاد و { الباطل } الشرك .

وقيل : الإيمان والكفر .

وقال مقاتل : جاءت عبادة الله وذهبت عبادة الشيطان ، وهذه الآية نزلت بمكة ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يستشهد بها يوم فتح مكة وقت طعنه الأصنام وسقوطها لطعنه إياها بمخصرة حسبما ذكر في السير .

و { زهوقاً } صفة مبالغة في اضمحلاله وعلم ثبوته في وقت مّا .

و { من } في { من القرآن } لابتداء الغاية .

وقيل للتبعيض قاله الحوفي : وأنكر ذلك لاستلزامه أن بعضه لا شفاء فيه ورد هذا الإنكار لأن إنزاله إنما هو مبعض .

وقيل : لبيان الجنس قاله الزمخشري وابن عطية وأبو البقاء ، وقد ذكرنا أن من التي لبيان الجنس لا تتقدم على المبهم الذي تبينه وإنما تكون متأخرة عنه .