المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية  
{وَقُلۡ جَآءَ ٱلۡحَقُّ وَزَهَقَ ٱلۡبَٰطِلُۚ إِنَّ ٱلۡبَٰطِلَ كَانَ زَهُوقٗا} (81)

وقوله { وقل جاء الحق } الآية ، قال قتادة : { الحق } القرآن ، و { الباطل } الشيطان ، وقالت فرقة : { الحق } الإيمان ، { والباطل } الكفر ، وقال ابن جريج : { الحق } الجهاد ، { والباطل } الشرك ، وقيل غير ذلك ، والصواب تعميم اللفظ بالغاية الممكنة ، فيكون التفسير جاء الشرع بجميع ما نطوى فيه ، { وزهق } الكفر بجميع ما انطوى فيه ، و { الباطل } كل ما لا تنال به غاية نافعة . وقوله { كان زهوقاً } ليست { كان } إشارة إلى زمن مضى ، بل المعنى كان وهو يكون ، وهذا كقولك كان الله عليماً قادراً ونحو هذا ، وهذه الآية نزلت بمكة ، ثم إن رسول الله كان يستشهد بها يوم فتح مكة وقت طعنه الأصنام وسقوطها لطعنه إياها بالمخصرة{[7679]} حسبما في السيرة لابن هشام وفي غيرها .


[7679]:المخصرة : ما يتوكأ عليها كالعصا ونحوه، وقضيب يشار به في أثناء الخطابة، وكان يتخذه الملوك والخطباء. وقد روى ابن مسعود أن رسول الله صلى عليه وسلم دخل مكة وحول البيت ثلاثمائة وستون صنما، فجعل يطعنها ويقول: (جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا)، أخرجه البخاري، ومسلم، والترمذي، من طرق، عن سفيان ابن عيينة، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن أبي معمر، عن ابن مسعود رضي الله عنه.