التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز  
{وَقُلۡ جَآءَ ٱلۡحَقُّ وَزَهَقَ ٱلۡبَٰطِلُۚ إِنَّ ٱلۡبَٰطِلَ كَانَ زَهُوقٗا} (81)

قوله : ( وقل جاء الحق وزهق الباطل ) المراد بالحق ، الإسلام ، بكل ما فيه من الخير والرحمة والنعمة للبشر ، وما حواه من هائل الأحكام والمعاني في كل مناحي الحياة ، وهو منهج الله القويم أنزله للناس ليستضيئوا بنوره الساطع ، وليهتدوا به في دنياهم ؛ فيحيوا حياتهم هذه آمنين سعداء ، وقد أظلتهم أفياء المودة والأخوة والأمان .

ذلك هو الحق الذي هتف به الرسول الأمين ( ص ) لما أمره ربه أن يتلو على الناس ( وقل جاء الحق وزهق الباطل ) ( زهق ) ، بمعنى اضمحل وبطل ؛ أي ظهر الإسلام . واضمحل وزال ماعداه ، فما عداه باطل ( إن الباطل كان زهوقا ) والباطل يتناول كل وجوه الكفر على اختلاف صوره ومسمياته . ومن طبيعة ذلك كله الزهوق وهو البطلان والزوال لا محالة . فأيما باطل فإنه زاهق ؛ إذ هو في ذاته باطل ؛ لأنه بني على الفساد والأثرة والهوى والإدبار الكامل عن منهج الله . فهو لا محالة صائر إلى الزهوق ، وهو البطلان المحقق والانهيار الشامل الكامل . وهذه حقيقة لا ينكرها إلا تائه مخدوع أو سقيم النفس ، سادر في الجهالة والوهم . وبذلك أيما محجة أو طريقة أو أسلوب مغاير لمنهج الله وهو الإسلام ، فإن مصيره التدمير والزوال والخسران في هذه الدنيا ، قبل الخسران الأكبر يوم القيامة .

وفي هذا الصدد أخرج البخاري عن عبد الله بن مسعود قال : دخل النبي ( ص ) مكة وحول البيت ستون وثلاثمائة نصب . وفي رواية : صنم ، فجعل يطعنها بعود في يده ويقول : ( جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا ) ( جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد ) {[2732]} .


[2732]:- تفسير ابن كثير جـ3 ص 59 وأحكام القرآن لابن العربي جـ3 ص 1207-1210 وأسباب النزول للنيسابوري ص 197.